خاص الهديل: انتخابات لبنان البلدية: "أخطاء شائعة" عن أحجام السياسيين!!
klyoum.com
أخر اخبار لبنان:
آخر تقرير.. ما الذي تخشاه إسرائيل في سوريا؟خاص الهديل…
بقلم: ناصر شرارة
السؤال المطروح ليس ما هي دلالات نتائج الانتخابات البلدية على النتائج التي يمكن توقعها للانتخابات النيابية العام المقبل، بل السؤال هل يمكن اعتماد نتائج البلدية كدلالة على نتائج النيابية؟؟.
للوهلة الأولى يبدو هناك رغبة لدى بعض القوى السياسية لاعتبار الانتخابات البلدية بروفا للانتخابات النيابية؛ وهذه القوى تعتبر أن السياسة ليست في خدمة الإنماء بل الإنماء في خدمة السياسة.
هناك أخطاء شائعة يجب لفت النظر إليها أبرزها مصطلح "لائحة مدعومة من الحزب الفلاني أو التيار السياسي الفلاني أو الزعيم السياسي الفلاني"!!.
المصطلح غير دقيق وهو يعكس محاولة لإنتاج دور سياسي للأحزاب على حساب المعنى البلدي وعلى حساب الفضاء العائلي والاجتماعي للبلدات والقرى اللبنانية. صحيح أن الأحزاب موجودة داخل نسيج العائلات والمجتمع القروي والريفي وفي المدن؛ لكن الأصح أن العائلات والفضاء المدني غير الحزبي وخاصة في البلدات المتوسطة الحجم والقرى الصغيرة، لا تمارس السياسة الحزبية في علاقاتها داخل فضاءاتها؛ ففي هذه الفضاءات التي هي على مستوى رئيس بلدية ومختار؛ تصبح الأحزاب منقادة من حسابات العائلات وليس العكس، ويصبح الحزبي مزودج البطاقة الحزبية والعائلية.
ورغم أن الأحزاب تعرف هذه الحقائق حق المعرفة إلا أنها تصر على استعمال مصطلح لائحة مدعومة من هذا الحزب أو ذاك؛ فيما الإعلام يشتري هذا المصطلح ويسوقه.
والاشكالية تقع هنا في أنه لا يوجد جهة مستقلة تقدم قراءة اجتماعية لنتائج الانتخابات البلدية غير الجهات الحزبية أو تلك المرتبطة بشكل أو بآخر بالجهات الحزبية.. لا يوجد مراكز أبحاث أو منتديات تهتم بالقراءة الاجتماعية – الاقتصادية لأعمال الاجتماع اللبناني. وبسبب هذا النقص يصبح كل الاجتماع في لبنان مرتبط بشكل افتعالي بنحو ما يحدث من صعود سياسي أو هبوط لنحو عشرين زعيم سياسي؛ وعدد من الأحزاب الذين لا يتجاوزن أصابع الكفين..
ربما الانتخابات البلدية في المدن تقدم دلالة عن عمق تسلل الأحزاب إلى النسيج الاجتماعي المحلي لها؛ ولكن في البلدات ذات الحجم المتوسط والصغيرة لا يمكن قياس منسوب الحزبية داخل نسيجها الاجتماعي من خلال نتائج الانتخابات البلدية؛ وذلك لأسباب كثيرة أبرزها أن التشكل الاجتماعي في الأرياف هو ما دون حزبي؛ بمعنى أنه عائلي والمصالح بداخله لها معنى بلدي.
لا شك أن الريف في لبنان تطور اجتماعياً؛ ولكنه واجه أزمات اقتصادية بسبب شح التحويلات المالية من الخارج وبسبب عدم وجود استراتيجية تنمية له من قبل الدولة؛ ومصدر تقدم الريف ينحصر بأمر أساسي وهو أن مستوى التعلم فيه ظل معقولاً بسبب أن لبنان بلد عرف التعليم منذ القرن الثامن عشر..
.. وفي حين أن الدولة لم ترسل نموذجها الجذاب إلى الأرياف وقرى الأقضية وبلداتها؛ فإن الأحزاب لم تقدم نموذجاً إنمائياً فيها؛ بدليل أن هذه الأحزاب لا تزال تنظر إلى انتخاباتها البلدية على أساس أنها بروفا لأحجامها السياسية وليس على أساس أنها مناسبة لتحفيز التنافس الإنمائي..
وهذه السياسة الحزبية أنتجت في المدن والبلدات الكبرى؛ بلديات ريعية؛ أي بلديات تقدم الخدمة للمواطن مقابل ولائه الحزبي والسياسي وحتى الاجتماعي..
بكل الأحوال إن الانتخابات البلدية في لبنان لا تزال تجري على أساس أنها بروفا لقياس أحجام الزعامات السياسية وأحزابها داخل نسيج العائلات وفضاءات الاجتماع من غير حاملي البطاقات الحزبية؛ وتمارس الأحزاب في القرى والبلدات المتوسطة هذا السلوك من خلال الإيحاء للناس غير الحزبين بأنه لا يمكنهم خوض انتخابات لتنظيم أحيائهم من دون إرادة الأحزاب التي تنظم حياتهم داخل طوائفهم وداخل الحصة العامة لهويتهم الطائفية داخل الهوية اللبنانية.