جبانة صيدا القديمة تتحوَّل إلى بؤرة للمخدرات: من يحمي المدينة؟
klyoum.com
تشهد مدينة صيدا في الأسابيع الأخيرة تصاعدا ملحوظًا في ظاهرة المخدرات، مما أثار قلق الأهالي والخوف على أمن المدينة. واللافت أنّ جبّانة صيدا القديمة تحوّلت إلى إحدى أكثر النقاط حساسية، بعدما باتت بعض زواياها مقصداً للمتعاطين، الذين يستغلون غياب الرقابة والإهمال ليمارسوا نشاطاتهم خلف أبواب مفتوحة وأنوار خافتة.
وهذا المكان الذي صُمّم ليكون واحة للسكينة وحرمة الموتى، يتحوّل أحيانا إلى مساحة مهجورة يسهل التسلل إليها، فيما يشهد الزوار العثور على مخلّفات التعاطي، من حقن وعلب فارغة، ما يثير استياء الأهالي ويزرع الخوف في نفوس العائلات التي تزور قبور أحبائها. ولا تخفى خطورة الظاهرة على التاريخ الاجتماعي للمدينة، إذ سجّلت الجبّانة في سنوات سابقة حالات وفاة صادمة نتيجة التعاطي داخلها.
الطاسة ضائعة
المشكلة ليست حديثة، بل نتيجة سنوات من الإهمال وتراكم الصلاحيات بين الجهات المسؤولة. فبينما ترى بعض المصادر أنّ بلدية صيدا مسؤولة عن تنظيم وإدارة المقبرة، يشير آخرون إلى أنّ دار الإفتاء بصفتها المرجعية الشرعية للمقابر تتحمّل مسؤولية الحراسة والإشراف الإداري. هذا التداخل جعل المقبرة مكشوفة أمام المخاطر، واستمرت الظاهرة بلا معالجة جذرية.
لمعاجة هذه الآفة
في إطار الجهود لمعالجة الأزمة، قام نائب رئيس المكتب السياسي للجماعة الإسلامية في لبنان، الدكتور بسام حمود، بجولة على الأجهزة الأمنية في صيدا والجنوب، حيث التقى قائد سرية صيدا الإقليمية العقيد وسام باز، ورئيس مكتب مكافحة المخدرات في الجنوب العقيد عبد اللطيف سعد، ومسؤول مكتب صيدا في مخابرات الجيش الرائد هادي الحاج شحادة. وتم خلال اللقاء التأكيد على ضرورة التعامل مع المخدرات كأولوية أمنية تتطلب تشددا ومتابعة دقيقة.
وشدد حمود على أن مكافحة الظاهرة لا يمكن أن تنجح من دون معالجة النقاط السوداء بشكل مباشر، داعيا إلى اتخاذ خطوات عاجلة تشمل حراسة دائمة، دوريات ليلية، تركيب كاميرات مراقبة، تنظيم إداري واضح، وإقفال المداخل غير المراقبة. وحذّر من أن السكوت عن الوضع سيحوّل الجبّانة إلى بؤرة مستمرة للآفة، وهو ما يسيء لتاريخ المدينة وحرمة موتاها.
ويبقى السؤال المطروح على كل المعنيين: من سيحمي حرمة موتى صيدا، ومن سيصون أمن المدينة من تدهور هذه الظاهرة؟ فالجبّانة ليست مجرد مكان ديني، بل ذاكرة جماعية للمدينة، وحمايتها مسؤولية مشتركة تتطلب قرارا حازما وفوريا.