القوات رافعة العهد المملكة حريصة على السنّة ولا تمشي بكل ما يخالف رأي الأكثرية المسيحية
klyoum.com
أخر اخبار لبنان:
إقفال صناديق الاقتراع في المراكز كافة في محافظتي الجنوب والنبطيةيخطئ من يعتقد أن الانتخابات البلدية لا أهمية لها سياسياً ووطنياً، وأنها مجرد استحقاق بطابع محلي وأهلي في الغالب. وقد أثبتت الانتخابات التي تنتهي آخر فصولها اليوم، أنها محطة أساسية لقراءة المزاج الشعبي لدى مختلف الطوائف والأطراف من جهة، وشكلت اختباراً بل امتحاناً للكثير من القوى السياسية كي تصحح مسارها أو تعيد تموضعها أو تثبت على نهجها.
ومن الواضح أن ثمة ما يشبه القرار لأول مرة لدى مختلف الأحزاب الأساسية في خوض المعركة البلدية وكأنها معركة سياسية فعلية، مع الأخذ في الحسبان بعض الاعتبارات المحلية والعائلية، وهي اعتبارات تتراجع كثيراً وأحياناً تتلاشى في المدن الكبرى، بحيث تكون الانتخابات البلدية فيها معياراً للقوى السياسية لتقدير أوزانها وأحجامها.
وما زاد في اهتمام الأحزاب هو التوجه الواضح للسير بخيار اللامركزية الإدارية الموسعة، وما يعنيه من دور مضطرد وصلاحيات إضافية للبلديات وللاتحادات البلدية.
على أن الملفت وكما العادة، أن الحماوة تكون بشكل رئيسي في المناطق المسيحية، لا سيما وأن الساحة السنية تمر في ما يشبه الضياع والتشتت نتيجة غياب الرئيس سعد الحريري و"تيار المستقبل" عن الاستحقاقات الديمقراطية، فيما الساحة الشيعية محسومة بنسبة كبيرة للثنائي الشيعي، ودائماً بفعل سطوة السلاح وتداعيات الحرب الأخيرة، ولا تختلف الساحة الدرزية فتوراً حيث غابت المواجهات الكبيرة.
أما مسيحياً، فالكباش كان واضحاً على أكثر من خط، لكن الكباش الأساسي على المستوى الشامل كان بين "القوات اللبنانية" و"التيار الوطني الحر"، فيما تشارك كل منهما مع قوى أخرى في مناطق معينة، على غرار التحالف بين "القوات اللبنانية" والنائب ميشال معوض في قضاء زغرتا وتحالف "القوات" مع "الكتائب" في المتن، مقابل تحالف "التيار" مع رئيس "المردة" سليمان فرنجية في قضاء زغرتا وتحالف "التيار" مع آل المر في المتن الشمالي.
على أن قراءة أولى للنتائج، أفضت إلى تأكيد بروز موجة تأييد غير مسبوقة لـ "القوات اللبنانية" في مختلف المناطق، ولا سيما في عدد من المدن الكبرى المسيحية، في مقابل تراجع ملحوظ لـ "التيار الوطني الحر". بل إن "التيار" وبتوجيه من رئيسه النائب جبران باسيل فضل عدم خوض المعركة حتى في عقر داره في مدينة البترون لمصلحة التوافق الذي شمل أيضاً "القوات اللبنانية" و"المردة".
على أن النتيجة الصادمة تمثلت في مدينة زحلة أكبر مدينة مسيحية في لبنان بعدد الناخبين، حيث حازت "القوات"، وبمعزل عن الأصوات الشيعية والسنية، على نحو ثلاثة أرباع أصوات المسيحيين، وهو ما فاجأ القواتيين أنفسهم. وهذه الموجة لفتت أنظار المراقبين والبعثات الدبلوماسية العربية والأجنبية، بل إن معلومات تشير إلى أن السفيرة الأميركية في لبنان ليزا جونسون اتصلت بأحد نواب "القوات اللبنانية" لتستفسر منه عن أسباب تشكيل لائحة ائتلافية في بيروت، تضم "القوات" وأحزاباً وقوى سيادية أخرى بالشراكة مع الثنائي الشيعي ولا سيما "حزب الله"، فكان الجواب بشرح الاعتبارات المرتبطة بالمناصفة والشراكة المسيحية الإسلامية، في ظل غياب أي ضمانات تثبت حق مختلف الطوائف في التمثيل بمعزل عن عددها.
وتشير المعلومات إلى أن الأميركيين غيّروا منذ فترة لا بأس بها طريقة تعاطيهم مع "القوات" في ما يشبه الاعتراف بحجمها التمثيلي ودورها كقوة سياسية كبرى، إلى جانب رئيس الجمهورية ومؤسسات الدولة، لا سيما في معركة استعادة السيادة. وهذا ما يفسر تفرد الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس بزيارة رئيس "القوات" سمير جعجع من دون سواه في جولتها الأخيرة، والحرص عبر قنوات عدة على الوقوف على رأيه من التطورات، والأمر نفسه بالنسبة للمملكة العربية السعودية التي تحرص على العلاقة المميزة مع "القوات اللبنانية" ورئيسها، باعتبار أن "القوات" تشكل المكوّن المسيحي الأبرز وتقود الحالة السيادية. والملفت أن المملكة تبلغ كل من يعنيه الأمر بأن لا تحفّظ للمملكة على أي خطوة أو مبادرة، طالما أنها تلقى تأييداً من أكثرية الرأي العام المسيحي من خلال قياداته. وفي هذا المجال، ينقل أصدقاء للمملكة أنها تحرص جداً على الشراكة المسيحية الإسلامية في لبنان بمعزل عن الأعداد، وأنها في الوقت عينه معنية بالساحة السنيّة التي تمر في مخاض غير سهل، لا سيما من خلال التنسيق اللصيق مع المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان، الذي يتولى دوراً مهماً في ترتيب الأمور والعناية بحماية الدور السنّي تحت عنوان دعم الدولة ومؤسساتها.