اخبار لبنان

أي أم ليبانون

سياسة

باسيل يخسر "مغناطيس" التحالفات ويسقط في "معركة المثلّث"

باسيل يخسر "مغناطيس" التحالفات ويسقط في "معركة المثلّث"

klyoum.com

كتب طوني عطية في "نداء الوطن":

شكّلت الجولة الأولى من الانتخابات البلدية والاختيارية في جبل لبنان، انتصارات وهزائم متعدّدة الاتجاهات. أسقطت تحالفات وقوى سياسية وعائلية في مكان، ورفعت آخرين في أماكن أخرى. صحيح، أن هدف عمل السلطة المحلية يرتكز بشكل أساسي على الإنماء وخدمة المصلحة العامة للمحلّة (البلدة)، ويخضع تشكيل مجالسها وانتخاباتها لشبكة متداخلة وملتبسة من الاعتبارات المجتمعية والعائلية والحزبية، غير أنها ترسم في المقابل، وإلى حدّ ما، المزاج الشعبي السياسي وخريطة موازين القوى.

ويعتمد خبراء في القراءة السياسية للبلديات، على أخذ عيّنات محدّدة، لا سيّما المجالس التي شهدت معارك حزبية واضحة المعالم وإن كانت مُطّعمة بتحالف عائلي أو بدعم من فاعليات غير حزبية. لماذا؟ لأن التحليل الأفقي أو المسح الشامل لنتائج البلديات معقّد ومبهم، ويعود سببه إلى طبيعة الشخصية اللبنانية وتركيبتها الملتبسة والمتشعّبة، إذ تجمع في ثقافتها بين خصائص الحداثة المتمثّلة بالانتماء السياسي (حزب، حركة، تجمّع، منصّة) من جهة، والتقليد المتجسّد بالعائلية والعشائرية من جهة أخرى. ويتجلّى هذا التنوّع الذاتي والانفصامي في آنٍ إذا صحّ التعبير في الانتخابات البلدية والبرلمانية. فيمكن للفرد الواحد أن يبدّي معايير النَسَب وصلة الدمّ والقربى والصداقة والجيرة على السياسة والحزب في المجال الأول، ويتخلّى عنها إلى حدّ كبير في المعارك النيابية، حيث يسطع العامل الحزبي والسياسي ويتقدّم على كل الاعتبارات العائلية والقروية والأهلية.

لهذه المعطيات والأسباب، شكّل مثلّث "جونية، جبيل، الجديدة – البوشرية- السدّ " العيّنة المخبرية الأساسية لقياس تقدّم "القوات اللبنانية" و"الكتائب" وحلفائهما وانهيارات موجعة لـ"التيار الوطنيّ الحرّ". وإذا كان الأخير برّر هزيمته في هذه المناطق عبر مسؤوليه وماكيناته الإعلامية، بأنّ الجميع تكتّل ضدّه، فيشير أحد قيادييه السابقين إلى أن "التيّار" خسر "سحره" أو "قوّة الجذب" التي كان يتمتّع بها بعد تسونامي 2005، لذلك لم يتمكّن من نسج تكتلات قويّة، فالعديد من القوى المحلية والفاعليات وحتى الأحزاب، تجنّبت التحالف معه، وهذا يدلّ على ضعفٍ كبير. لأنه وفق المصدر ذاته، فإن القوّة السياسية للأحزاب أو التيارات لا تنحصر فقط في وزنها وحضورها الشعبي، بل في قدرتها على شدّ الآخرين إليها ونسج ائتلافات وأحلافٍ معها. هذه الورقة سقطت من يد رئيس التيّار جبران باسيل لأن "ما حدا بحط إيدو تحت بلاطتو"، إلا حيث التقى مرشحون أقوياء استدعت حاجاتهم الانتخابية إلى التحالف معه لضمان فوزهم. لذا، كانت الماكينة البرتقالية في تلك الساحات الثلاث خالية من الفيتامينات المقوية.

في المقابل، ترجمت "القوات" صعودها الشعبي والسياسي وركّزت "الكتائب" فعاليتها وحضورها، وأثبت من خَرَجوا بإرادتهم وقناعتهم أو من "أُحرِجوا ليَخرُجوا" من صفوف "التيار"، أن وزناتهم لم يتمكّن باسيل من سلبها أو دفنها أو تعطيلها بعد استقالتهم، بلّ كانت إضافة خسرها رئيس "التيار" و"لبنان القوي" على طريق سيطرته على حزبه، وفشل عهد الرئيس السابق ميشال عون الذي عمّق من خسارة وتراجع الباسيلية.

في السياق، لا تستبعد أوساط مقرّبة أن تفتح التحالفات البلدية الفائزة، الباب أمام تعاونات سياسية مستقبلية، بين مروحة واسعة من القوى المسيحية المتناغمة والمتوافقة في دعمها للرئيس جوزاف عون والعهد الجديد القائم على أنقاض العهود القديمة، من أجل بناء دولة المؤسسات، انطلاقاً من الجزء الثاني من معركة جبل لبنان، ألا وهي الاتحادات البلدية، لا سيّما في المتن وكسروان – الفتوح.

*المصدر: أي أم ليبانون | imlebanon.org
اخبار لبنان على مدار الساعة