خاص الهديل: الانتخابات النيابية: الحفاظ على "استقرار الهيئة الناخبة"!!
klyoum.com
خاص الهديل…
بقلم: ناصر شرارة
يعتبر لبنان من البلدان القليلة في العالم التي لا تحب الأرقام؛ وحتى الآن لا يزال البلد ينام على وسادة إحصاء للسكان جرى في بدايات القرن الماضي، ويعرف باسم إحصاء ١٩٢٤.
لقد جرت مياه كثيرة في نهر لبنان الديموغرافي منذ ذاك الوقت حتى الآن، ولكن لبنان يشبه في موضوع الاحصاءات "المرأة المتصابية" التي يقف عمرها عند حافة الثلاثين عاماً مهما تقدمت في العمر.
ومناسبة هذا الكلام عن البلد "المتصابي ديموغرافياً" مرده النقاش الجاري حالياً حول الانتخابات النيابية، حيث السؤال المفتاح الذي تتنازع أحزاب الطوائف حوله هو هل يحق للمغتربين اللبنانيين الانتخاب حيث هم في أماكن انتشارهم، أم يجب البحث عن حل آخر لتمثيلهم، وهل يحق لهم انتخاب كل نواب البرلمان أم عدد محدد منهم!!؟؟.
والواقع أن طرح الأسئلة على هذا النحو يعتبر سابقة على مستوى التفكير الوطني؛ إذ لم يسبق لدولة في العالم أن ناقشت بأصل حق مواطنها بالاقتراع والانتخاب(!!)، ولكن في لبنان يتم النقاش اللاوطني هذا بكثير من الاستسهال.
لا شك أن مشكلة أحزاب الطوائف لا تكمن في أن هناك فريقاً منهم يؤيد لسبب دستوري لا غير، حق المغترب بالانتخاب لكل النواب، فيما القسم الآخر ينكر هذا الحق لأسباب انتخابية؛ بل الواقع أن الفريقين ينظران إلى هذا الموضوع من ثقب باب النظرة إلى أرقام الانتخابات وليس إلى دستورية مواقفهما.
بكلام آخر فإن المشكلة بالأساس من وجهة نظر أحزاب الطوائف تتمثل بأعداد المغتربين وكيف سيقترعون؟؟ وهل اقتراعهم يفيد غلتهم النيابية أم ينتقص منها.
وما يجدر التوقف عنده في هذا السياق أنه منذ أمد بعيد، وخاصة في ظل جمهورية الطائف أدمنت أحزاب الطوائف على عملية الذهاب لانتخابات محسومة النتائج مسبقاً، وذلك من خلال جعل صندوقة الانتخابات على قياس قانون الانتخاب الذي يتم تفصيله على نحو يناسب حجم كل حزب وكل كتلة، الخ..
كان الرئيس سليم الحص يقول لا يوجد في لبنان ديموقراطية بل حرية؛ وواقع الحال يقول لا يوجد في لبنان انتخابات بل نواب ينتخبهم ليس الشعب، بل قانون الانتخاب الذي تفصله الأحزاب.
وحالياً يوجد الاستحقاق الانتخابي أمام أمر واقع لا مفر منه وهو أن الوقت الدستوري بات شبه منتهي لإجراء تعديل عليه أو تحسينه لصالح تمثيل أفضل للرأي الحر.
.. وبالعودة "لقصة ابريق الزيت" عن اقتراع المغتربين؛ فإن كل الخلفية وراء ما يحدث من سجال حوله، تعود لتقدير عام يقول أن هناك نحو نصف مليون ناخب لبناني في الاغتراب؛ وهؤلاء يؤثرون على إيصال نحو ٩ نواب للبرلمان، وهناك من يقول نحو ١٣ نائباً. وبالنسبة لبعض الأحزاب فإن هذا التقدير هو كارثة لأنه يضيف ٩ أو ١٢ نائباً ضدها؛ فيما أحزاب أخرى تعتبر هذا التقدير يمثل جائزة لوتو لها، لأنه يزيد نوابها من ٩ نواب أو ١٢ نائباً.
أغلب الظن أنه سوف تستمر المراوحة دونما نتيجة داخل سجال أحزاب الطوائف حول موضوع انتخاب المغتربين، كون هذه الأحزاب أصلاً اعتادت أن تتوافق على قانون انتخاب لا يحدث تغييراً جوهرياً داخل الهيئة الشعبية الناخبة؛ بل توافق أبرز سماته أنه يؤيد حصة كل طرف في البرلمان ضمن لعبة محاصصة غير معلنة بين هذه داخل معادلة التمثيل الكلية. وفي حال تجرأ طرف على محاولة تغيير خارطة الديموغرافيا الناخبة فهو سيعرض نفسه لتهمة أنه طرف إلغائي، وبالتالي يعرض كل استقرار البلد لمشكلة كأداء.