"حزب الله" إذ يوصل مرشّح التطبيع مع إسرائيل إلى حاكميّة مصرف لبنان
klyoum.com
أخر اخبار لبنان:
في منطقة لبنانية.. توقيف مروجي 100 دولار مزيفةسعيد أوصله من يرفع شعار المقاومة إلى منصب يكاد يكون الأهم في تحديد مصير البلد المالي والاقتصادي لعقود، أما أنا وغيري من معارضين، فقد أثبتت الأيام أن ما قلناه لجهة نقد سلاح الحزب، يصبّ في مصلحة أهل الأرض، فتعرّضنا لشتّى أنواع الحملات.
رافقت السجال الحاد الذي أحاط بآلية انتخاب حاكم مصرف لبنان الجديد كريم سعيد، إعادة تداول مقال نشره قبل مدّة، يتحدّث فيه عن رؤيته للسلام بين لبنان وإسرائيل.
لسعيد موقف واضح داعم للسلام مع إسرائيل، وهو موقف منشور قبل انتخابه حاكماً للمصرف المركزي، من هنا كان لافتاً أن يكون "حزب الله" وحركة "أمل" من المصوّتين له في جلسة انتخابه.
لم أستطع وأنا أتابع تفاصيل انتخاب سعيد ومواقفه والدعم الذي لاقاه من "أمل" و"حزب الله"، سوى أن أستذكر تاريخاً من حملات التخوين والتهديدات بالقتل والاعتداءات، التي طاولتني وقريبين مني فقط لأني كنت أنتقد سياسات "حزب الله".
يقول سعيد في مقاله القائم على فكرة إنشاء منطقة منزوعة السلاح تمتدّ من الحدود حتى الدامور: "يمكن لمنطقة عازلة منزوعة السلاح، أن تقلّل من فرص أنشطة الجهات الفاعلة غير الحكومية، وترسيم الحدود بوضوح وإنشاء منطقة منزوعة السلاح، من شأنهما أن يشكّلا رادعاً لأي تأثير خارجي يسعى إلى زعزعة استقرار المنطقة. وبناءً على المنطقة منزوعة السلاح المطبّقة بين كوريا الشمالية والجنوبية، يمكن وضع ترتيب مماثل بين لبنان وإسرائيل. تمتدّ هذه المنطقة من نهر الدامور، بين صيدا وبيروت جنوباً، إلى الحدود الإسرائيلية، ما يخلق منطقة تحظر أي وجود عسكري. ولا يُسمح إلا لدوريات الشرطة – وكتائب محدّدة من الجيش الوطني…".
أثناء قراءتي طرح سعيد الذي ما كان ليصل إلى حاكمية مصرف لبنان من دون أصوات الثنائي "حزب الله" و"أمل"، رحت أتذكّر كيف يشنّ "حزب الله" وأبواقه الحملات الشرسة على المعارضين، أو حتى من يكتفي بالشكوى من سوء الحال المعيشي، بينما يُكافئ أمثال سعيد. طرح سعيد إقامة منطقة منزوعة السلاح ينحصر في الحدود اللبنانية، ولا يطرح أي سؤال على إسرائيل نفسها. "حزب الله" بانتخابه سعيد يُكافئ من يعتبر أنه لا يحقّ لجمهور الحزب العيش بشكل عادي في بلدهم وعلى أرضهم، يُكافئ "حزب الله" من يعتقد أنه على جميع سكان لبنان أن يدفعوا ثمن خيارات الحزب العسكرية، بوضعهم في سياق أمني عسكري غير طبيعي.
اختار "حزب الله" و"أمل" رجلاً يملك طرحاً يقوم على إنشاء منطقة منزوعة السلاح، بشكل ينال حتى من سلطة الدولة اللبنانية، فبحسب طرحه يحظر حتى على الجيش اللبناني أن يكون موجوداً فيها بحرّية، بل بتدخّل محدّد على عكس ما تقتضيه السيادة.
برهنت رؤية سعيد مجدداً، كيف يمكن لـ"حزب الله" ألا يتسامح مع معارض، يحسب نفسه سلطاناً عليه لأنه ولد شيعياً، إن تجرّأ وفكّر، بينما وبالمقابل يتسامح مع من يقول علناً إنه لا يعاديه فحسب، إنما يعترف لإسرائيل بما يفوق ما يعترف لها به القرار 1701، وهكذا بين المقاربة الإنسانية الحقوقية والأخرى المصلحاتية المتقاطعة حتى مع مصلحة أعدائه، يفضّل "حزب الله" الثانية ويختارها، يكرّسها بينما يجهد لسحق المقاربة الحقوقية.
ليس هذا مفاجئاً ولا يحمل جديداً، لكنه يمثّل مفارقة فجّة بعد الحرب والدمار، بعد أن دفع الذين هُجّروا ودُمرت بيوتهن أثماناً مضاعفة نتيجة سرقة الودائع والانهيار المالي، الذين سلبت المصارف من الكثير منهم الأموال التي ادّخروها لمواجهة احتمالات الحرب، لكنّ "حزب الله" قرّر التلاقي مع المصارف على حساب المكلومين المطلوب منهم تحمّل الخسارات مهما عظمت.