كيف يمكن للبنان تفادي الوقوع في فخ الشروط الأميركية ـ «الإسرائيلية»؟
klyoum.com
أخر اخبار لبنان:
بالفيديو - حادث سير مروع: وفاة زوجين على طريق سوق الاحد..!تعدّ شروط الموفد الأميركي توم باراك، لمحاولة «نزع» سلاح المقاومة في لبنان، مستحيلة التنفيذ لأنها ببساطة تعني فرض الاستسلام التامّ على لبنان لشروط العدو الصهيوني، بما يجعل لبنان فاقداً لأيّ قدرة على مواجهة الاحتلال والأطماع والعدوانية الصهيوني.
إذا عدنا إلى السياق التاريخي، فالمقاومة حالة متجذرة عميقاً في تاريخ لبنان، حيث ارتبطت بشكل أساسي بمواجهة الاحتلال الفرنسي وقبله الاحتلال التركي، وأخيراً بالصراع العربي ـ «الإسرائيلي»، والاحتلال «الإسرائيلي» لأراضٍ لبنانية، ولهذا نشأت فصائل مقاومة وطنية كردّ فعل على الاحتلال والخطر الذي يشكله على أمن واستقرار لبنان وسيادته واستقلاله ومصالحه. وتطوّرت المقاومة على مرّ السنين لتصبح جزءاً لا يتجزأ من المشهد للوطني والسياسي في البلاد.
وباتت المقاومة بعد انتصارها التاريخي عام 2000 بتحرير معظم الأراضي المحتلة دون قيد ولا شرط، درعاً واقية للبنان في مواجهة أيّ اعتداءاته صهيونية مستقبلية، وتعزز هذا الدور للمقاومة عام 2006 عندما ألحقت الهزيمة بالعدوان الصهيوني، الذي استهدف سحقها وإعادة لبنان إلى زمن الهيمنة الصهيونية، وبالتالي فإنّ نزع سلاحها يعني تجريداً للبنان من قدرته على الدفاع عن نفسه، وفتح الباب أمام اختراق سيادته وفرض الهيمنة «الإسرائيلية» عليه.
أولاً، ما هي العوامل التي تجعل من الصعب إذا لم يكن من المستحيل نزع سلاح المقاومة في لبنان؟
العامل الأول، الصراع مع الاحتلال:
يرى قسم كبير من اللبنانيين أنّ وجود سلاح المقاومة ضروري لتحرير الأرض اللبنانية المحتلة، ولردع أيّ عدوان «إسرائيلي» محتمل، وهذه القناعة تزداد ترسخاً مع استمرار الاعتداءات «الإسرائيلية»، وبقاء الاحتلال في النقاط الخمس إثر قرار وقف الأعمال العدائية بموجب القرار 1701…
العامل الثاني، الدعم الشعبي والسياسي: تحظى المقاومة بدعم شعبي وسياسي كبير داخل قطاعات واسعة من المجتمع اللبناني. هذا الدعم يجعل أيّ محاولة لـ «نزع» سلاحها تواجه معارضة قوية وقد تؤدّي إلى توتر داخلي وخطر اندلاع حرب أهلية، وهو أمر لا يخدم سوى العدو «الإسرائيلي».
العامل الثالث، الخلافات الداخلية:
على الرغم من وجود أغلبية لبنانية تدعم المقاومة والتمسك بسلاحها، إلا أنّ هناك قسماً من اللبنانيين لا يؤيدون بقاء المقاومة ويطالبون بنزع سلاحها، وفيما ترى غالبية أنه ضرورة وطنية، يرى آخرون أنه يمثل دولة داخل الدولة (وهذا غير صحيح)، ويجب أن يكون السلاح حصراً بيد الدولة اللبنانية. هذا الانقسام يجعل التوصل إلى توافق وطني حول هذه القضية أمراً صعباً للغاية، ومستحيلاً…
العامل الرابع، التكلفة الأمنية: يمكن أن تؤدي أيّ محاولة قسرية لـ «نزع» سلاح المقاومة إلى عواقب أمنية وخيمة، بما في ذلك احتمال اندلاع صراع داخلي يعرّض استقرار لبنان للخطر.
ثانياً، نزع سلاح المقاومة يعني الاستسلام:
بالنسبة للمقاومة وأنصارها، فإنّ المطالبة بـ «نزع» سلاحها تعادل المطالبة باستسلام لبنان للشروط والإملاءات الأميركية ـ «الإسرائيلية»، خصوصاً أنّ مطلب نزع السلاح هو مطلب أميركي ـ «إسرائيلي» يتماهى معه بعض الداخل، ويرى أنصار المقاومة، أنّ المقاومة المسلحة هي القوة التي يملكها لبنان لمواجهة الاحتلال، والتي تضمن القدرة على التفاوض من موقع قوة والدفاع عن مصالحه وإجبار العدو على الرحيل عن الأراضي التي يحتلها.
في المقابل، معارضو سلاح المقاومة الذين يدعون إلى حصر السلاح بيد الدولة باعتباره الأساس لبناء دولة قوية وذات سيادة، يناقضون أنفسهم لأنّ التخلي عن المقاومة كقوّة يملكها لبنان، سيجعل الاحتلال الإسرائيلي ومعه الولايات المتحدة أكثر قدرة على اخضاع لبنان للهيمنة «الإسرائيلية» الأميركية وبالتالي الانتقاص من سيادة واستقلال لبنان، وها هو مثل سورية حاضراً لمن يعتقد انّ «إسرائيل» سوف ترتدع وتتخلى عن سياسة الاحتلال والتوسع والسعي إلى تحقيق أطماعها إذا ما تمّ التخلي عن سلاح المقاومة، بل انّ «إسرائيل» تزداد عدوانية وترى الفرصة متاحة للتوسع والسيطرة على الأرض والثروات.. لا سيما أنها تجاهر بأطماعها في أرض ومياه ونفط لبنان…
انطلاقاً مما تقدّم فإنّ النقاش الرسمي الدائر بشأن الورقة الأميركية التي تطالب بنزع سلاح المقاومة كشرط مسبق لقيام «إسرائيل» بالانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة، والسماح بإعادة إعمار لبنان، إنّ هذا النقاش يجب أن يأخذ بالاعتبار طبيعة كيان الاحتلال الصهيوني القائم على التوسع وعدم احترام العهود والمواثيق والقرارات الدولية، وللبنان تجربة مرة في هذه الشأن، على أنّ ما هو مطلوب أولاً أن يطالب لبنان بتنفيذ العدو الصهيوني التزاماته بموجب القرار 1701 والانسحاب من الأراضي اللبنانية التي يحتلها، والتي بسببها نشأت المقاومة، ومن ثم البحث عن صيغة وطنية تضمن الاستفادة من سلاح المقاومة في إطار استراتيجية أمن وطني، تحمي لبنان وسيادته، وتحول دون وقوع لبنان في فخ الشروط «الإسرائيلية» ـ الأميركية.