اخبار لبنان

جريدة اللواء

أقتصاد

العودة إلى الحديث عن سداد القروض المصرفية: بين محاسبة المقترضين واستعادة جزء من «الثروة غير المشروعة»... ما المقصود؟

العودة إلى الحديث عن سداد القروض المصرفية: بين محاسبة المقترضين واستعادة جزء من «الثروة غير المشروعة»... ما المقصود؟

klyoum.com

نوال أبو حيدر

في خضم الأزمة، بادر العديد من المقترضين، سواء كانوا أفراداً أو شركات، إلى سداد قروضهم بالدولار باستخدام الليرة اللبنانية. لكن الأسعار التي تم استخدامها مثل 1,500 ليرة لبنانية أو 4,000 أو 8,000 أو حتى 15,000 ليرة لبنانية للدولار كانت أقل بكثير من سعر السوق الموازي. هذه الفرصة التي ساعدت فيها تعاميم مصرف لبنان والسياسة المتراخية للبنوك، أدّت إلى ظهور فئة جديدة من المستفيدين الصامتين، أولئك الذين سددوا ديونهم بالعملة الأجنبية مقابل جزء ضئيل من قيمتها الحقيقية.

ما نقله وفد من المودعين عن حاكم مصرف لبنان كريم سعيد لجهة تأييده فكرة إصدار قانون لإلزام من سدّد قرضاً بغير قيمته الحقيقية بدفع القيمة الحقيقية، كان ملفتاً. وحتى اليوم، تمّ تقديم مجموعة اقتراحات في هذا الشأن، لكن النقاشات لم تصل إلى نتيجة. وفي معظمها كانت تتحدث عن فرض ضريبة على المستفيدين، في حين أن سعيد تحدث عن استعادة المبالغ بالكامل. وهذا يعني استعادة 15 إلى 20 مليار دولار.

ما هي القروض المعنية؟

من هنا، تقول مصادر اقتصادية مطّلعة لـ «اللواء» إن «طرح فكرة استرداد القروض بالعملة التي استدان من خلالها المقترض نعني بها القروض التجارية أو الاستثمارية الكبيرة أي الحالات التي وصلت فيها المكاسب غير المتوقعة التي يجب أن تستهدفها آلية الاسترداد، في وقت يجب حماية القروض الشخصية وقروض الإسكان وقروض السيارات».

ضرورة إقرار قانون!

وتتابع: «صدور أي قرار رسمي متعلق بهذه القروض هو إيجابي، وانطلاقاً من هذه القناعة فمن الضروري صدور قانون يفرض على من سدّد قرضاً خلال الأزمة بغير قيمته الحقيقية، دفع الفرق، ليصبح المبلغ المسدّد مساوياً لقيمة القرض الحقيقية. ويجب التذكير بنقطة مهمة جداً وهي أنه قد تم إصدار قانون سابقاً يهدف إلى فرض سداد القروض من قبل المستفيدين منها، لكن كبار التجار والمقترضين الأساسيين رفضوا هذا القانون في حينه».

القطاع المصرفي مسؤول...

وفي هذا السياق، تشير المصادر إلى أن «هذا لا يبرر القطاع المصرفي من تجاوزاته، فلطالما استمر هذا القطاع في رفض أي إصلاحات منذ خمس سنوات حتى اليوم. على الرغم من التغيرات التي طرأت على بعض المصارف، والتي أصبح لديها مصلحة كبيرة في إجراء الإصلاحات لضمان استمراريتها، إلّا أن بعض المصارف الصغيرة ترفض المضي قدماً في هذا الاتجاه».

«الحاكم» لا يهدف إلى إخفاء المسؤوليات

عليه، تتابع المصادر: «لا أعتقد أن حاكم مصرف لبنان يسعى لتبرئة أي طرف، والخروج من هذه الأزمة يتطلب وقف التراشق الإعلامي والجلوس على طاولة واحدة بين السلطة التشريعية والتنفيذية، إلى جانب السلطة النقدية وجمعية المصارف، للوصول إلى حلول حقيقية لإعادة حقوق المواطنين. وهذا بالطبع لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال التدقيق الجنائي في القطاع المصرفي كما تم في المصرف المركزي، لمعرفة كيف تم صرف الأموال وكيفية استعادتها».

تجريم المقترضين أو استعادة جزء من الإثراء غير العادل؟

وتؤكد المصادر أن «الهدف ليس تجريم المقترضين، بل استعادة جزء من «الإثراء غير العادل» وإعادة تخصيصه لأولئك الذين تحمّلوا العبء الأكبر للانهيار، وهم المودعون في لبنان. إن استعادة جزء من الأموال التي تم الحصول عليها بطريقة غير عادلة يمكن أن تسهم في إعادة تخصيص هذه الأموال بشكل عادل، مما يساهم في تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية في لبنان. هذا الإجراء سيساعد على تعويض أولئك الذين تأثروا بشدّة بالأزمة، بما في ذلك المودعين الذين فقدوا أموالهم نتيجة لسياسات المصارف غير الحكيمة».

إذ تعتبر المصادر أن «الإشكالية المستمرة تتمثل في وجود قوانين ذات مفعول رجعي، وهو ما يثير جدلاً واسعاً، وللتغلب على هذه المشاكل لا بد من اتخاذ خيارات استثنائية وعلاج المشاكل القائمة بقرارات جريئة ومدروسة، لضمان الخروج من هذا المأزق وتحقيق استقرار اقتصادي مستدام».

في الخلاصة، إن كبار المستثمرين والمتموّلين، الذين يملكون القدرة على تسوية القروض المصرفية بأجزاء كبيرة من قيمتها الحقيقية، يمثلون محوراً أساسياً في مسار التعافي الاقتصادي. ولكن، رغم الإمكانيات التي يوفرها هؤلاء في إعادة تأهيل النظام المالي، يبقى السؤال حول مدى العدالة في توزيع العبء المالي، حيث تبقى مسؤولية الحكومة الجديدة في تحقيق التوازن بين معالجة هذه القروض وبين حماية حقوق المواطنين والمساهمة في استقرار الاقتصاد على المدى الطويل.

*المصدر: جريدة اللواء | aliwaa.com.lb
اخبار لبنان على مدار الساعة