اخبار لبنان

الهديل

سياسة

جعجع: سلاح "الحزب" لا يحمي الشيعة بل يحتمي بهم

جعجع: سلاح "الحزب" لا يحمي الشيعة بل يحتمي بهم

klyoum.com

جعجع: سلاح "الحزب" لا يحمي الشيعة بل يحتمي بهم

شدّد رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع على أنّ سلاح "حزب الله" غير الشرعي "لا يحمي الشيعة بل يحتمي بهم، ولا يؤمّن مصالحهم بل يغرقهم في مخاطر وحروب وجوديّة. واعتبر أنّ هذا السلاح لم يكن يومًا ضمانة لهم أو مرتبطًا بكرامتهم وشرفهم، مؤكّدًا أنّ المعادلة التي تدّعي بأن تسليم السلاح سيؤدي إلى إضعاف الطائفة الشيعية وانتهائها ليست سوى "هراء وافتراء". وقال ان "عمر الشيعة في لبنان ضارب في التاريخ، وعزّتهم وأمنهم وكرامتهم من عزّة لبنان وأمنه وكرامته".

وطمأن جعجع أبناء الطائفة الشيعية بأنّ "أكثريّة اللبنانيين لا ترضى أن يصيبكم ما أصابنا في حقبة الوصاية السابقة بعد أن سلّمنا سلاحنا. الأيّام اختلفت والظروف تغيّرت: لا غازي كنعان ولا رستم غزالة، ولا سلطة وصاية جائرة تعمل لصالح نظام الأسد ووفق مفاهيمه، بل سلطة وطنية انبثقت عن مجلس نيابي حقيقي ساهمنا جميعًا، أنتم ونحن، في انتخاب أعضائه، وتحت أنظار حكومة كنتم أكثريّة فيها".

وأكد جعجع أنّه "لا حرب أهلية في لبنان ولا أحد يريدها، وإن أردتموها حربًا من طرف واحد فافعلوا، ولكن اعلموا أنّ مشكلتكم ليست مع أي طائفة أو فريق أو حزب، بل مع الدولة وحكومتها وجيشها ومؤسساتها وداعميها ومع غالبية ساحقة من الشعب اللبناني".

كما تطرّق إلى الاستحقاق النيابي المقبل، كاشفًا تمسّك حزب "القوات اللبنانية" بإجرائه في موعده المحدّد، من دون التفكير أو التوجّه إلى التمديد تحت أي ظرف أو ذريعة.

هذه المواقف أطلقها جعجع عقب القداس الاحتفالي في ذكرى شهداء "المقاومة اللبنانية"، في معراب، تحت عنوان "نجرؤ ليبقى لبنان"، الذي نظمته "القوات اللبنانية" برعاية البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ممثّلًا بالنائب البطريركي على منطقة جونية المطران يوحنا رفيق الورشا.

وشارك في القداس ممثلون عن عدد من البطاركة، أبرزهم: كاثوليكوس بيت كيليكيا للأرمن الأرثوذكس البطريرك آرام الأول كيشيشيان ممثّلًا بالأرشمندريت سركيس أبراهاميان، بطريرك الروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي ممثّلًا برئيس الإكليريكية البطريركية في رياق الأب إلياس إبراهيم، بطريرك الأرمن الكاثوليك روفائيل بدروس الحادي والعشرون ميناسيان ممثّلًا بالأب رافي أوهانسيان، بطريرك السريان الكاثوليك اغناطيوس يوسف الثالث يونان ممثّلًا بالأب طارق خياط.

كما شارك المطران ميخائيل شمعون (جبل لبنان – السريان الأرثوذكس)، المطران غي بولس نجيم، والأباتي بيار نجم ممثّلًا الرئيس العام للرهبانية المريمية المارونية، والمدبر العام طوني فخري ممثّلًا الرئيس العام للرهبانية اللبنانية المارونية، والمدبر العام بشارة إيليام ممثّلًا الرئيس العام للرهبانية الأنطونية المارونية، والمشير العام الأب غسان مطر ممثّلًا الأب العام لجمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة، والمطران مسروب سالاهيان الرئيس الإقليمي لرهبانية المخيتاريست.

كما حضر الأمين العام للمدارس الكاثوليكية الأب المونسيور يوسف نصر، وممثلون عن أبرشيات صيدا وصور ومرجعيون للروم الأرثوذكس، صور للروم الكاثوليك، صيدا للروم الكاثوليك، أنطلياس المارونية، وصربا المارونية، إضافة إلى أكثر من 100 خورأسقف وراهب وكاهن.

وحضر القداس، إلى جانب رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع وعقيلته النائب ستريدا جعجع، عدد من الشخصيات السياسية والدينية والوطنية، أبرزهم: النائب نديم الجميّل ممثلاً الرئيس أمين الجميّل ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل، الوزير السابق نقولا نحاس ممثلاً الرئيس نجيب ميقاتي، النائب مروان حمادة ممثلاً الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، والرئيس الحالي النائب تيمور جنبلاط وكتلة "اللقاء الديمقراطي"، ووزراء: الخارجية يوسف رجي، العدل عادل نصار، الصناعة جو عيسى الخوري، الإعلام بول مرقص، السياحة لورا الخازن، ووزير المهجرين والدولة لشؤون تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي كمال شحادة، الداخلية أحمد الحجار ممثلاً العميد سامي ناصيف، رئيس حزب "الوطنيين الأحرار" النائب كميل شمعون، رئيس حزب "سند" النائب أشرف ريفي، رئيس حزب "الحوار" النائب فؤاد مخزومي، رئيس حركة الاستقلال النائب ميشال معوض.

كما حضر النواب: أغوب بقرادونيان، نعمة إفرام، أحمد الخير، ميشال الدويهي، جميل عبود، ملحم خلف، راجي السعد، إلياس حنكش، غسان سكاف، ونواب تكتل "الجمهورية القوية": جورج عدوان، غسان حاصباني، أنطوان حبشي، جورج عقيص، زياد الحواط، شوقي الدكاش، ملحم رياشي، فادي كرم، غياث يزبك، غادة أيوب، إلياس اسطفان، نزيه متى، إيلي خوري، جهاد بقرادوني، رازي الحاج، وسعيد الأسمر.

كما شارك الوزراء السابقون: إبراهيم النجار، محمد رحال، آلان حكيم، إيلي ماروني، مي شدياق، ريشار قيومجيان، جو سركيس، سليم وردة، وطوني كرم، والنواب السابقون: منصور البون، هادي حبيش، محمود عوّاد، قيصر معوّض، عثمان علم الدين، محمد رحّال، باسم الشاب، جواد بولس، أنطوان بو خاطر، إيلي كيروز، وهبي قاطيشا، إدي أبي اللمع، جوزيف إسحق، فادي سعد، عماد واكيم، ورامي فنج، رئيس حزب "الاتحاد السرياني" إبراهيم مراد، رئيس الرابطة المارونية مارون الحلو، والمحامي مجد بطرس حرب، فضلاً عن أعضاء الهيئة التنفيذية والمجلس المركزي، الأمناء العامون والمساعدون، ورؤساء المصالح والمناطق، إلى جانب فاعليات سياسية ودبلوماسية ودينية وأمنية ونقابية، ومجالس بلدية واختيارية، وشخصيات اقتصادية واجتماعية وتربوية وثقافية وفنية وإعلامية وحزبية، بالإضافة إلى أهالي الشهداء وحشد من القواتيين.

وعقب الذبيحة الإلهية، تلا رئيس مكتب التواصل مع المرجعيات الروحية أنطوان مراد كتاباً مُرسلاً من رئاسة الجمهورية إلى رئيس حزب "القوات اللبنانية"، جاء فيه: "تلقى رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون واللبنانية الأولى السيدة نعمت عون دعوتكم للمشاركة في الذبيحة الإلهية لراحة أنفس شهداء المقاومة اللبنانية، وذلك يوم الأحد الواقع فيه 7 أيلول 2025 في باحة المقرّ العام للحزب في معراب. يسرنا في هذه المناسبة أن ننقل إليكم شكر السيد الرئيس واللبنانية الأولى على دعوتكم الكريمة، مع تقديرهما لتضحيات اللبنانيين من أجل وطنهم، لا سيما أولئك الذين قدّموا أرواحهم إيمانا بحرية وكرامة الإنسان، على أن تثمر هذه التضحيات مستقبلًا أفضل للدولة بكافة مؤسساتها. مع التمنيات بدوام التوفيق والتقدّم".

واستهلّ جعجع كلمته بتوجيه التحية إلى الشهداء الرفاق، قائلاً: "عامًا بعد عام، ولعقود خلت، كنّا نلتقي، وبالأخص في هذا المكان بالذات، حيث كنت أقول لكم دائمًا: ناموا قريري العين. أنا أعرف أنّكم، وحتى عندما كنتم بيننا على هذه الأرض، ما كنتم تنامون، فكيف بالحري بعد ما أصبحتم في العلياء حيث أنتم. المقصود بقولنا ذلك لم يكن طبعًا أن تناموا، بل أن تكونوا مطمئنّين إلى أنّنا نحن رفاقكم هنا، على العهد باقون، وحتى تحقيق الأهداف التي من أجلها استشهدتم، مستمرّون. البعض كان يعتبر هذا الكلام، خصوصًا في السنوات الصعبة، وقد كانت تقريبًا كلّها صعبة، كلامًا من قبيل رفع المعنويات أو لأغراض خطابية. لكنّنا نلتقي اليوم، وقد تأكّد المؤكّد، بأنّ هذا الكلام لم يكن لا لأغراض خطابية ولا لرفع المعنويات، بل لتوصيف واقع نضالنا كما هو تمامًا، وللكلام عمّا نحن فاعلون بكلّ دقّة وأمانة وإخلاص".

وأضاف: "منذ خمسين عامًا تجرّأنا، وسقط منّا الشّهداء قوافل قوافل ليبقى لبنان، وبقي لبنان. خمسون عامًا ونحن نناضل، نقاوم، نواجه، وندفع الأثمان الغالية في وجه احتلال من هنا ووصاية من هناك، وسلاح من هنا وترسانات من هناك. لوحقنا، نُكّل بنا، رُكّبت بحقّنا الملفات والاتهامات والمحاكمات، منع وقمع، اعتقال واغتيال، وما تخلّينا عن ذرّة من قناعاتنا. بعد خمسين عامًا، تأكّد للقاصي والدّاني ما كنّا نردّده دومًا بأنّ دماءكم لم تذهب هدرًا، وبأنّ التضحيات بالأرواح والدمّ والعرق والسهر تثمر حتمًا وحكمًا. شهداؤنا الأبطال، لقد كنتم دائمًا معنا، في مختلف المفاصل والمحافل، في شتّى المواقف والقرارات، وكما خضتم المعارك العسكرية بشرف وإخلاص فريد للقضية حتى الشهادة، خضنا وبوحي شهادتكم أعظم المعارك الوطنية والسياسية والانتخابية، وانتصرنا في محطات معبّرة، وعلى غراركم، لم نكن نملك القدرات الكبيرة ولا الإمكانات الكافية، لكن صمدنا وخضنا المواجهات، فعوّضنا بالإيمان والجرأة والشجاعة والتخطيط والإقدام ما فاتنا بالعدة والعديد. أجل، تجرّأنا حيث لم يجرؤ الآخرون ليبقى لبنان وتبقى لنا الحرية والسيادة، ونجرؤ اليوم وسنجرؤ دائمًا وأبدًا، لنبقى ونستمر في وطن عزيز ودولة ناجزة السيادة".

جعجع تابع في رسالته إلى الشهداء، وقال: "نلتقي اليوم لنقول لكم بالفم الملآن والرأس المرفوع والضمير المرتاح، بأنّنا كنّا بالفعل على قدر التحدّي. لقد واجهنا ما لم يواجهه أحد، بدءًا باستشهادكم وانتهاء باستشهاد الياس الحصروني وباسكال سليمان وسليمان سركيس ورولان المرّ، وما بين ذلك من نضال، وتعب وكدّ وجدّ واضطهاد وسجن وملاحقات ومضايقات ومحاولات عزل وحصار لم تنته حتى الساعة. لكنّنا واجهنا دائمًا ببسالة وثبات، ولم نحد لحظةً عن خطّنا التاريخي، خطّ سيادة الدولة اللبنانية، خط القوات اللبنانية، خط حريتنا التي لا تقبل أي مساس بها، وخط قناعاتنا كلّها. "المواجهة المستمرة" كانت شعارنا كل يوم، وفي كل مناسبة وفي كل الظروف، ومهما كان الثمن، إلى أن دار التاريخ دورته الكاملة وأثمرت مواجهاتنا المستمرة انتصارات كاملة في كل الاتجاهات. "إذا طمحت للحياة النفس فلا بدّ أن يستجيب القدر"، ولقد طمحنا للحياة وواجهنا في سبيلها، ولقد استجاب القدر".

وأردف: "ما ناضلنا واستشهدنا وتقطّعت أوصال البعض منا في سبيله قد تحقّق. أحلام خمسين عامًا تحقّقت كلها دفعةً واحدة. من كان ليقول! كنّا نناضل بنور التزامنا وإيماننا فقط، لا غير، من دون أي موازين قوى لصالحنا، حتى من دون أي أفق، أو من دون أن نرى بصيص أمل في نهاية النفق. كنّا نقاتل ونناضل ونواجه ببصيص نور إيماننا وثقتنا بالله وبأنفسنا فحسب. ناضلنا من أعماق السجون تحت سابع أرض، استمرّينا في أصقاع الدّنيا الأربعة، صمدنا في كل زاوية من زوايا لبنان المعتمة بعيدًا عن أعين سلطة الوصاية، وعلى الرغم من بطشها. كم قيل لنا: أنتم مستمرّون على أي أساس؟ وعلى ماذا تتّكلون؟ كل المعطيات تشير إلى أنّكم خاسرون ولا أمل لكم في شيء بتاتًا. المعادلة الداخلية ضدكم، والمعادلة الإقليمية بوجود سوريا الأسد تطلب رأسكم، والمعادلة الدولية غائبة. ودار التاريخ دورته الكاملة وأثبت للجميع من دون استثناء، أنّنا وبعد ما كنّا الأخيرين في تصنيف الأخصام، أصبحنا الأوّلين باعتراف الجميع، وأنّ الحجارة التي رُمت علينا من قبل بنّاؤو السياسة الرخيصة في لبنان، وبعثروها في أصقاع الدّنيا الأربعة وغياهب النسيان، قد أصبحت حجارة الأساس التي يقوم عليها البناء كله ولبنان الغد. العبرة من كلّ هذا: مهما حاول المحاولون، ومهما كثر الشر، ومهما طغى السوء، فإنّه في نهاية المطاف لن يصحّ إلا الصّحيح، ولن تكون إلا مشيئته، كما في السماء كذلك على الأرض".

أما للبنانيين فتوجّه "رئيس القوات" بالقول: "خمسة وثلاثون عامًا بالتمام والكمال من حياتنا الوطنية والمجتمعية والشخصية أضاعوها علينا، خمسة وثلاثون عامًا من الأحلام المنكسرة والفرص الضائعة، خمسة وثلاثون عامًا من العذابات والآفاق المسدودة والشابات والشبان الذين اضطرّوا إلى الانسلاخ عن أهلهم، خمسة وثلاثون عامًا من العائلات الممزقة، والقرى النازفة والوطن الجريح، خمسة وثلاثون عامًا تركت تقريبًا في قلب كل لبناني وقصة مؤلمة موجعة عن وطن منشود لم يوجد، عن قانون لم يطبّق، عن لقمة عيش سرقتها جماعة الأسد والممانعة وحلفاؤهم من اللصوص المحليين من أفواه أطفالنا، واستمرّوا في سرقتها بعد خروج الأسد من لبنان وحتى البارحة. نحن لا نتطرّق إلى هذا الموضوع للبكاء على الأطلال، بل لاتخاذ العبر ووضع حد نهائي للسّنوات الضائعة والانطلاق نحو المستقبل. لن نقبل بعد الآن إلا أن يكون القرار لبنانيًا مئة بالمئة، كما نرفض أي قرار، مهما صغر أو كبر، خارج إطار المؤسسات الدستورية: رئاسة الجمهورية، المجلس النيابي، ومجلس الوزراء. لن نقبل بتجيير للمصلحة اللبنانية العليا لأي من المصالح الأخرى مهما سمت ومهما كان اسمها. فالقضية اللبنانية أولًا وأولًا وأولًا، وأخيرًا وأخيرًا وأخيرًا على كل ما عداها".

جعجع وفي خطابه في ذكرى شهداء "المقاومة اللبنانية"، توقّف عند أداء الموالين لـ"محور الممانعة"، وقال لهم: "لقد أمسكتم، وبقوة السلاح والإرهاب، برقاب اللبنانيين لسنوات طويلة ودمّرتم أحلامهم ومؤسساتهم، وأردتم فرض مشروعكم على حساب مشروع الدولة. لقد ارتكبتم أخطاءً وخطايا فظيعة بحق لبنان وشعبه وبيئتكم، أخذتم لبنان رهينةً وصادرتم قرار الحرب والسلم بعدما أمعنتم في تمزيق الدولة وتحويلها إلى أشلاء، وفي تقطيع أوصال لبنان وعلاقاته مع محيطه العربي والمجتمع الدولي. ذهبتم إلى القتال في سوريا دفاعًا عن نظام مجرم، إلى حرب لا ناقة للبنان فيها ولا جمل، ولا تمت بصلة إلى مفاهيمه ودوره وتكوينه. تورّطتم في حرب إسناد وأخطأتم التقدير وجلبتم النار والدمار والويلات والنكبات. خسرتم الحرب التي كشفت عن ضعفكم وعن اختراقات واسعة في صفوفكم، ووافقتم على اتفاق وقف إطلاق النار مع علمكم أنّه تسليم واستسلام. وبعد كل ذلك، تكابرون وتنكرون الخسارة والواقع الجديد، وتتكبّرون على الدولة وتتّهمونها هي بالتخاذل، وتحمّلونها مسؤوليّة ما آلت إليه أوضاعكم وأوضاع البلد، وتتذرّعون دائمًا أبدًا باتفاق وقف إطلاق النار، وبأنّكم التزمتم بينمّا إسرائيل لم تلتزم".

وبعدما لفت إلى أنه: "صحيح أنّ إسرائيل لم تلتزم، لكن كنتم أنتم البادئين بعدم الالتزام، إذ إنّ الاتّفاق لم ينصّ فقط على وقف لإطلاق النّار، إنّما أيْضًا على فكفكة كلّ البنى العسكريّة غير الشّرعيّة في لبنان وإيداع أسلحتها لدى الجيش اللّبنانيّ، وألّاتبقى قوىً مسلّحة في لبنان إلّا الشّرعيّة منها، وقد حدّدها بالإسم حصرًا هذا الاتّفاق الذي كنتم أنتم بالتّحديد وراءه."

وقال: "تتناسون دائمًا، بحجج مختلفة الموجبات المترتّبة عليكم وتتلطّون بالإسرائيليّين، والإسرائيليّون بدورهم يتلطّون بكم، فيما الشّعب اللّبنانيّ محاصر في الوسط."

وإذ رأى أنه: "لدينا في الوقت الحاضر مشكلتان، لا مشكلة واحدة فقط: الأولى الاعتداءات الإسرائيليّة واحتلال بعض النّقاط في الجنوب، فيما الثّانية هي السّلاح غير الشّرعيّ في الدّاخل"، أوضح جعجع أن: "مشكلة السّلاح غير الشّرعيّ في الدّاخل تستعمل كحجّة وذريعة وتغطية للاحتلال الإسرائيليّ في الجنوب، بالوقت الذي لا يقدّم هذا السّلاح ولا يؤخّر في المعطى الإسرائيليّ، وكما أظهرته بوضوح أحداث السّنتين الأخيرتين، في حين تأخذه إسرائيل حجّةً وذريعةً مقبولةً في كلّ دول العالم لدى جميع أصدقاء لبنان، لاستمرارها في اعتداءاتها".

وسأل: "هل يكون مطلب نزع كلّ سلاح غير شرعيّ مطلبًا غير وطنيّ ويضعف موقف لبنان؟ بالإضافة إلى هذا الاعتبار العملانيّ المرحليّ، وأهمّ منه بكثير، تأتي الأسباب اللّبنانيّة الدّاخليّة الجوهريّة الكائنة وراء هذا المطلب من تطبيق اتفاق الطّائف، وصولًا إلى قيام دولة حقيقيّة. لا خلاص للبنان، بالمجالات كافة، من دون قيام دولة فعليّة، ولا دولة فعليّة بوجود سلاح غير شرعيّ خارجها. أقصر طريق لإخراج إسرائيل من الجنوب ووقف اعتداءاتها، لا بل، وكما أصبح واضحًا الآن، لا طريق البتّة للتّخلّص من إسرائيل واعتداءاتها إلّا بقيام دولة فعليّة في لبنان. بالتالي، هل يكون مطلب نزع أيّ وكلّ سلاح غير شرعيّ وقيام الدولة الفعليّة مطلبًاغير وطنيّ؟ أم أنّه المطلب الوحيد الوطنيّ بامتياز؟".

وتابع: "تشاركون في الحكومة وتوافقون على بيانها الوزاريّ ثمّ تنقلبون عليها وترفضون "حصر السّلاح" عندما دقّت ساعة الحقيقة وحان الوقت لوضع هذا المبدأ موضع التنفيذ. تتحاملون على رئيس الجمهوريّة وتهدّدون رئيس الحكومة وتتّهمونهما بالخيانة وتنفيذ أجندة أميركيّة، أنتم المنخرطون في مشروع إيرانيّ توسّعيّ مدمّر كنتم رأس حربة فيه وفي مقدّمة أدواته وأذرعه، وخدمتم أهدافه والتزمتم بأجندته غير آبهين بمصلحة لبنان واللّبنانيّين. بدل أن تستفيقوا وتهدأوا وتراجعوا حساباتكم، تراكم تندفعون إلى الأسوأ وتهدّدون بحرب أهليّة وبالويل والثّبور وعظائم الأمور إذا بدأت الحكومة، انطلاقًا من مسؤوليّاتها الوطنيّة، وتنفيذًا لاتّفاق الطّائف وعملًا بأحكام الدّستور، إذا بدأت في تنفيذ قرارها وخطّتها في حصر السّلاح بيد الدّولة ومؤسّساتها العسكريّة الأمنيّة الشّرعيّة".

واستطرد: "لأخذ العبرة فحسب: قبل أسبوعين من قبول قرار وقف إطلاق النّار في الحرب العراقيّة الإيرانيّة في العام 1988، أكّد الإمام الخمينيّ على استمرار المقاومة، واصفًا أيّ تردّد في هذا المسار بالخيانة. بعدها بأسبوعين فقط، أعلن قبوله بوقف إطلاق النّار، ولو أنّ هذا القبول بالنسبة له كان كمن يتجرّع العلقم. اليوم، أنتم في حزب الله في وضع مماثل، تعلنون التّمسّك بسلاحكم وتستعيدون خطاب الحروب، بينما الواقع على الأرض يتطلّب اتّخاذ قرارات واقعيّة وتجنّب المزيد من الانتحار. كفاكم العيش في حالة إنكار، فلا أحد منّا أكبر من التّاريخ. إفعلوا ذلك وتجرّؤوا، إنْ لم يكنْ من أجلكم، فعلى الأقلّ من أجل حاضنتكم الشّعبيّة التي آمنت بكم، وإذْ بسلاحكم هذا يجرّ عليها الويْلات. فالحصيلة كارثيّة: بلدات وقرى دمّرت عن بكرة أبيها وأصبح أبناء بيئتكم غير مرغوب بهم في معظم دول العالم ولا سيّما في الدّول العربيّة. وثمّة سؤال: هل نصرتم بسلاحكم المظلوم؟ وساندتم المحروم؟ وسلّيتم المأزوم؟ دعونا من الشّعارات وأبرزها: أقتلونا فإنّ شعبنا سيَعي أكثر فأكثر. شعبكم وعى الحقيقة وهي مؤلمة، وعى أنّ الحياة أهمّ من الموت، وأنّ الأطفال الأحياء هم الكرامة الحقيقيّة. لذا عودوا إلى لغة العقل، وتعقّلوا وشاوروا وتذكّروا كلام الإمام عليّ: «من شاور الرّجال شاركها في عقولها، وأعقل الناس من أضاف عقول النّاس على عقله".

وبكلّ صراحة وبساطة، قال جعجع لموالي "محور الممانعة": "إذا كنتم تعتقدون وتتصوّرون أنّ بإمكانكم التّهديد والوعيد والتّهويل والتّخويف فأنتم مخطئون واهمون… لا 7 أيّار من جديد ولا من يحزنون، ولا من يطوّقون السّرايا ولا غيرها. لا حرب أهليّة ولا أحد يريدها، وإذا أردتموها حربًا من طرف واحد فافعلوا، ولكن اعْلموا أنّ مشكلتكم ليست مع أيّ طائفة أو فريق أو مع أيّ حزب، مشكلتكم مع الدّولة ومع حكومتها وجيشها ومؤسّساتها وداعميها ومع أغلبيّة ساحقة من الشّعب اللّبنانيّ. لن نقبل بعد اليوم أن يتحكّم فريق بمصير الشّعب اللّبنانيّ، وليكن معلومًا أنّ أحدًا في لبنان لا يمكنه لوحده أن يحكم ويتحكّم بمصير اللّبنانيّين، وأنّ أيّ فريق مهما تكبّر وتجبّر لا يمكنه أن يهيمن على الدولة ويصادر قرارها ويفرض قراره ومشيئته. إذا قرّرتم مواجهة الأكثريّة اللّبنانيّة وضرب عرض الحائط بمبادئ وقواعد العيش المشترك والوحدة الوطنيّة والسّلم الأهليّ، وإذا كنتم تهربون من حرب مع إسرائيل إلى حرب في الدّاخل، فأنتم ترتكبون خطأً وخطيئةً وخيمة العواقب لا تغتفر".

وأضاف: "أنتم عرفتم بعد فوات الأوان أنّ حربكم مع إسرائيل خاسرة مدمّرة، وعليكم أن تعرفوا وقبل فوات الأوان أنّ حربكم في الدّاخل أيًّا تكن ستكون خاسرةً ومدمّرةً وستخسرون كلّ شيء. وإذا كنتم تتهرّبون من تسليم السّلاح وتدّعون أنّ ذلك إنْ فعلتم سيكون استسلامًا، فأنتم تهربون من الاستسلام إلى الانتحار وتنحرون البلد معكم. أدركتم بعد فوات الأوان أنّكم تورّطتم في حرب خاسرة ووقعتم في مأزق ودخلتم في نفق، ولكن عليكم أن تدركوا الآن وقبل فوات الأوان أنّ باستطاعتكم الخروج من هذه الورطة وتفادي خسائر إضافيّة ومضاعفة إذا أخذتم الخيار الصّحيح وسلكتم طريق الانتقال من الّلاشرعيّة إلى الشّرعيّة، والخطوة الأولى هي تسليم السّلاح والانضواء في مشروع الدّولة وتحت سقفها وضمن مؤسّساتها. ما أنتم فاعلون حتّى الآن، لا يطمئن ولا يسير في الاتّجاه الصّحيح. عندما تبتدعون المبرّرات والذّرائع للتّمسّك بسلاح بات مصدر تهديد وخطر عليكم وعلينا، ولم يكن يومًا ضمانةً ومصدر حماية كما تزعمون، وعندما تدّعون أنّ هذا السّلاح مرتبط بتهديدات جديدة آتية من سوريا والحدود الشرقيّة أو أنّه مرتبط بكرامتكم وشرفكم وأنّكم إذا سلّمتم السّلاح ضعفتم وانكشفتم وانتهيتم وانتهى الشّيعة معكم، فهذا كلّه تخيّلات وهراء وكذب وافتراء، لأن عمر الشّيعة في لبنان ضارب في التّاريخ، وعزّتهم وأمنهم وكرامتهم منعزّة لبنان وأمنه وكرامته".

وذكّر أن: "الشيعة لم يأتوا إلى لبنان معكم، ومن المؤكّد أنّهم لن يذهبوا معكم! طالما هناك لبنان، هناك شيعة فيه، إن كان بوجود هذا الحزب أو من دونه، بوجود هذا الزّعيم أو من دونه. لقد تبيّن بالوقائع والتّجربة أنّ هذا السّلاح لا يحمي ولا يبني ولا يردع، وعلى العكس من ذلك تمامًا جلب الدّمار والخراب والتّهجير واستجلب احتلالًا جديدًا. وثبُت أيضًا أنّ هذا السّلاح لا يحمي الشّيعة وإنّما يحتمي بهم ويتّخذ منهم متراسًا، ولا يؤمّن مصالحهم ولا يعالج هواجسهم ومخاوفهم، لا بل يغرقهم في مخاطر وحروب وجوديّة".

لذا أكّد جعجع أنه: "آن الأوان كي يستفيق "حزب الله" من أوهامه ويترك بيئته والشّيعة يعيشون مثل سائر اللّبنانيّين، هذه البيئة التي أعطته كلّ ما لديها، كما آن الأوان للشّيعة الأعزّاء أن يفكّوا أسرهم بأيديهم وأن يعودوا إلى تاريخهم اللّبنانيّ وإلى حال الأمان والاستقرار جنبًا إلى جنب مع بقيّة اللّبنانيّين".

وبعدما استشهد بوصايا سماحة الإمام محمّد مهدي شمس الدّين:

"أوصي أبنائي إخواني الشّيعة الإماميّة في كلّ وطن من أوطانهم، وفي كلّ مجتمع من مجتمعاتهم، أن يدمجوا أنفسهم في أقوامهم وفي مجتمعاتهم وفي أوطانهم، وألا يميّزوا أنفسهم بأيّ تمييز خاصّ، وألا يخترعوا لأنفسهم مشروعًا خاصًّا يميّزهم عن غيرهم."

كذلك قال الإمام: "على الشّيعة اللّبنانيّين أنْ يندمجوا في محيطهم الإسلاميّ اللّبنانيّ اندماجًا كاملًا (…) وفي نفس الوقت هذا الاندماج لا يكون على قاعدة طائفيّة مذهبيّة، وإنّما يكون منسجمًا مع الاندماج في الوطن العامّ مع الشّعب اللّبنانيّ كلّه. (…) إنّ المسيحيّة في لبنان جزء مكوّن للبنان كالإسلاميّة في لبنان".

"أنتم مكوّن أساسيّ من المكوّنات اللّبنانيّة المؤسّسة للكيان اللّبنانيّ الذي أكّد عليه الإمام موسى الصّدر وطنًا نهائيًّا، والتزمتم به كذلك في الدّستور المنبثق عن وثيقة الوفاق الوطنيّ أي اتّفاق الطّائف. لا نرضى، نحن وأكثريّة اللّبنانيّين، ولا نقبل أن يصيبكم ما أصابنا في حقبة الوصاية السّابقة بعد أن سلّمنا سلاحنا، من إجحاف وتمييز وافتئات على الحقوق والدّور والحجم، ولا تشعروا أنّكم في خطر ومهدّدون… فالأيّام اختلفت والظّروف تغيّرت، فلا غازي كنعان ولا رستم غزالة، ولا سلطة وصاية جائرة تعمل لصالح نظام الأسد ووفق مفاهيمه، بل سلطة وطنيّة انبثقت بالفعل عن مجلس نيابيّ حقيقيّ، ساهمنا جميعًا، أنتم ونحن، في انتخاب أعضائه، وتحت أنظار حكومة كنتم أكثريّةً فيها. سلطة وطنيّة على رأسها العماد جوزيف عون، المشهود له، مذ كان قائدًا للجيش، بتعلّقه بالقوانين في ممارسة السّلطة، وحيث كان لكم يد طولى في انتخابه. سلطة وطنيّة يرأس حكومتها رئيس مشهود له، ولو اختلفتم معه بالرّأي، بالنّزاهة وبتمسّكه الشّديد بالقانون، كما تمسّكه من دون هوادة بالحرّيّات العامّة. والأهمّ من هذا كلّه، مجلس نيابيّ يتابع ويحاسب ويتدخّل عند الضّرورة. والأهمّ الأهمّ، عدم وجود أيّ نيّة عند أحد بالتّفرّد بالسّلطة، خلافًا لما كان عليه الأمر مع نظام الوصاية، وعدم قدرة لأحد بالتّفرّد بعد زوال السّلاح غير الشّرعيّ وعودة مؤسّسات الدّولة، خصوصًا الدّستوريّة منها إلى الحياة الطّبيعيّة".

وتابع: "لا تصدّقوا أنّ السّلاح يحميكم ويحصّل حقوقكم وشرفكم، ولكم في الحرب الأخيرة دليل ساطع وواقع لا مجال لإنكاره. ولا تصدّقوا أنّ الطّوائف الأخرى تشحذ الهمم والطاقات والغرائز للنّيل منكم. لا بل على العكس، لقد اشتقنا جميعًا إليكم شيعةً عامليّين لبنانيّين أصيلين. لا تصدّقوا ما يصوّر لكم بأنّ البحر من ورائكم والعدوّ من أمامكم وقد أصبح الخط

*المصدر: الهديل | alhadeel.net
اخبار لبنان على مدار الساعة