تبدل المشهد والأولويات في لبنان: لقاء ناجح بين الشرع والإسرائيليين؟ (مرلين وهبة – الجمهورية)
klyoum.com
هل تجاوز الرئيس السوري أحمد الشرع الخطوط الحُمر وسيدفع الثمن؟ سؤال يتردّد كثيراً بعد الضربة الموجعة، معنوياً وعسكرياً، التي استهدفت أبرز المقار الأمنية والعسكرية الرسمية في سوريا، وانعكست سلباً على صورة رئيسها الجديد. ما يدعو إلى التساؤل: هل «انتهى زمنه»؟ أم أنّ مفاوضاته السرّية مع إسرائيل في أذربيجان قد فشلت؟
بحسب بعض المصادر، فإنّ التطوّرات الأمنية والعسكرية الأخيرة في سوريا تحمل بصمات أميركية - إسرائيلية. وكشفت أنّ الرئيس السوري عقد اجتماعات مع أطراف إسرائيلية في أذربيجان، واعتقد أنّه، بعد فتح قنوات الاتصال مع إسرائيل، بات يمتلك فائضاً من القوة يُتيح له إحكام قبضته على الأكراد والمسيحيِّين والدروز. لكنّ إسرائيل كان لها موقف مغاير، إذ أوصلت رسالة واضحة مفادها أنّ تحدّي المكوّنات السورية المتنوّعة، ليس مقبولاً، وأنّ اللعب مع إسرائيل خط أحمر.
أبلغت تل أبيب برسالتها الحربية أنّ الحُكم العادل يتطلّب إشراك جميع المكوّنات السورية في الحكم، لا أن يُمارَس بمنطق الإقصاء والتفرّد، خصوصاً إذا كان هدفه تأسيس نظام شرعي لا شبيهاً لحُِّكم الإرهابيين والتكفيريّين.
وفي هذا السياق، تكشف مصادر مطّلعة لـ«الجمهورية»، أنّ الاجتماع بين الشرع والإسرائيليِّين كان ناجحاً، إلّا أنّ ترجمته من جانبه كانت خاطئة. فقد استغلّ فائض القوة تجاه دروز سوريا، خصوصا في معقلهم السويداء، مُلوّحاً بأنّه قادر على «ابتلاع» بقية الطوائف السورية.
وفي منحى آخر، رأت مصادر سياسية متابعة، أنّ الهدف الإسرائيلي من الضربة معلوم، وهو احتلال السويداء وضمّها إلى إسرائيل، وهو ما كشفت عنه بوضوح القناة الإسرائيلية، التي أوردت أيضاً معلومات عن استعدادات الجيش الإسرائيلي لعملية عسكرية طويلة الأمد في جنوب السويداء، مدعومة بتصريح واضح لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حين قال إنّه «لا يقبل أن يتكرّر في الجنوب السوري ما حدث في الجنوب اللبناني».
محادثات أذربيجان: فشل أم سوء تقدير؟
في قراءة مغايرة، ترى بعض الأوساط المتابعة، أنّ المفاوضات السرّية التي جرت بين الشرع وإسرائيل في أذربيجان قد فشلت، وأنّ ما تبعها من تطوّرات عسكرية ما هو إلّا انعكاس لهذا الفشل. والسؤال: هل فشلت المفاوضات فعلاً؟ أم أنّها كانت ناجحة إلى درجة منحت الشرع دفعة دعم مفرطة حاول ترجمتها على الساحة الداخلية؟
ترى هذه الأوساط أنّ الشرع ربما لم يُحسن قراءة الرسائل جيداً، ولم يُقدِّر العواقب، فكانت اندفاعته السياسية والعسكرية وبالاً عليه، وقد تؤدّي إلى تقويض حُكمه إذا استمرّت.
لبنانياً: الرسائل المزدوجة والقلق المتزايد
على الصعيد اللبناني، تساءلت مصادر سياسية عن دلالات التزامن بين الضربة على سوريا وتلك التي استهدفت البقاع اللبناني، مشيرةً إلى احتمال أن تكون رسالة مباشرة، ومفادها أنّ المرافق اللبنانية «الرسمية»، ليست في منأى عن الضربات الإسرائيلية، إذا ما رأت تل أبيب أنّ ذلك يخدم مصالحها وأهدافها القريبة أو البعيدة.
لبنان يغلي
في الداخل، يُثير تحرّك «أهل السنّة» الداعم للشرع قلقاً كبيراً، خصوصاً في المناطق ذات الغالبية السنّية مثل عكار وطرابلس. وتخشى الأوساط الأمنية من انفلات الوضع في الشمال، وهو ما بدأ يدفع بعض السكان إلى مغادرة المنطقة. وحذّرت جهات سياسية من تمدّد التوتّر إلى بقية المناطق اللبنانية، استناداً إلى مواقف عبّر عنها عدد من مشايخ السويداء وبعض السياسيِّين اللبنانيِّين.
وتعتبر هذه الجهات أنّ الأخطر هو تغيّر الأولويات داخل المشهد اللبناني، إذ بات الاهتمام يتّجه من قضية «سلاح حزب الله» إلى «حماية الداخل اللبناني من الفتنة والإرهاب».
وفي ظل التهديدات المتبادلة وتبدّل المشهد، هل نحن أمام تبدّل فعلي في الأولويات الوطنية؟