اخبار لبنان

المرده

سياسة

افتتاحية "الجمهورية": أجندة أورتاغوس: "حزب الله" والإصلاحات

افتتاحية "الجمهورية": أجندة أورتاغوس: "حزب الله" والإصلاحات

klyoum.com

على عتبة الجولة الرابعة والأخيرة من الانتخابات البلدية والاختيارية المحدّدة في منطقة الجنوب، يتبدّى إصرار الدولة والجهات المعنية على إتمام هذا الاستحقاق في موعده المحدّد يوم السبت المقبل، وتوفير ما يتطلّبه حُسن سَير العملية الانتخابية من إجراءات أمنية ولوجستية وإدارية، بالتوازي مع جهود كبرى لبلورة الحدّ الأقصى من التوافقات والتزكية، خصوصاً في ما تُعرف بقرى وبلدات الحافة الأمامية. إلّا أنّ الوضع مشوب بحذر بالغ، في غياب أيّ ضمانات جديّة لإتمامه بصورة طبيعية، في ظلّ تفلّت إسرائيل من اتفاق وقف إطلاق النار، وتماديها في الاعتداءات والاغتيالات التي تنفّذها بوتيرة يومية، ما يجعل الوضع مفتوحاً على شتّى الاحتمالات.

على الخط الداخلي الآخر، يبرز ملف الانتخابات النيابية في رأس قائمة الأولويات، باعتباره عنوان المرحلة المقبلة، ويشكّل الأسبوع المقبل انطلاقة للنقاش حوله في اللجان النيابية المشتركة لبحث مجموعة من الاقتراحات، وسط انقسام واضح بين المتمسكين بالقانون الحالي، على رغم ممّا يعتريه من شوائب وثغرات، وبين الداعين إلى تعديله، ما يُنذر برحلة طويلة وشاقة من النقاشات والتباينات والمزايدات والشعبويات. فيما الوضع السياسي يتجاذبه من جهة؛ بطء الإنتاجية الحكوميّة على خط الأولويات والإصلاحات، ومن جهة ثانية، الصعوبات التي تعتري الملفات الحساسة، ولاسيما ملف إعادة الإعمار وكيفية توفير التمويل اللازم له، وكذلك الملف المرتبط بتأكيد حصرية السلاح بيَد الدولة. ومن جهة ثالثة، الإرباك السائد على كل المستويات، جراء الضخّ المُريب لسيناريوهات خطيرة باتت وشيكة الحصول على طول المنطقة وعرضها ولبنان من ضمنها. وثمّة مَن يقول بجدّيتها، وثمة في المقابل مَن يُدرجها في خانة التهويل والتخويف.

ماذا تحمل أورتاغوس؟

في هذا الجو المربك، تحطّ نائبة المبعوث الأميركي إلى المنطقة مورغان أورتاغوس في زيارة إلى بيروت بعد أيام قليلة، وموعد وصولها محدّد مبدئياً مطلع الأسبوع المقبل. وثمة تساؤلات سبقت وصولها حول ما تحمله في جعبتها من طروحات، وما هي الغاية من زيارتها بيروت في هذا التوقيت بالذات، وإلامَ تؤسّس هذه الزيارة؟

وإذا كانت بعض التقديرات قد حصرت زيارة أورتاغوس بوصفها رسالة دعم مباشر للحكم الجديد في لبنان، وأنّ هذه الزيارة ليست مفاجئة، باعتبار أنّ أورتاغوس أكّدت خلال زيارتها السابقة إلى لبنان مطلع نيسان الماضي، أنّها تنوي العودة إلى بيروت في وقت لاحق. وتوقف المراقبون عند ما تضمّنته كلمتها بالأمس في منتدى قطر الاقتصادي، حول لبنان، إذ اعتبرت أنّ «الإصلاحات التي نتحدّث عنها مهمّة جداً، وبالمناسبة صندوق النقد الدولي ليس الخيار الوحيد. لديّ خطة كبيرة ورؤية قد تُمكِّن لبنان من الاستغناء عن صندوق النقد ربما، إذا تمكنّا من تحويله إلى بلد استثمارات يمكننا استعمال أموال المستثمرين هنا، وتجنيبه المزيد من الديون».

ورداً على سؤال حول زيارة أورتاغوس إلى لبنان، كشفت مصادر على صلة بالأميركيّين لـ«الجمهورية»: إنّ «أورتاغوس نفسها لا تخلو من مفاجآت، والموفدون الأميركيّون لا يأتون لزيارة لبنان أو يَزورون غيره من الدول لمجرّد الزيارة فقط، بل يتحرّكون وفق برنامج وأجندة عمل وطروحات محدّدة، وضمن هذا السياق تندرج الزيارة المرتقبة لأورتاغوس إلى بيروت». ونفت المصادر علمها بما تحمله أورتاغوس في جعبتها، مضيفةً إنّ ملف الإصلاحات عنوان علني للزيارة، لكن المرجّح أن يكون سلاح «حزب الله» هو البند الأساس لزيارتها، والعنوان الضاغط الذي ترى الولايات المتحدة الأميركية أنّ على الدولة اللبنانية أن تبادر إلى اتخاذ الإجراءات السريعة لنزع سلاح الحزب ليس فقط جنوب نهر الليطاني بل في كلّ لبنان.

ولفتت المصادر إلى أنّ واشنطن تضغط بقوة في ملف «حزب الله» وسلاحه. فما قاله الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول إمكان بناء دولة جيدة في لبنان خارج سطوة «حزب الله» ليس كلاماً عابراً، كما أنّ أورتاغوس نفسها كشفت عن هذه الضغوط بصورة غير مباشرة، حينما قاربت إعلان بعض دول الخليج رفع الحظر عن سفر رعاياها إلى لبنان، باعتراض واضح يقطع الطريق على قرارات مماثلة لقرار دولة الإمارات، بقولها «إنّ أياً من الدول لا تريد إرسال أبنائها إلى لبنان في ظلّ وجود الصواريخ الباليستية»، وقرنت ذلك بقولها أيضاً أنّه «ما زال أمام لبنان الكثير ليفعله لنزع سلاح حزب الله».

يُشار في هذا السياق، إلى أنّ بعض التحليلات الأميركية والغربية راجت في الآونة الأخيرة، وتحدّثت عن أنّ المقصود الأساس من طلب نزع السلاح هو ما تبقّى من ترسانة «حزب الله» الصاروخية التي تُشكّل تهديداً لأمن إسرائيل.

هل التوقيت ملائم؟

إزاء هذا الملف، تبدو الدولة من رئاسة الجمهورية إلى الحكومة عالقة بين فكَّي كماشة؛ الضغط الخارجي لنزع السلاح وما قد يتأتى عن أي خطوة في هذا الاتجاه من تداعيات. والضغط المتأتي عن حساسية هذا الملف داخلياً وصعوبة بلوَرة الحل المطلوب له، في ظل إصرار الحزب على التمسك بسلاحه.

وأوضحت مصادر رسمية لـ«الجمهورية»، إنّ «الديبلوماسية الهادئة التي يقودها رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في هذا الاتجاه، عنوانها الجوهري حصرية السلاح بيَد الدولة، ومعالجة سلاح الحزب بالحوار والروية من دون تسرّع قد يؤدّي إلى مواجهة وإخلال بأمن واستقرار لبنان. وأمّا بالنسبة إلى توقيت طرح هذا الأمر على بساط البحث الجدّي، فيُقرّره رئيس الجمهورية عندما يرى الظرف مناسباً للخوض في هذه العملية، ويؤمَل ألّا يطول الانتظار لوقت طويل».

وجزمت المصادر «أنّ لا مفرّ من الوصول في نهاية المطاف إلى حلّ لملف السلاح، بالشكل الذي يخدم الأمن والاستقرار ويحفظ لبنان وكل مكوّناته. فكل تأخير في هذا الأمر يُراكم المزيد من التعقيدات في شتى المجالات، وخصوصاً في مجال إعادة الإعمار. ولنكن صريحين، فإنّ الدول المعنية بمساعدة لبنان أبلغت أنّها لا يمكن أن تُفرج عن مساعداتها إلّا عندما تتأكّد من حصرية السلاح بيد الجيش اللبناني وحده».

ولفتت إلى أنّ كل المجتمع العربي والدولي يؤيّد هدف حصرية السلاح بيد الدولة، وهذا الأمر يضع «حزب الله» أمام مسؤولية تقدير مصلحة لبنان واللبنانيِّين، وخصوصاً المتضرّرين من العدوان الإسرائيلي، واتخاذ المبادرة في هذا الاتجاه بخطوات تفتح الباب أمام وصول المساعدات لبدء عملية الإعمار وإزالة آثار العدوان في الضاحية الجنوبية والجنوب والبقاع.

موقف الحزب

في موازاة الأصوات الداخلية الداعمة لسحب سلاح «حزب الله»، التي تتهمّ الحزب بأنّه يشكّل عائقاً أمام نهوض الدولة وبدء عملية الإعمار، وحديث بعض الأوساط الخارجية عن أنّ فترة السماح الأميركية للبدء في الحراك الجدّي من قِبل الدولة نحو نزع هذا السلاح، فإنّ مطّلعين على أجواء «حزب الله» أكّدوا لـ«الجمهورية»، أنّ «الحزب» ليس في وارد التخلّي عن سلاحه، ولن يُعطي الإسرائيلي ورقة قوة لبنان التي فشل في انتزاعها في الحرب».

وينقل هؤلاء المطلعون عن مسؤول كبير في الحزب قوله «إنّ «حزب الله» أعلن أنّه منفتح على النقاش في استراتيجية وطنية تحمي لبنان من إسرائيل، وقبل الحديث عن السلاح هناك مسار ينبغي سلوكه من قِبل الدولة اللبنانية لتحرير المناطق المحتلة ووقف الاعتداءات الإسرائيلية وضمان ألّا تُكرّر عدوانها على لبنان».

وعن الدعوات الداخلية لسحب السلاح، أكد المسؤول عينه: «هذه حالات صوتية لا تأثير لها، ولو أنّ مَن يتحدّثون عن نزع سلاح المقاومة وتحديد مهل زمنية لنزعه، يتحدّثون بذات الحماسة والاندفاع حيال المناطق التي ما زالت محتلة من قِبل العدو الإسرائيلي، والاعتداءات والانتهاكات اليومية للسيادة الوطنية، لكانوا أخرجوا أنفسهم من دائرة الاتهام وأثبتوا بالفعل أنّهم حريصون على ما يُسمّونها السيادة».

مخاوف من حصار

ويبرز في هذا السياق ما كشفه سياسي وسطي بارز رداً على سؤال لـ«الجمهورية»، بـ«أنّنا في لبنان والمنطقة دخلنا في عصر جديد، ما يوجب علينا أن نكون واقعيِّين، ولا نمارس المكابرة والإنكار لما حلّ بنا. وعلى «حزب الله» أن يعترف بأنّه اليوم ليس كما كان عليه قبل الحرب، وعليه أن يعترف ويقبل بأنّ احتكار حيازة السلاح واستخدامه، حق للدولة اللبنانية وحدها، وجانب أساس من مسؤوليّتها في حماية المواطن وضمان الأمن في لبنان، والنأي به عن أن يكون منصة لخلق توترات».

وأضاف: «لا أرى في الأفق حالياً فرصة لإنهاء ملف السلاح، بالتالي ينبغي التعايش مع هذا الأمر ربما لفترة طويلة، لكن ما أخشى منه هو أن نتعرّض إلى حصار كبير وحجب كلّي لما قد يساعد لبنان على النهوض وإعادة الإعمار».

زيارة عباس

على الصعيد السياسي، برزت أمس زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس على رأس وفد إلى بيروت وتستمر ثلاثة أيام. وعقد الرئيس الفلسطيني، محادثات رسمية مع رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في القصر الجمهوري في بعبدا، صدر في ختامه بيان مشترك أكّد فيه الجانبان «على العلاقات الأخوية بين الشعبَين اللبناني والفلسطيني، وأكّدا على ضرورة التوصّل إلى سلام عادل وثابت في المنطقة».

وأدان عون وعباس «استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة». وطالبا المجتمع الدولي «بالتحرّك الفوري والجاد لوَقفه وتوفير الحماية الكاملة للمدنيِّين الفلسطينيِّين». كما شجبا الاعتداءات الإسرائيلية المتكرّرة على لبنان، ودعا المجتمع الدولي، لا سيما الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، إلى الضغط على إسرائيل لتنفيذ الاتفاق الذي تمّ التوصّل إليه برعاية الدولتَين في تشرين الثاني من العام 2024 لجهة وقف الأعمال العدائية والانسحاب من التلال التي تحتلها إسرائيل، وإعادة الأسرى اللبنانيِّين، لتمكين الجيش اللبناني من استكمال انتشاره حتى الحدود المعترف بها دولياً، وذلك تطبيقاً لقرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701 الذي التزم لبنان بكامل مندرجاته».

في مجال الأمن والاستقرار، أكّد عون وعباس التزامهما بمبدأ حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، وإنهاء أي مظاهر خارجة عن منطق الدولة اللبنانية. كما أكّدا على أهمية احترام سيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه. وأعلنا إيمانهما بأنّ «زمن السلاح الخارج عن سلطة الدولة اللبنانية، قد انتهى، خصوصاً أنّ الشعبَين اللبناني والفلسطيني، قد تحمّلا طيلة عقود طويلة، أثماناً باهظة وخسائر فادحة وتضحيات كبيرة». كما شدّد الجانبان على تعزيز «التنسيق بين السلطات الرسمية، اللبنانية والفلسطينية، لضمان الاستقرار داخل المخيّمات الفلسطينية ومحيطها».

وبحسب البيان، فقد أكّد الجانب الفلسطيني التزامه بعدم استخدام الأراضي اللبنانية كمنطلق لأي عمليات عسكرية، واحترام سياسة لبنان المعلنة والمتمثلة بعدم التدخّل في شؤون الدول الأخرى والابتعاد عن الصراعات الإقليمية». واتفق الجانبان على تعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب والتطرّف، وضمان «عدم تحوّل المخيمات الفلسطينية إلى ملاذات آمنة للمجموعات المتطرّفة».

*المصدر: المرده | elmarada.org
اخبار لبنان على مدار الساعة