خاص الهديل: إسرائيل تفاوض لبنان بالنار: "الثمن الجغرافي"!!
klyoum.com
خاص الهديل..
بقلم: ناصر شرارة
الأمر الوحيد الذي تغير منذ وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل هو أن نتنياهو غيّر وبدل الرزنامة الزمنية للاعتداءات على لبنان ولعمليات اغتيال عناصر حزب الله؛ فبدل أن يكون هناك عدة عمليات في يوم واحد جعل هذه العمليات موزعة على أسبوع أو أسبوعين، الخ….
عملياً لم يشهد لبنان وقف إطلاق نار مع إسرائيل رغم أنه وقّع على وقف إطلاق نار معها عبر رعاية أميركية وفرنسية؛ وعملياً لم يحصل لبنان على شيء من غازه المدفون في البحر علماً أنه وقّع اتفاق ترسيم حدود حقول غازه البحري مع فلسطين المحتلة!!
ببساطة نتنياهو لا يحترم توقيعه على ما يسميه المجتمع الدولي اتفاقات تنظم الأمر الواقع القائم على حدود لبنان الجنوبية البحرية والبرية. والواقع أن نتنياهو مع لبنان ومع سورية ومع غزة والضفة الغربية ومع كل دول المنطقة؛ أصبح لديه توجه واضح وهو أن إسرائيل لا تعمل من أجل إبرام اتفاقات على الورق مع الدول العربية والإسلامية في المنطقة، بل تسعى لتثبيت معادلات أمنية وعسكرية لصالحها على الأرض؛ وتريد من جميع دول المنطقة الإذعان لهذه المعادلات؛ وتريد من إدارة ترامب حمايتها.
والواقع أن معنى دفع المنطقة للإذعان "لمعادلات تثبتها إسرائيل بالنار على الأرض" له ترجمة عملية واضحة على لبنان، يمكن تلخيصها بالنقاط التالية:
أولاً- إسرائيل لديها استراتيجية في لبنان تسعى لتثبيتها بالقوة أو تحت النار؛ ما يعني أن تل أبيب لا تسعى للتفاوض مع لبنان من أجل تجسيدها على الأرض.
وكان وزير الدفاع السابق غالانت أوضح ما هو سلوك إسرائيل مع / وفي لبنان حينما قال العام الماضي بالحرف التالي: تسعى إسرائيل لبناء حدودها الشمالية الجديدة مع لبنان تحت النار.
ويجدر هنا التوقف داخل تعريف غالانت لمهمة إسرائيل اللبنانية عند عباراتين إثنتين أساسيتين: الأولى "الحدود الشمالية الجديدة"؛ وهذا يعني أن إسرائيل ما عادت تعترف بالحدود التي كانت قائمة قبل ٨ أكتوبر ٢٠٢٣ بل هي تسعي لتغييرها؛ وهذا ما نشهده فعلياً اليوم على أرض الواقع.
العبارة الثانية "تحت النار"؛ وهذا يعني أن إسرائيل بعد وقف الحرب مع لبنان ستستمر ببناء حدودها الجديدة ولكن ليس بالتفاوض بل تحت النار.. أي بإستمرار إطلاق النار..
ثانياً- الغارات الإسرائيلية أمس على جنوب لبنان هي امتداد لحرب الـ٦٠ يوماً الإسرائيلية الاخيرة على لبنان؛ وليست فقط خرقاً لاتفاق وقف النار. ويجدر هنا التوقف عند ملاحظة أن نتنياهو يعتبر أن اتفاق وقف نار مع لبنان هو استمرار للحرب بوسائل أخرى، ولكن هذه الوسائل الأخرى هي أيضاً عسكرية وليست سياسية.
أضف أن نتنياهو يعتبر – وهذا هو العنصر الأهم – أن استمراره بإطلاق النار على لبنان متى شاء، رغم أنه وقّع على اتفاق وقف النار برعاية دولية، هو واحد من أهم الإنجازات السياسية التي حصلها من خلال حربه على لبنان؛ لماذا؟؟.
لأن نتنياهو بات يعتبر الموافقة الدولية على اعتبار أن خرقه لوقف النار في لبنان هو دفاع عن النفس، بات سابقة ونموذجاً بيده يمكن له أن يسقطه على أي اتفاق مقبل بين إسرائيل وسورية أو غزة او الضفة، الخ..
كما يزعم نتنياهو في هذا الإطار أن "حق الدفاع عن النفس" وفق نموذج وقف النار مع لبنان يعني قانونياً أن إسرائيل تستطيع أن تستهدف لبنان في أية لحظة تعتبر فيها أن هناك خطراً عليها من لبنان!!؛ ويزعم نتنياهو أن من يحدد متى ينشأ هذا الخطر هو إسرائيل وليس أية مرجعية أخرى محايدة أو حتى ثالثة.
كل ما تقدم يشير إلى أمر خطر وهو أن لبنان مكشوف أمام خطرين إثنين كبيرين:
الأول تغطية أو سكوت دولي عن الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، وذلك تحت عنوان وجود تواطؤ دولي مع تفسير نتنياهو لاتفاق وقف النار مع لبنان؛ بحيث بات ينظر لهذه الاعتداءات على أنها عمليات "دفاع عن النفس..".
الثاني: منهجية إسرائيل تتجه لجعل لبنان يدفع ثمناً جغرافياً كمقابل لحصوله على وقف حربها أو اعتداءاتها ضده؛ وهذا ما يظهر من توسعها المضطرد في منطقة الحافة الحدودية.