اخبار لبنان

المرده

سياسة

15% من ذوي الإحتياجات الخاصة في لبنان… و 85% منهم يُعانون من ارتفاع البطالة

15% من ذوي الإحتياجات الخاصة في لبنان… و 85% منهم يُعانون من ارتفاع البطالة

klyoum.com

"أنتم الأمل والمحبة والسعادة والعائلة"، بهذه الكلمات خاطبت السيدة الأولى نعمت عون ذوي الاحتياجات الخاصة، أو كما يحب الاغلبية تسميتهم ذوي الإرادة الصلبة، خلال زيارتها مركز جمعية "أنت أخي" في بلدة بلونة، داعية كل لبناني لزيارة هذا البيت ليستمد البسمة والامل منهم. هؤلاء الأشخاص الذين يواجهون تحديات جسدية إضافة إلى تحديات اجتماعية، بسبب رفض المجتمع لهم بطريقة مباشرة كانت أم غير مباشرة، مما يزيد من معاناتهم النفسية، وكأن تحدياتهم الجسدية لا تكفي ليزيد عليها هذا المجتمع المعاق معاناتهم.

يشار إلى أن مصطلح ذوي الاحتياجات الخاصة، يعبر عن فئة من المجتمع الذين يختلفون اختلافًا ملحوظًا عن الأفراد العاديين، وتظهر هذه الاختلافات في الجسد أو الفكر أو في الحس، سواء أكانت هذه الاختلافات دائمة مثل تلك الناتجة عن أمراض عقلية أو وراثية أو جسدية، أو التي تحدث بشكل متكرر مثل الصرع، الأمر الذي يحد من قدرتهم على ممارسة النشاطات الأساسية والشخصية والاجتماعية، الأمر الذي يعيق إشباع حاجاتهم، وإكمال تعليمهم بالطرق الطبيعة، ومن هنا فاحتياجاتهم تختلف عن احتياجات باقي أفراد المجتمع.

يعد ذوو الاحتياجات الخاصة من الفئات التي ظلمت قديما، وما زالت تعاني هذه الفئة من التحديات في وقتنا الحاضر. ففي لبنان يواجهون تحديات كبيرة على عدة مستويات، بالرغم من وجود قوانين وضمانات قانونية، تهدف إلى حماية حقوقهم وتمكينهم في المجتمع.

لماذا لا تطبّق القوانين؟

مصدر قانوني أكد بأن "ذوي الإعاقة يتمتعون بحماية مضمونة في الدستور اللبناني والقوانين المحلية، بالإضافة إلى الاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية حقوق الطفل واتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة"، مضيفاً "تطبيق هذه القوانين يواجه عوائق كبيرة منها ضعف الموارد المخصصة لتنفيذ القوانين، التمييز في الوصول إلى الخدمات، ونقص الوعي القانوني لدى الأسر، مما يحد من قدرتها على المطالبة بحقوقها"، وأكد أن "المجتمع المدني والمبادرات المجتمعية تلعب دورا أساسيا في تأمين بيئة حاضنة لذوي الاحتياجات الخاصة".

يذكر أنه في عام 2000، أقر مجلس النواب اللبناني القانون رقم 220/2000، الذي يضمن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في مجالات متعددة، منها: التعليم، التوظيف، الصحة، التنقل، المشاركة الاجتماعية والسياسية، لكن رغم مرور أكثر من عقدين على صدور هذا القانون، فإن التطبيق الفعلي له ما زال محدودا، أو ربما يحق لنا القول أنه لا يزال حبراً على ورق.

وبحسب القانون اللبناني رقم 220/2000 ، تعرف المادة 2 من القانون الشخص ذو الإعاقة على أنه "أي شخص تدنت أو انعدمت قدرته على ممارسة نشاط حياتي هام واحد أو أكثر، أو تأمين مستلزمات حياته الشخصية بمفرده، أو المشاركة في النشاطات الاجتماعية على قدم المساواة مع الآخرين، أو ضمان حياة شخصية أو اجتماعية طبيعية بحسب معايير مجتمعه السائدة، بسبب فقدان أو تقصير وظيفي بدني أو حسي أو ذهني، كلي أو جزئي، دائم أو مؤقت، ناتج عن اعتلال بالولادة أو مكتسب أو عن حالة مرضية دامت أكثر، مما ينبغي لها طبيا أن تدوم".

المطلوب ليس الشفقة

يشار إلى أن أكثر من 100 مؤسسة رعوية منتشرة على كافة الأراضي اللبنانية، تقدم الرعاية لـ10 آلاف شخص، 90% منهم دون الـ21 عاما، موزعين بين إعاقة عقلية وحركية وبصرية وسمعية، ويعتبر الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة من الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع اللبناني، والأكثر تأثرا بالازمات التي تواجه البلاد، وتعود أسبابها بحسب "الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين حركيا"، الى غياب الخطط التي تراعي احتياجاتهم وحرمانهم من حقوقهم الإنسانية، وعدم احترام خصوصيتهم، وصعوبة ارتيادهم الأماكن العامة بسبب عدم تجهيزها هندسيا.

يقول ماهر وهو شاب رافقه كرسيه المتحرك بعد انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب عام 2020، " نجد أنفسنا في مواقف حرجة وصعبة، خصوصا في الأماكن التي تفتقر إلى التجهيزات اللازمة لتلبية احتياجاتنا الأساسية" ، مضيفا " المعاناة يومية، فلا الطرقات ولا المؤسسات وحتى وسائل النقل العام في معظمها غير مجهزة لاستقبال الأشخاص ذوي الإعاقات، وفي بعض الأماكن العامة منها والخاص لا وجود للمصاعد، لقد صممت جميع مستلزمات الحياة اليومية، لكي تلبي وتتجاوب مع حاجات الإنسان الذي يتمتع بكامل قدراته الطبيعية، وكأننا حالة استثنائية لا توجب اتخاذ أي تدابير عامة، بل تتم معالجتها بشكل خاص ومحدود ضمن مؤسسات متخصصة"، واعتبر "من يأوي إليها من المواطنين كأنه لا يشارك مطلقا في الحياة العامة".

وأضاف ماهر وهو من خريجي الجامعة الاميركية في بيروت قسم إدارة الأعمال: " لا يعتبر الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة من العاجزين الذين لا يقدمون الخدمات للمجتمع، وإنما يمتاز الكثير منهم بصفات ومواهب جعلتهم يتفوقون على بعض الأصحاء، لكننا اليوم نواجه التمييز في سوق العمل رغم وجود كفاءات، وأصحاب العمل غالبا ما يترددون في توظيفنا، بسبب عدم توفر تجهيزات مناسبة أو بسبب الصور النمطية، نحن نملك قدرات ومواهب توازي قدرات الأفراد الآخرين".

وقال : المطلوب ليس الشفقة، بل تأمين العدالة والفرص المتكافئة، عبر تفعيل القوانين وتطبيقها بشكل فعلي، ومساءلة الجهات المقصرة وتعزيز برامج الدمج المدرسي والمهني، وتحسين البنية التحتية بما يشمل النقل والأبنية العامة والخدمات الرقمية، إضافة إلى تمويل مستدام للجمعيات التي تخدم هذه الفئة، وتغيير النظرة النمطية تجاه الإعاقة، من خلال حملات توعية إعلامية. أما على الصعيد الشخصي كل ما أريده هو أن ينظر إلي الناس كشخص عادي من دون أن أرى شفقة في عيونهم".

وختم ماهر قائلا " أنا اليوم لست الوحيد في لبنان والعالم، ومعاناتي ليست سوا جزء مما يعانيه أقراني على اختلاف إعاقاتهم، فالمراكز المتخصصة بالعلاج الفيزيائي والنفسي نادرة والتكلفة عالية، إضافة إلى قلة المدارس المجهزة لاستقبال ذوي الاحتياجات الخاصة، وندرة الكوادر التعليمية المتخصصة أو برامج الدمج الفعال".

تدابير الدولة بقيت خجولة

يذكر أن توماس أديسون الذي فقد سمعه وهو طفل صغير، لكنه استطاع أن يقدِم للبشرية الاختراعات الكثيرة، مثل المصباح الكهربائي والتلغراف والكاميرا وغيرها، لذلك لا بد من المجتمع أن يحتضن هذه الفئة ويقدِم لها كل ما تحتاج إليه، واستغلال المواهب التي قد يتمتعون بها.

ويشكل ذوو الاحتياجات الخاصة نسبة 15% من تعداد السكان في لبنان، ويعاني هؤلاء من ارتفاع البطالة بنسبة تصل لنحو 85% ، بحسب تقرير البنك الدولي ومنظمة الصحة العالمية، ما يحمل الاقتصاد اللبناني عبئا، بدلا من أن يكونوا طرفا منتجا يساهم في تطور المجتمع.

تدابير الدولة اللبنانية بقيت خجولة ، فقد أطلقت وزارة الشؤون الإجتماعية عام 2023 بالشراكة مع الإتحاد الأوروبي واليونيسف ومنظمة العمل الدولية "برنامج البدل النقدي للأشخاص ذوي الاعاقة"، ويهدف البرنامج الى دعم الأشخاص ذوي الإعاقة لمواجهة التكلفة الإضافية للإعاقة، وتسهيل وصولهم الى الخدمات الأساسية المطلوبة.

3 كانون الأول هو اليوم العالمي لذوي الإعاقة

وتشير التقديرات الى أن الأشخاص من ذوي الإعاقة يتكبدون تكاليف إضافية، تزيد بنسبة تتراوح بين 35 الى 40% مقارنة بسواهم من الأشخاص، وذلك لتحقيق نفس مستوى العيش. كما قدمت وزارة الشؤون الاجتماعية العام الماضي مساعدة مالية لمرة واحدة، بقيمة ما يعادل الـ 100 دولار أميركي لكل الأشخاص ذوي الإعاقة، الذين يحملون بطاقة إعاقة شخصيّة غير منتهية الصلاحية، كما اطلقت الوزارة الحملة الوطنية "حقي 2025" لتطبيق الحقوق السياسية للأشخاص المعوقين في لبنان، بهدف تعزيز المشاركة السياسية للناخبين والناخبات من ذوي الاعاقة، بدعوة من الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين حركياً وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

وفي خطوة مفصلية تؤكد التزام لبنان الراسخ بتعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وحمايتهم، وقع رئيس الجمهورية جوزاف عون بتاريخ 10 نيسان 2025، وثيقة إبرام الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والبروتوكول الاختياري الملحق بها، وأكدت وزارة الشؤون الاجتماعية في بيان لها أن "هذا الإبرام الرسمي يمثل محطة أساسية في مسار تطبيق تعهدات الحكومة في بيانها الوزاري، لا سيما في مجال اعتماد المعايير الدولية في مجال العدالة الاجتماعية، وتوفير الحماية الشاملة للفئات الأكثر هشاشة، وفي طليعتها الأشخاص ذوو الإعاقة".

فهل ستفي الوزارة بالتزامها الكامل بـمتابعة تنفيذ بنود الاتفاقية بحسب ما أكدت في بيانها؟ ام تبقى تلك الاتفاقية حبرا على ورق كما بقي القانون رقم 220/2000؟

الجدير بالذكر أن اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، هي معاهدة دولية لحقوق الإنسان تابعة للأمم المتحدة، تهدف إلى حماية حقوق وكرامة الأشخاص ذوي الإعاقة. يلزم الأطراف في الاتفاقية تعزيز وحماية وضمان التمتع الكامل بحقوق الإنسان للأشخاص ذوي الإعاقة، وضمان تمتعهم بالمساواة الكاملة بموجب القانون.

يذكر أن العالم يحتفل في 3 كانون الأول باليوم العالمي لذوي الإعاقة، كما حدد مجلس الوزراء الثالث من كانون الأول من كل عام، يوماً وطنياً لدمج ذوي الاحتياجات الخاصة، استجابة لطلب الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية.

*المصدر: المرده | elmarada.org
اخبار لبنان على مدار الساعة

حقوق التأليف والنشر © 2025 موقع كل يوم

عنوان: Armenia, 8041, Yerevan
Nor Nork 3st Micro-District,

هاتف:

البريد الإلكتروني: admin@klyoum.com