خاص الهديل: وردة الشنطي… عيونٌ لا تبصر لكنها ترى الحقيقة بصوت المقاومة
klyoum.com
أخر اخبار لبنان:
الأمم المتحدة: عودة أكثر من 378 ألف لاجئ سوري من لبنان إلى بلادهمخاص الهديل…
غنوه دريان ..
إعلامية فلسطينية كفيفة تدعى وردة الشنطي، جسدت معنى الصمود حين تلاشت كل مقومات الحياة، ففي زمن فقد فيه كثيرون القدرة على الاحتمال، برزت في غزة تلك المرأة التي لم تمنعها إعاقتها البصرية من النجاح في توثيق الحرب وأداء رسالتها الإعلامية.
لم تكن الحرب بالنسبة إليها مجرد مشهد يُروى، بل تجربة قاسية عاشتها لحظة بلحظة على مدار عامين متواصلين من الخوف والنزوح والفقد، لكنّها خرجت منها أكثر إصرارًا على أن تكون صوت من لا صوت لهم، وعدسة تبصر بالحقيقة وإن فقدت بصرها.
كانت وردة تعمل قبل الحرب في مجال الإعلام، تتابع الأخبار وتعد التقارير بمهارة رغم إعاقتها البصرية، غير أن الحرب قلبت كل شيء رأسًا على عقب؛ فقدت منزلها، وأدوات عملها، وجهازها اللابتوب الذي كان وسيلتها للتواصل مع العالم. لكنها لم تفقد العزيمة، فحولت هاتفها البسيط إلى نافذة إعلامية صغيرة تنقل من خلالها للعالم مشاهد المأساة الإنسانية في غزة.وتقول:"كنت أمارس عملي الإعلامي من بين الركام ومن داخل الخيام مستخدمة هاتفي بعد أن فقدت جهازي اللابتوب، فكنت أعتمد على سمعي وعلى من حولي
وفي مشهدٍ يختصر قسوة الحرب، تتحدث وردة عن نزوحها المتكرر من منطقة إلى أخرى، باحثة عن مأوى آمن لا وجود له، تنقلت بين مدارس مكتظة، وخيام تفتقر لأبسط مقومات الخصوصية، لكنّها ظلت متمسكة برسالتها: "أن تروي الحقيقة مهما كلّفها الأمر".
فقدت والدها خلال الحرب، الرجل الذي كان سندها ودليلها في الحياة، حيث تقول:"فقدت والدي الذي كان سندي في الحياة، وكان رحيله من أصعب اللحظات التي مررت بها، ومع ذلك واصلت العمل بدعم أمي وأسرتي الذين لم يتركوني وحدي وساعدوني في كل خطوة."
لم يكن الطريق سهلًا، فالإعلامية الكفيفة كانت تواجه خطر الموت في كل لحظة، والخطر المهني في كل تقرير تُعده، لكنها كانت تؤمن أن الكلمة أحيانًا أقوى من الرصاص، كانت توثق بالصوت ما تراه القلوب لا العيون: صراخ الأطفال الذين يبحثون عن ذويهم بين الركام، نساء يحملن ما تبقّى من منازلهن على أيديهن، شيوخ ينتظرون لقمة تسند يومهم. ومع كل تقرير تسجّله، كانت تحاول أن تحفظ ذاكرة الحرب من النسيان.