قتيل بغارة إسرائيلية على جنوب لبنان
klyoum.com
إسرائيل تدفع باتجاه تشدد الجانب اللبناني في تنفيذ قرار حصر سلاح "حزب الله"
قتل شخص صباح اليوم الإثنين جراء غارة إسرائيلية على جنوب لبنان، وفق ما أفادت وزارة الصحة، على وقع اتساع المخاوف من تصعيد جديد بعد نحو عام من سريان وقف إطلاق النار.
وكرر لبنان خلال الأسبوع الجاري إبداء استعداده للتفاوض مع إسرائيل من أجل وقف ضرباتها التي بلغت ذورتها الخميس الماضي مع استهداف مبان في جنوب لبنان، قالت إن "حزب الله" يستخدمها كبنى تحتية في سياق محاولاته لإعادة بناء قدراته العسكرية.
وأفادت وزارة الصحة في بيان اليوم بأن "غارة العدو الإسرائيلي على سيارة في بلدة البيسارية قضاء صيدا أدت إلى مقتل مواطن"، فيما أكدت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية أن "مسيرة إسرائيلية استهدفت صباحاً سيارة" على طريق عام رئيس في جنوب لبنان.
وشاهد مصور وكالة الصحافة الفرنسية في موقع الغارة عناصر من الإسعاف يعملون على جمع أشلاء من السيارة المتفحمة، بينما تناثرت قطع منها على الطريق العام وسط زحمة سير.
ويأتي ذلك غداة مقتل شخصين بغارتين إسرائيليتين على جنوب لبنان، وفقاً لوزارة الصحة. وقتل ثلاثة أشخاص أول من أمس السبت بغارات إسرائيلية كذلك بينهم اثنان اتهمهما الجيش الإسرائيلي بتهريب وسائل قتالية لمصلحة "حزب الله".
ومع اقتراب مرور عام على وقف إطلاق النار الذي أنهى حرباً استمرت سنة بين إسرائيل و"حزب الله"، تواصل تل أبيب شن غارات، خصوصاً على جنوب لبنان، وأبقت على وجود قواتها في خمس نقاط حدودية، يطالبها لبنان بالانسحاب منها.
وفي رسالة وجهها إلى المسؤولين والشعب اللبناني الخميس الماضي، أعلن "حزب الله" رفضه أن "يُستدرج" لبنان إلى "تفاوض سياسي مع إسرائيل".
وقال الرئيس اللبناني جوزاف عون قبل أيام إن "التفاوض هو النتيجة المتاحة لوقف الاعتداءات" الإسرائيلية.
ويتهم لبنان إسرائيل بخرق اتفاق وقف إطلاق النار الذي جرى التوصل إليه برعاية أميركية- فرنسية في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2024، من خلال الضربات والإبقاء على قوات داخل أراضيه، فيما تتهم حكومة بنيامين نتنياهو "حزب الله" بالعمل على ترميم قدراته العسكرية.
ونصّ الاتفاق على تراجع "حزب الله" من منطقة جنوب نهر الليطاني (على مسافة نحو 30 كيلومتراً من الحدود مع إسرائيل) وتفكيك بنيته العسكرية فيها، وحصر حمل السلاح في لبنان بالأجهزة الرسمية. كذلك نص على انسحاب إسرائيل من مناطق تقدمت إليها خلال الحرب.
وقررت الحكومة اللبنانية، بضغط أميركي، في أغسطس (آب) الماضي، تجريد "حزب الله" من سلاحه. ووضع الجيش خطة من خمس مراحل لسحب السلاح، في خطوة رفضها الحزب، واصفاً القرار بأنه "خطيئة".
في سياق متصل قال ثلاثة مسؤولين أمنيين لبنانيين ومسؤولان إسرائيليان إن إسرائيل تضغط على الجيش اللبناني ليكون أكثر صرامة في تنفيذ حصر سلاح "حزب الله" المدعوم من إيران من خلال تفتيش ممتلكات خاصة في الجنوب بحثاً عن أسلحة.
وقال المسؤولون الأمنيون اللبنانيون لوكالة "رويترز" إن هذا الطلب طُرح في الأسابيع القليلة الماضية ورفضته قيادة الجيش اللبناني خشية أن يؤدي إلى إشعال فتيل نزاعات أهلية وعرقلة استراتيجية نزع السلاح التي يرى الجيش أنها استراتيجية تتوخى الحذر لكنها فعّالة.
وعبر الجيش عن ثقته في قدرته على إعلان جنوب لبنان خالياً من أسلحة "حزب الله" بحلول نهاية 2025، بما يتماشى مع اتفاق الهدنة الذي أنهى حرباً إسرائيلية مدمرة مع الحزب العام الماضي.
وأفاد مصدران مدنيان لبنانيان مطلعان على عمليات الجيش بأن تمشيطاً للوديان والأحراش أدى إلى العثور على أكثر من 50 نفقاً ومصادرة أكثر من 50 صاروخاً موجهاً والمئات من قطع الأسلحة الأخرى.
لكن المسؤولين الأمنيين اللبنانيين قالوا إن خطة الجيش لم تتضمن أبداً تفتيش ممتلكات خاصة. وتشكك إسرائيل في نجاح الخطة من دون تنفيذ مثل هذه الإجراءات.
كذلك قال اثنان من المسؤولين الأمنيين اللبنانيين إن إسرائيل طلبت تنفيذ مثل هذه المداهمات خلال اجتماعات للجنة "الآلية" (الميكانيزم) في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهي لجنة تقودها الولايات المتحدة وتضم ضباطاً لبنانيين وإسرائيليين لمراقبة تنفيذ الهدنة.
وبعد فترة وجيزة، صعّدت إسرائيل عملياتها البرية والضربات الجوية على جنوب لبنان وقالت إنها تستهدف محاولات "حزب الله" لإعادة التسلح.
وقال المسؤولون الأمنيون اللبنانيون إن هذه الضربات اعتُبرت بمثابة تحذير واضح من أن عدم البحث على نحو أكثر فاعلية قد يؤدي إلى حملة عسكرية إسرائيلية شاملة جديدة.
وقال أحد المسؤولين "يطالبوننا بإجراء عمليات تفتيش من منزل إلى منزل، ولن نفعل ذلك... لن نقوم بالأمور على طريقتهم".
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال في 2 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، "نتوقع من الحكومة اللبنانية أن تفي بالتزاماتها، أي نزع سلاح ’حزب الله‘. لكن من الواضح أننا سنمارس حقنا في الدفاع عن النفس المنصوص عليه في شروط وقف إطلاق النار. لن نسمح للبنان بأن يصبح جبهة ضدنا من جديد، وسنتصرف وفقاً لاحتياجاتنا".
في المقابل، قال مسؤولون أمنيون لبنانيون إن الجيش يخشى أن يعتبر سكان الجنوب مداهمات المنازل خضوعاً لإسرائيل التي احتلت جنوب لبنان لنحو عقدين من الزمن حتى عام 2000 قبل أن تدخله مرة أخرى العام الماضي.
وتخشى بيروت أيضاً من أن تستمر إسرائيل في طلب المزيد، مما يجعل الضربات التصعيدية خطراً دائماً ويقوض محاولات تحقيق الاستقرار في بلد يعاني من اضطرابات جيوسياسية واقتصادية، وفقاً لمسؤولين أمنيين ومسؤول سياسي.
لكن مسؤولين إسرائيليين يقولون إن "حزب الله" يكثف جهوده لإعادة التسلح في مواقع بجنوب وشمال البلاد، وإن الجيش اللبناني غير قادر على مواجهته.
وتُمرر إسرائيل معلومات استخباراتية حول مستودعات يُشتبه في أنها تابعة لـ "حزب الله" إلى "آلية المراقبة المشتركة"، التي تُحيلها بدورها إلى الجيش اللبناني للتعامل معها. وقال مسؤول عسكري إسرائيلي لـ"رويترز" إن إسرائيل اتخذت إجراءات مباشرة، لا سيما ضد عمليات "حزب الله" لنقل الأسلحة أو عندما ترى أن الجيش اللبناني لا يتحرك بالسرعة الكافية.
ويؤكد المسؤولون الأمنيون اللبنانيون أن نقاط التفتيش الجديدة التي أقامها الجيش في جنوب البلاد تمنع "حزب الله" من نقل الأسلحة.
وينفي "حزب الله" إعادة بناء قواته في الجنوب، ولم يعرقل عمليات تمشيط الجيش اللبناني هناك ولم يطلق النار على إسرائيل منذ وقف إطلاق النار في العام الماضي. لكنه رفض مراراً نزع سلاحه بالكامل.
وقال المسؤول العسكري الإسرائيلي إن "حزب الله" يريد أن يظل قوة مهيمنة في لبنان، وهي رغبة تشاركه إيران فيها.