الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم: لبنان أمام أخطار "إسرائيل" من الحدود الجنوبية والأدوات الداعشية على الحدود الشرقية والطغيان الأميركي الذي يمارس الوصاية
klyoum.com
أخر اخبار لبنان:
أزمة مياه كبيرة في لبنانأكد الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، مساء الجمعة، أن لبنان أمام ثلاثة أخطار كبيرة حقيقية: "إسرائيل" من الحدود الجنوبية وهي خطر على كل لبنان والأدوات الداعشية على الحدود الشرقية والطغيان الأميركي الذي يحاول أن يتحكم بلبنان ويمارس الوصاية عليه.
وخلال كلمة في تأبين القائد الجهادي الكبير الشهيد الحاج علي كركي "أبو الفضل"، والتي نقلتها إذاعة النور عبر أثيرها مباشرة، شدد الشيخ نعيم قاسم على أن "لن نتخلى عن إيماننا ولا عن قوتنا ولن نتراجع مهما كانت الصعوبات وحاضرون للمواجهة على قاعدة إحدى الحسنيين: النصر أو الشهادة ولا يوجد لدينا استسلام ولا تسليم لـ"إسرائيل"... وما دمنا على قيد الحياة وما دام فينا نفس لن تحقق "إسرائيل" أهدافها هذا نستطيع أن نضمنه لأن عندنا بيئة شعبية عظيمة جداً لم يحصل مثلها في التاريخ وهي حاضرة للتضحية من أجل الكرامة والعزة واستقلال لبنان".
وعددالأمين العام لحزب الله مناقب القائد الشهيد علي كركي الذي "له حق علينا لأنه أحد المعاونين في المجلس الجهادي للأمين العام سيد شهداء الأمة السيد حسن نصرالله وهو شخصية بارزة يجب أن يتعرف الناس عليه"، وأسهب في الحديث عن تاريخه الجهادي حيث "أسّس الشهيد أبو الفضل للعمل الإسلامي في بيروت الغربية وأسّس فوج مصعب بن عمير الكشفي وعمل على أن يكون ناهضًا بنادي العهد الرياضي وانضم إلى حركة أمل (حركة المحرومين) في 1974 وهو من أبرز من شاركوا في تشكيل البنية العسكرية لحزب الله".
"بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق، مولانا وحبيبنا وقائدنا أبي القاسم محمد، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وصحبه الأبرار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والصالحين إلى قيام يوم الدين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اخترنا هذا اليوم لتأبين القائد الجهادي الكبير الشهيد علي عبد المنعم كركي (الحاج أبو الفضل)، لأنه استُشهد مع سماحة سيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله رضوان الله تعالى عليه في 27 أيلول من السنة الماضية، ولم يتيسر أن يكون له تأبين خاص ولا مراسم خاصة، وله حق علينا، لأنه أحد المعاونين في المجلس الجهادي لسماحة الأمين العام قدس سره، وهو شخصية بارزة يجب أن يتعرف الناس عليه.
سأتحدث عن الشهيد رضوان الله تعالى عليه، وفي القسم الثاني سأتعرّض إلى الأوضاع السياسية الحالية الموجودة في لبنان.
أبدأ بالآية الكريمة:
قال تعالى: "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ".
هو كان من الصادقين الذين أوفوا بعهدهم، والتزموا بخيارهم، واختار طريق الإسلام المحمدي الأصيل.
هو من مواليد أيار 1962، ملتزم منذ الصغر، محب لآل البيت عليهم السلام. هو حاصل على الإجازة الجامعية، انتمى إلى العمل الإسلامي من الوقت الأول، عادة نُسميه من الجيل الأول، من الجيل القديم، من الجيل المؤسس.
هو أسّس للعمل الإسلامي في منطقة بيروت الغربية، أسّس فوج مصعب بن عمير الكشفي، وعمل على أن يكون ناهضًا بنادي العهد الرياضي. انضم إلى حركة أمل (حركة المحرومين) في سنة 1974. هو أحد أبرز الذين شاركوا في تشكيل البنية العسكرية لحزب الله لاحقًا.
تصدى للاجتياح الإسرائيلي سنة 1982 في معركة خلدة، وأصيب إصابة بالغة. وهو الذي خطط مع القائد الجهادي الكبير الحاج عماد مغنية رضوان الله تعالى عليه عملية الاستشهادي أحمد قصير.
أسّس تشكيلات المقاومة في الشريط الحدودي المحتل بعد الانسحاب الإسرائيلي سنة 1985، وتولى المسؤولية العسكرية لمنطقة الجنوب حتى العام 1996.
خطط وقاد العديد من العمليات الجهادية حتى تحرير العام 2000. كان له دور بارز في صدّ العدوان الإسرائيلي في سنة 1993 وسنة 1996 وسنة 2006.
بعد التحرير سنة 2000، تسلم مسؤولية مؤسسة الجرحى لسنتين.
قاد مقر سيد الشهداء، أي المنطقة الجنوبية كلها، كانت لها إدارة عسكرية واحدة اسمها مقر سيد الشهداء. قاد هذا المقر من سنة 2006 حتى الاستشهاد.
شارك في التخطيط والإشراف على المعارك التي حصلت في القصير، الزبداني، القلمون، دمشق، البادية، البوكمال، وحلب في منطقة سوريا، في مواجهة التكفيريين في وقتها.
لعب دوراً أساسياً في معركة طوفان الأقصى، فهو من أوائل المشاركين في الطوفان، وكان مسؤولًا في مقر سيد الشهداء في الجنوب، وكان يتابع بفعالية.
رغم تعرضه لعدة محاولات اغتيال، لم يترك الجنوب اللبناني.
كان قد تسلم مناصب قيادية عدة في حزب الله: هو مسؤول عسكري مركزي لسنتين، وعضو في المجلس الجهادي في حزب الله، وكان معاونًا جهاديًا لسماحة الأمين العام السيد حسن قدس سره منذ عام 2008.
حياته الشخصية، حياة الرجل المتدين المؤمن الطاهر، هو متواضع، قريب من الناس، عزيز النفس، سهل المعاشرة، لكنه صلب في الحق. هو قنوع، لا يحب التكلف، ودائم الحمد والشكر لله تعالى، لا يشكو ألمًا ولا تعبًا.
في عبادته، هو حافظ للقرآن، كان يختم القرآن كل ثلاثة أيام في شهر رمضان المبارك، وكان يعتكف في المسجد. اهتم بأداء المستحبات، كثير الصيام، دائم الوضوء، كثير الذكر لله تعالى، حافظ لمعظم الأدعية والأذكار الدينية المستحبة، يقوم بصلاة الليل بشكل دائم.
آخر وصاياه، أوصى بزيارة عاشوراء ودعاء علقمة.
حرص على أن يكون دائمًا محيطًا بعائلته، حرص على السكن بالقرب من المساجد، يصطحب أبناءه إليها منذ الصغر، ويهتم بمتابعة شؤون عائلته. يقرأ الدعاء مع عائلته في ليالي الجمعة والأربعاء، وكان يوصي أسرته بالصلاة في أول وقتها، وبقراءة القرآن، وبمتابعة المناسبات الدينية. كان شديد الحرص على رضا والديه وبرّهما وزيارتهما. اجتماعي، يحب العمل والثقافة، درس في قم المقدسة لسنتين، وحرص على المشاركة في النشاطات الاجتماعية والكشفية والرياضية.
أي نحن أمام شخصية لها بنية دينية أصيلة، ولها سلوك عملي منسجم مع تعاليم الإسلام، حريص على هذا التوجه الإسلامي العظيم، موالٍ للإمام الخميني قدس الله روحه الشريفة، ولإمامنا القائد الخامنئي دام ظله، وهو متعلق بأهل البيت عليهم السلام.
هذه الشخصية هي الشخصية التي كانت في الميدان منذ الصغر، لم يترك الساحة أبدًا، وكان دائمًا في الطليعة في العمل المقاوم الجهادي العظيم.
رحمك الله يا حاج أبو الفضل علي عبد المنعم كركي، أنت وإخوانك، التحقت مع سيد شهداء الأمة رضوان الله تعالى عليه في المكان نفسه، وكنت حقيقة عضدًا دائمًا له، وكنت رمزًا للمقاومة.
إلى روحك الطاهرة، وأرواح الشهداء الأبرار، نهدي ثواب السورة المباركة الفاتحة مع الصلاة على محمد وآل محمد.
ندخل إلى الموضوع السياسي، سأتحدث اليوم بشكل أساس عن وضع لبنان والمقاومة في لبنان، والمخططات التي تُحاك بحق لبنان، وأُجيب عن أسئلة أساسية:
ما هي فعالية المقاومة واستمرارها في لبنان؟
ما الذي يجب أن نفعله مع المطالب الدولية والإسرائيلية التي تركز على سحب سلاح المقاومة؟
ما الذي يجب أن نواجهه من أجل أن نرفع من قدرة لبنان ومكانة لبنان، وأن نعيد إعماره، وأن نجعله مستقرًا في محيط فيه الكثير من الأخطار والارتكابات؟
أولًا، هذه المقاومة التي يُناقش البعض جدواها والعمل الذي قامت به، يبدو أنه نسي بأن هذه المقاومة التي أسسها الإمام الصدر، وأسسها الإمام الخميني قدس سره، وساهم في قوتها وعزيمتها الشهداء والأبرار والقادة، وكان في الطليعة الأمين العام الأسبق سماحة السيد عباس الموسوي رضوان الله تعالى عليه، ثم العمل الكبير التأسيسي الذي قام به سماحة سيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله رضوان الله تعالى عليه على مدى 32 عامًا مع الصفي الهاشمي رضوان الله تعالى عليه. هذه المقاومة قدّمت إنجازات خلال 42 سنة، من سنة 1982 إلى سنة 2024: هي أنجزت تحرير لبنان سنة 2000. هي منعت إسرائيل من أن تحتل سنة 2006. هي أدّت إلى استقرار لبنان من سنة 2006 إلى 2023، ولم تتمكن إسرائيل من القيام بعدوان على لبنان طيلة 17 سنة. هذه إنجازات.
الأهم أن المقاومة عطّلت الدولة الإسرائيلية الاستيطانية في جنوب لبنان، عبر سعد حداد ولحد عندما سقطت هذه الدويلة وحلّ محلها التحرير.
هذه المقاومة منعت خلال معركة أُولي البأس من وصول إسرائيل إلى بيروت، بل منعتها من أن تتقدم مع 75 ألف جندي وضابط إسرائيلي على الخط الحدودي في جنوب لبنان.
هذه إنجازات للمقاومة، إنجازات عنوانها الأساسي التحرير، عنوانها الأساسي حماية لبنان من الاحتلال، عنوانها الأساسي منع إسرائيل من الاستيطان، عنوانها الأساسي أيضًا منع الكيان الإسرائيلي من أن يسيطر على خيرات لبنان ومستقبل لبنان. هذه إنجازات.
يقول البعض: لكن كانت هناك خسائر كبيرة، ولم تستطع أن تردع إسرائيل بمنعها من الاستمرار في العدوان بعد معركة أُولي البأس.
نقول: هذا صحيح، لم نستطع أن نمنع إسرائيل من الاستمرار في العدوان، لكن استطعنا أن نوقفها عند حد بالاتفاق الذي عقدته الدولة اللبنانية مع الكيان الإسرائيلي، وأصبح لزامًا على إسرائيل أن تنسحب من الأراضي اللبنانية وأن توقف عدوانها.
هذا اتفاق أصبح تحت مسؤولية وعهدة الدولة اللبنانية. يعني نحن سلّمنا إلى هذه المرحلة الدولة اللبنانية، لأنها هي المسؤولة بالأصل، وإنما تصدّت المقاومة عندما لم تكن الدولة حاضرة.
عندما أعلنت أنها حاضرة، وأصبحت الظروف مؤاتية من جهتنا ومن جهة الدولة في أن تقوم بهذا العمل، استلمت الدولة هذه المسؤولية.
حزب الله نفّذ الاتفاق، اتفاق وقف إطلاق النار بالكامل في جنوب نهر الليطاني. الدولة اللبنانية نشرت الجيش اللبناني حيث استطاعت في جنوب لبنان، لأن بعض الأماكن لم تسمح إسرائيل للبنان بأن يتقدم، وللجيش اللبناني أن يتقدم.
إذًا، نفذنا كدولة لبنانية، كحزب الله ومقاومة، مع كل المقاومين، كل ما علينا في الاتفاق، بينما إسرائيل لم تنفذ شيئًا.
الآن، من 7-11-2024 إلى الآن، مرّ 8 أشهر. خلال 8 أشهر، العدوان مستمر، حتى الستين يومًا التي كانت بعد 27-11، على قاعدة أن هذه الستين يومًا هي فترة الانسحاب، لم تلتزم إسرائيل بفترة الانسحاب، وبقيت في خمس نقاط، واستمر العدوان.
كل الدنيا تقول إن إسرائيل خرقت 3800 خرقًا، كل العالم يشير إلى أن إسرائيل لم تلتزم، وأيضًا كل العالم يقول إن الحزب التزم، ولبنان التزم، وهذا معروف، طبعًا باستثناء أمريكا وإسرائيل.
ما الذي جعل إسرائيل تستمر في عدوانها؟ وما الذي جعل أمريكا تعمل الآن من أجل اتفاق جديد؟
أنا سأكون شفافًا، اكتشفوا أن الاتفاق الذي انعقد فيه مصلحة للبنان واستمرار مقاومته، ولذلك اعتبروا أن المطلوب هو تعديل الاتفاق وتغييره. ذهبوا إلى الضغط الميداني، لعلّه يؤدي إلى تعديلات، كل هذا الضغط الميداني الذي قاموا به، وكل هذا العدوان خلال 8 أشهر، لم يعدّل في نتيجة الاتفاق. أي الآن إذا انسحبت إسرائيل وأوقفت عدوانها فطبعًا هذه مصلحة كبيرة للبنان.
اليوم أمريكا تطرح اتفاقًا جديدًا، تعرفون ماذا يعني اتفاق جديد؟ يعني أن كل الإساءات والمخالفات، وعدم تطبيق الاتفاق من قبل العدو الإسرائيلي خلال 8 أشهر، كأنها لم تكن، لأنه سيقول لك ما دمنا أمام اتفاق جديد، فلماذا تطالبني بالموضوع القديم؟ لا أحد يطالب بالموضوع القديم وصار لدينا اتفاق جديد.
إذًا، الاتفاق الجديد يبرئ إسرائيل من كل فترة العدوان السابقة.
والأمر الثاني، في الاتفاق الجديد، النصوص والطريقة التي تريدها أمريكا، بحيث أننا نبدأ مجددًا بالمطالبة بنزع السلاح في مقابل بعض الانسحابات الجزئية وفي أوقات متفاوتة، أي أيضًا مطلوب منّا أن نقدم الإضافة، وإسرائيل هي ستقرر متى تقدّم.
في النص الذي أُرسل، النص الثاني للمذكرة قال هناك عواقب على الخرق! ما هي العواقب على إسرائيل؟ قال: إدانة من مجلس الأمن ومراجعات لفضّ النزاع العسكري. على من تضحكون؟ هي أمريكا بطولها وعرضها مع هوكشتاين ضمِنوا الاتفاق وضمن اللجنة الخماسية والآن يتنصلون، بعد 8 أشهر يقولون نحن لم نضمن الاتفاق، كاذبون، أنتم ضمِنتم الاتفاق، وإلا على ماذا أمريكا راعية؟ وعلى ماذا أمريكا رئيسة اللجنة؟ ونحن كنا مطّلعين على كل الالتزامات السابقة، كان هناك ضمانة حقيقية، لكن لم تُترجم على الأرض، لأنهم اكتشفوا أن هذا الاتفاق ليس على خاطرهم، ولا يحقق الأهداف التي يريدونها.
ما هو المبرر الآن لعدم إيقاف العدوان، وللحديث عن اتفاق جديد؟ المبرر الوحيد نزع سلاح حزب الله في كل لبنان.
السؤال، لماذا تريدون نزع سلاح حزب الله؟ قال حتى تطمئن إسرائيل لأن هذا مطلب إسرائيلي. أي ضعوها في بالكم، نزع سلاح حزب الله هو مطلب إسرائيلي، التأخر بأي إجراء من قبل إسرائيل واستمرار العدوان، لأنهم يريدون إسقاط السلاح الذي منعهم من الدخول إلى بيروت ومنعهم من احتلال لبنان ومنعهم من أن يحققوا أهدافهم. إذًا، مشروع نزع السلاح الآن، في هذه المرحلة، في كل الأطروحات، هو من أجل إسرائيل. وإلا، بغير هذه الطريقة، كيف ممكن أن تنسحب إسرائيل؟
نحن نعتبر أن الاتفاق هو الذي يجب أن يُلزمها بالانسحاب. لأن بعضهم يقول: طيب، إذا لم يُنزع السلاح لن تنسحب إسرائيل. ما هي معتدية! ليس لها حق إسرائيل أن تتدخل! دعوني أكون واضحًا معكم، إسرائيل يمكن أن تقول أنا عندي مشكلة اسمها المستوطنات، وهكذا كانت تقول. طيب، الآن 8 أشهر، أمن المستوطنات موجود، 8 أشهر لم تحصل ولا طلقة، خلال 8 أشهر حصل انسحاب من جنوب نهر الليطاني، واستلم الجيش اللبناني، وصارت بيد الدولة اللبنانية.
إذًا، انتهى، المطلب الإسرائيلي تحقق، مطلوب أن يتحقق المطلب اللبناني، وهو إيقاف العدوان والانسحاب الإسرائيلي.
لأقول لكم شيئًا، نحن لا ننظر إلى إسرائيل على أنها قامت بعدوان وستتراجع غدًا إذا قمنا بإجراء معيّن، لا، يا جماعة إسرائيل توسعية، حتى التطبيع الذي يُعمل عليه الآن مع بعض الدول العربية، والذي تم مع بعض الدول العربية، تمهّلوا قليلاً، ستكتشفون أن هذا التطبيع خطوة من خطوات ضم المنطقة إلى إسرائيل.
اليوم لاحظوا ماذا فعلت إسرائيل في الوضع في سوريا؟ دمّرت كل القدرة السورية من أولها إلى آخرها، احتلت ستمائة كيلومتر مربع في منطقة الجولان والقنيطرة. القصف الذي قامت به في الفترة الأخيرة، بحجة حماية الدروز - وهي كاذبة في ذلك - وصل إلى القصف داخل دمشق بأكثر من 200 غارة. لماذا تقوم إسرائيل بهذا العمل في سوريا في وقت أين هو التهديد الموجود من سوريا بالنسبة إليها؟ أين التهديد؟ قيل: هناك تهديد قد يحصل من الآن إلى بعد ألف سنة! قيل: مطلوب أن تكون سوريا مجردة تمامًا من السلاح، ومطلوب أن تكون سوريا تحت الأوامر الإسرائيلية. أي هذا القصف الذي حصل مؤخرًا لتقول إسرائيل افعلوا هذا ولا تفعلوا ذاك، أي إدارة إسرائيلية لسوريا. هل يمكن أن نقبل بهذا الأمر في لبنان؟ ألم نرَ ما يحصل في غزة؟ إبادة، إبادة شعبية، إبادة جماعية، إبادة للفلسطينيين بإشراف أمريكي مباشر، تحت أي عنوان؟ قيل: هذه الإبادة تُحقّق أمن إسرائيل. تحت عنوان أمن إسرائيل لا يبقى مخلوق في المنطقة يستطيع أن يرفع رأسه. تحت عنوان أمن إسرائيل لا تبقى زاوية إلا ويطالبون بتفتيشها ونريد أن نقصفها. تحت عنوان أمن إسرائيل ممنوع على أحد أن يقول "لا" لإسرائيل.
الغرب وصلوا إلى مكان يُعاقب فيه على العداء للسامية، حتى الكلمة ضد إسرائيل ممنوعة في الغرب، الكلمة يُسجن عليها الإنسان، وتُسحب منه جنسيته إلى آخره. نحن ليس فقط مطلوب منا سحب السلاح ووقف الأخطار كما يقولون، بل يريدون أن يُعدِموا أي قدرة على أي حركة، على أي كلمة، على أي نفس يمكن أن يصدر في منطقتنا، من أجل أن تتحكم إسرائيل بالكامل وتتوسع.
حسنًا، لماذا قصفت إيران؟ تحت عنوان أنه يوجد نووي سلمي، وهذا النووي السلمي يعتقدون أنه سيتحوّل إلى عسكري ويشكّل خطرًا على إسرائيل. كل المفتشين أثبتوا أن هذا نووي سلمي، لكن إسرائيل تضع عنوانًا كمبرر، لكن الهدف في الحقيقة هو ضرب إيران لإسقاطها، لإسقاط هذه القدرة.
الحمد لله، استطاعت إيران أن تقف بقوة، من القيادة إلى الشعب، إلى الحرس، إلى القوى الأمنية، واستطاعت أن تلجم هذا الاجتياح الإسرائيلي الذي يريد أن يصل إلى تلك الأماكن.
أنا أريد أن أؤكد وجهة نظري التي تقول إن إسرائيل توسعية وهي خطر حقيقي.
الرئيس ترامب ماذا قال عن فلسطين وعن غزة؟ اعتبر أن إسرائيل دولة صغيرة المساحة، هذه صغيرة المساحة كيف تكبر مساحتها؟ تريد أن تحتل، أن تأخذ غيرها. أول طرح له كان أن تتحوّل غزة إلى "ريفيرا". عندما تقاتل إسرائيل وتقتل وتعتدي في سوريا أو لبنان، تلاحظون دائمًا أن البيانات الإسرائيلية تقول: بالتنسيق مع أمريكا، بالتنسيق مع القيادة الوسطى، أي الإدارة كلها إدارة أمريكية. أي المطلوب أن تكون هناك "إسرائيل الكبرى". كل هذه المنطقة التي ترونها يريدون إعادة جغرافيتها، تقسيمها وخريطتها.
أما المندوب الأمريكي براك فقد قال كل شيء، وعلى أساس أنه عاقل ويعرف كيف يتحدث، وإذا تكلّم يكون كلامه في محلّه. ماذا يقول باراك؟ "لبنان على وشك الانقراض إذا لم يُسرِع ويلتحق بركب التغيير." أولًا، ليس مقبولًا أن يكون لبنان مستقلًا أو رافع الرأس وإلا الانقراض! انقراض لمَن؟ انقراض يعني تسليم لإسرائيل.
ثانيًا، يقول: "لبنان يواجه خطر الوقوع في قبضة القوى الإقليمية ما لم تتحرّك بيروت لحل مشكلة أسلحة حزب الله، فلبنان بحاجة إلى حل هذه القضية، وإلا فقد يواجه تهديدًا وجوديًا." هناك تهديد وجودي للبنان، أي لبنان لا يبقى، مَن؟ الإقليمي، فسرها في مكان آخر كمرحلة، "يقول السوريون إن لبنان منتجعنا الشاطئي لذا علينا أن التحرك". أي أنت تريد أن تلحق لبنان بسوريا؟ أي لبنان معرّض للانقراض؟ هكذا تقول؟ أي هذا هو المشروع؟
أيضًا يقول براك: "الخوف من نزع سلاح حزب الله وامتناع الحكومة اللبنانية عن تنفيذ ذلك قد يؤدي إلى اندلاع حرب أهلية." أي يحرض الجيش اللبناني والدولة اللبنانية، اذهبوا قاتلوا وانزعوا السلاح، لأن خوفكم من نزع السلاح هو الذي يسبّب الحرب الأهلية، وليس ذهابكم إلى نزع السلاح. تحريض على الفتنة، تهديد للبنان بالانقراض، إلحاقه بقوى إقليمية، على الأقل إلحاقه مرحليًا بالشام.
هذا خطر كبير، ألا تسمعون؟ ألا ترون؟ هؤلاء الذين يقولون إننا لا علاقة لنا بأحد، أهم تركوكم؟ أمهم إن كان لكم علاقة بإسرائيل أو لا؟ لكم علاقة بأمريكا أو لا؟ المهم ماذا يريدون هم؟ هم يريدون أن يُقسَّم لبنان، ويُوزَّع بين إسرائيل وسوريا، ويصبح هناك خارطة جديدة في المنطقة. إسرائيل توسعية، لذلك المسألة ليست مسألة سحب السلاح، بل هي خطوة من خطوات التوسع الإسرائيلي. السلاح عقبة، هذا السلاح هو الذي جعل لبنان يقف على رجليه لمدة 42 سنة ويمنع إسرائيل. أأتي أنا الآن وأقول إن هذا الذي كان عامل الحماية وعامل الصمود والتصدي وقدرة الاستمرار، فلنُزِله من الطريق لأنه هكذا سيرحموننا؟ لا، لن يرحمونا، هذا معناه أننا نعطيهم كل شيء مجانًا.
اليوم أقول لكم بوضوح، نحن كحزب الله وحركة أمل ومقاومة، نحن كخط سيادي يريد استقلال لبنان، نحن الذين نؤمن بأن لبنان وطن نهائي للبنانيين، نحن الذين نؤمن أننا نخضع جميعًا للطائف ومندرجاته، نحن الذين نعتبر أن أبناءنا يجب أن يعيشوا في هذا البلد أعزة، كرماء، مرفوعي الرأس، نشعر بأننا أمام تهديد وجودي، تهديد وجودي للمقاومة وبيئة المقاومة، والمناصرين للمقاومة، وتهديد وجودي للبنان بكل طوائفه، كل الطوائف مهددة في لبنان. انظروا ماذا يحدث في سوريا، في فلسطين حتى، حتى الكنيسة الكاثوليكية قُصِفت، وقبلها كنائس أخرى في غزة. انظروا ماذا يحصل من الذبح على الهوية من بعض المجموعات المتفلتة في سوريا، من جماعة داعش، حتى ولو أخذوا لبوسًا مختلفًا أو كان لهم عنوان مختلف، هذه الحوادث ليست حوادث عادية.
إضافة إلى ذلك أقول لكم أكثر من هذا، اليوم، إذا كان هناك قرار، لا يحتاج وقتًا طويلًا ليأتوا الدواعش من شرق لبنان إلى لبنان بهجمات غير عادية، أي نحن اليوم أمام تهديد حقيقي إسرائيلي، وأذرع إسرائيل التي يمكن أن تُستخدم بطريقة أو بأخرى.
لبنان أمام تهديد وجودي، المقاومة أمام تهديد وجودي، وهذا أكبر خطر يُهدّد لبنان.
ماذا نفعل أمام الخطر؟ علينا أن نعرفه أولًا، وأن نصمد أمامه وأن نختار الوسائل والطرق المناسبة لصد هذا الخطر.
نحن نعتبر أن صد هذا الخطر هو في بقاء قوة المقاومة، والتماسك بين الدولة والمقاومة، وتعاون كل الأطراف اللبنانيين على تمرير هذه المرحلة، بتطبيق إسرائيل للاتفاق والضغط على أمريكا وفرنسا والأمم المتحدة والرعاة، أن يخرجوا إسرائيل من لبنان وأن ينفذوا ما عليهم.
يمكن لأحد أن يقول: وما نفع هذه القوة الموجودة عندكم؟ تنفع، لو لم تكن لها قيمة هل كانوا طالبوا بها؟ لماذا يركّزون عليها إذا لم تكن لهذه القوة قيمة؟ فليتجاوزوها. لا، بل لها قيمة، ونحن نقول بوضوح لدينا كمقاومة، أولًا قوة الإيمان والموقف، قوة الإيمان بالمقاومة والموقف الذي اتخذ هذه المقاومة خيارًا حقيقيًا مهما كانت الصعوبات والتعقيدات والتضحيات. أما الإمكانات العسكرية، فهي جزء له علاقة بقوة الموقف. نحن معتمدون على قوة الموقف أولًا، وبعض الإمكانات العسكرية التي تساعد في العملية الدفاعية. إذا دافعنا ووقعت خسائر كبيرة عندنا، وهذا متوقع إذا نحن دافعنا، لكن لدينا الأمل أننا إذا تصدّينا نستطيع أن نقفل الباب عليهم وأن نفتح بابًا للحل والتحرير. أما إذا سلّمنا – مثل ما يقول البعض فلنسلّم - فهذا يعني أننا أبطَلْنا أسباب قوتنا مجانًا، والضمانة الأكيدة أن يكون هناك تغوّل إسرائيلي لا حدود له ليعدِم لبنان حياته ومستقبله وحياة أبنائه.
أيّ خيار سنختار؟ إذا كان لدينا خيار قادرين فيه أن نحقّق احتمال الانتصار، وخيار مضمون هو السحق والهزيمة، هل نذهب إلى السحق والهزيمة؟
أنا سأخبركم، لبنان اليوم أمام ثلاثة أخطار كبيرة حقيقية:
الخطر الأول، إسرائيل من الحدود الجنوبية، خطر على كل لبنان وعلى مستقبل لبنان.
الخطر الثاني، الأدوات الداعشية على الحدود الشرقية، وكلكم يعرف التجربة السابقة.
الخطر الثالث، الطغيان الأمريكي الذي يحاول أن يتحكم بلبنان ويمارس الوصاية عليه. وبالتالي، يريد الأمريكي أن يعدم قدرة لبنان على التحرك والحياة.
يقولون إن الأمريكيين يساعدوننا، بماذا ساعدنا الأميركي؟ وماذا أعطى للبنان؟ يعطينا مواعظ، يعطي الـNGOS من أجل الموضوع التثقيفي والتعبئة الإعلامية، يفرض عقوبات على أفراد ومؤسسات ونظام مصرفي، لا يبيعونا إلا كلامًا، حتى الاتفاق تنصّلوا منه. الأمريكيون لا يعملون لمصلحة لبنان، لا، كل ما تقوم به إسرائيل هو بالحقيقة هدف أمريكي أيضًا.
أنا أريد أن أقول لشركائنا في الوطن، المقصود بشركائنا في الوطن الجميع دون استثناء، الذين يؤيدوننا والذين لا يؤيدوننا، والذين لا يؤيدوننا أكثر، أقول لهم: اصبروا على حصرية السلاح - بحسب مفهومكم، أنتم عندكم مفهوم لحصرية السلاح، ونحن عندنا مفهوم آخر لحصرية السلاح - اصبروا، وانظروا كيف ساعدنا في انطلاقة البلد، والآن هذا السلاح لم يؤثّر نهائيًا ولا أي تأثير في انطلاقة البلد - إذا كان هناك تعثّر في انطلاقة البلد فبسبب الإدارة أو الأجانب أو الآخرين الذين لا يعاونون لبنان - في مقابل الخطر الكبير الذي لن يُبقي لبنان. أي نحن أمام خطر اسمه إسرائيل وأمريكا، وأمام مشكلة اسمها حصرية السلاح في الداخل. عندما نكون أمام خطر ومشكلة، نعالج الخطر ثم نذهب إلى المشكلة، لا نذهب إلى المشكلة والخطر داهمٌ علينا جميعًا. العدوان ومواجهة العدوان أهم مشكلة تواجه لبنان. فلتكن كلمتنا واحدة، ولنعمل للأولوية، وتأكدوا أنه بعد أن نُزيل هذا الخطر، وبعد أن يتحقق المطلوب، نحن حاضرون أن نناقش استراتيجية الأمن الوطني، والاستراتيجية الدفاعية، وأن تكون هناك نتائج لمصلحة قوة لبنان واستمرار لبنان. أدعوكم أن لا تقدّموا خدمة لإسرائيل، معًا نكون أقوى، في المواجهة لا تستطيع أمريكا أن تحقق أهدافها.
الآن إذا لم تقبلوا، ماذا أفعل لكم؟ من أبى وقبل الذل فهذا شأنه، نحن لن نقبل الذل، قدّمنا التضحيات الكثيرة من أجل هذا الخط ومن أجل استقلال لبنان ومن أجل عزّتنا في لبنان، وقوتنا هي التي ساعدتنا على هذه النتيجة، وإيماننا هو الذي ساعدنا على هذه النتيجة، لن نتخلى عن إيماننا ولا عن قوتنا، لن نتراجع مهما كانت الصعوبات، وحاضرون للمواجهة على قاعدة إحدى الحسنيين: النصر أو الشهادة، لا يوجد لدينا استسلام، لا يوجد لدينا تسليم لإسرائيل، لن تستلم إسرائيل السلاح منّا. نحن حاضرون لأي عمل يؤدي إلى التفاهم اللبناني والقدرة اللبنانية والمكانة اللبنانية، لكن كُرمى لعيون إسرائيل وأمريكا لن نعطي هذا تحت أي نوع من أنواع التهديدات، لا أحد يفكر بهذا المسار.
الآن تقولون: إذا استسلمتم يكون أفضل، نقول لهم لا، لسنا من الذين يستسلمون، "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ".
نعلم أن المواجهة مكلفة جدًا، لكن الاستسلام ليس أكثر كلفة، لا، الاستسلام لا يُبقي لنا شيئًا، يا جماعة انتبهوا، خذوا العبرة مما يحصل في المنطقة، في فلسطين، في كل العالم.
على كل حال، نحن مستمرون، حاضرون وجاهزون للمواجهة الدفاعية، لأن بعضهم قال: أي أنتم جاهزون؟ اذهبوا وأطلقوا النار عليهم، اقتلوهم، واجهوهم، أي بلا سخافة بطريقة العرض للناس. لا، نحن نقول جاهزون للدفاع فيما لو اعتدت إسرائيل اعتداءً نعتقد معه أن الأوان آن من أجل أن ندافع، وفي هذا الدفاع حاضرون للنصر أو الشهادة، لكن لا يوجد استسلام.
وأدعوكم أن لا تراهنوا على الخلاف الشيعي – الشيعي، حزب الله وحركة أمل بينهما تعاون استراتيجي حقيقي، هذه البيئة المقاومة، بيئة متماسكة متعاونة، كلها من أولها إلى آخرها، شهداء وعطاءات وتضحيات وتمسّك بالأرض. هذه البيئة التي قادها الإمام الصدر - أعاده الله سالمًا ورفيقيه - وقادها السيد حسن نصر الله رضوان الله تعالى عليه، لا يمكن أن تخلّ بمبادئهما، ولا يمكن أن تتراجع عن طرحهما.
لا تراهنوا على أنه يوجد خلاف داخلي، ولا بين كل الأطراف الذين معنا.
ولا تراهنوا أيضًا على الخلاف مع الرؤساء الثلاثة. لدى الرؤساء الثلاثة من الحكمة والوعي، ومعرفة الأخطار، ومعرفة الواقع، والتعاون، ما يساعد على إخراج البلد من أزماته بطريقة صحيحة. فلا أحد يذهب ويبث الفتنة، ويقول نحن نحاول أن نُخلف الناس ببعضها حتى تحقق إسرائيل أهدافها.
ما دمنا على قيد الحياة، وما دام فينا نفس، لن تحقق إسرائيل أهدافها، هذا نستطيع أن نضمنه. لماذا؟ لأنه عندنا بيئة شعبية عظيمة جدًا، لم يحصل مثل هذه البيئة في التاريخ، هذه البيئة حاضرة للتضحية من أجل الكرامة والعزة واستقلال لبنان.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".