أي حرب عمرها 3000 عام؟
klyoum.com
أخر اخبار لبنان:
قبلان: هيبة الدولة ليست بصخرة الروشة!كتب ناصر قنديل في "البناء"
كرّر الرئيس الأميركي دونالد ترامب في تسويق مشروعه المشترك مع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الحديث عن حرب عمرها 3000 سنة يزعم أنه يقوم بحلها عبر هذه الصيغة، متبنياً رواية صهيونية خرافية لا أساس لها من الصحة ولا سند لها في التاريخ. فالمقصود هنا هو أن اليهود كانوا هنا ودارت بينهم وبين المنطقة لا تزال مستمرة منذ 3000 سنة، باعتبار أن عمر الإسلام 1500 سنة فقط، وعمر المسيحية 2025 سنة، فهل يُخبرنا الرئيس ترامب مع مَن كانت الحرب قبل 3000 سنة وما هي علامات استمرارها وكيف استمرّت؟
إن سقف مزاعم الرواية الصهيونيّة الذي يتحدّث عن وجود في المنطقة قبل 3000 سنة، يقول بوجود مملكة يهودا في القدس وجنوب الضفة الغربية وصولاً إلى النقب، ومقابلها مملكة السامرة في شمال الضفة الغربية وبعض الجليل الأعلى، ويتحدّث عن وجود هيكل سليمان في مملكة يهودا وتدميره في الخراب الأول عام 586 قبل الميلاد على يد البابليّين، ثم تدمير الهيكل الثاني عام 70 ميلاديّ على يد الرومان، فما هي علاقة العرب وما هي علاقة المسلمين؟ وإذا كانت الرواية ذاتها تتحدث عن عمر لم يزد عن ثمانين سنة لهذه الممالك التي لا دليل تاريخياً على وجودها ولا إثبات أثرياً على وجود هيكل سليمان الذي يشكل محورها، فنحن وفق الرواية نتحدّث عن 160 سنة من الممالك انتهت على أيدي غير العرب والمسلمين، تلتها أكثر من 1500 سنة لسيادة العرب والمسلمين، كان اليهود خلالها كلما تعرّضوا للاضطهاد والنفي من الغرب كما حدث في الأندلس يلجأون إلى بلاد العرب والمسلمين، فعن أي حروب عمرها 3000 سنة يتحدث رئيس دولة كبرى يفترض أن لديه مستشارين يملكون هذه المعلومات ويفترض أن يملكوا أجوبة على هذه الأسئلة؟
في الحقيقة كلام ترامب يقول شيئاً واحداً هو أن ترامب يجاهر بتبني الرواية الصهيونية عن العودة إلى أرض الميعاد لبناء هيكل سليمان، ما يعني إعلاناً أميركياً بأن لا شيء اسمه قضية فلسطينية ولا وجود لوطن اسمه فلسطين وأن الحل المطروح لغزة بحكومة عالمية وأمن عالميّ وتولي رئيس أميركا إدارتها ليس نتيجة البحث عن حل يتحقق حوله إجماع، بل لأن الأرض بلا هوية، والشعب الفلسطيني فيها ليس شعبها بل هو يسكن فيها، وتحويله إلى مجموعة سكان عالميين يجري تشجيعهم على السفر والرحيل، وعين ترامب على غزة كمشروع عقاريّ تظهر بين سطور الخطة.
كلام ترامب عن إنهاء حرب عمرها 3000 سنة يقصد حرباً غير موجودة، لأن الحرب الموجودة عمرها 80 سنة مع مستوطنين جاؤوا من أنحاء الدنيا لاحتلال بلد ليس لهم وتشريد شعب هذه الأرض، فهو يقصد تحقيق حلم صنعته الحركة الصهيونية وأقنعت عدداً من يهود العالم به، بربط يهود دول العالم بما يُجمع المؤرخون اليهود وغير اليهود على كونه أساطير تلاعبت بالنص الديني لبناء حركة سياسية ذات أهداف استعمارية، لم تنجح بتحقيقها بسبب استحالة تصفية حقوق الشعب الفلسطيني، ويأتي ترامب بذريعة حروب الـ 3000 سنة لإعلان انتصار السردية الصهيونية وإعلان تصفية القضية الفلسطينية، وهذا معنى التراجع عن تعهده بعدم ضم الضفة الغربية، بل إنه يعطي الضوء الأخضر للضم عبر إشارة الـ 3000 سنة، وكل من يتجاهل هذا المعنى يريد إقناع نفسه بالوهم لتبرير التخاذل لا أكثر ولا أقل.
المقاومة تدرك مفاتيح كلمات ترامب، وتدرك الأهداف البعيدة لمشروعه، ولذلك سوف تتعامل معه بما يضمن منعه من تحقيق أهدافه ويمنحها الحصانة الشعبية والسياسية اللازمة لموقفها، ولو اقتضى ذلك محاصرة مشروع ترامب عبر اعتماد التفاوض، واتخاذ هدف وقف الحرب نقطة انطلاق تفاوضيّة، ووضع تعديلات تطال التفاصيل، وتربط مستقبل السلاح بقيام الدولة الفلسطينية وتطالب العرب الذين تدعوهم خطة ترامب للتطبيع إلى فعل الشيء نفسه بربطه بقيام الدولة الفلسطينية، وكما نجحت المقاومة بتجاوز ما سبق من الفخاخ سوف تنجح مجدداً.