اخبار لبنان

أي أم ليبانون

سياسة

انتخابات بعلبك الهرمل: تعبئة سياسية لم ترفع نسب الاقتراع

انتخابات بعلبك الهرمل: تعبئة سياسية لم ترفع نسب الاقتراع

klyoum.com

كتب عيسى يحيى في "نداء الوطن":

يوم انتخابي مشحون في منطقة بعلبك الهرمل، تميّز بتعبئة سياسية مكثفة، وتفاوت واضح في نسب المشاركة، وسط تنافس بين لوائح حزبية وأخرى معارضة أو عائلية، وفي ظلّ شعور عام بالإرهاق الشعبي من الواقع البلدي والسياسي. حاول «حزب اللّه» تعويض سنوات التأجيل المتكرر بجهد تعبوي واسع، عبّر عنه الحشد التنظيمي والإعلامي الكبير، إلّا أن الحشد لم ينجح في رفع نسبة الاقتراع مقارنة بانتخابات عام 2016، ما يدلّ على أن المشاركة بقيت محكومة بالسياقات المحلية لا التعبئة المركزية.

عناصر الجيش اللبناني والقوى الأمنية حضروا بكثافة في مختلف الأقضية لضمان حسن سير العملية. وعلى الرغم من تخوّف الكثيرين من احتمال وقوع إشكالات أمنية نتيجة التنافس السياسي والعائلي، إلّا أن النهار الانتخابي مرّ بهدوء، ولم تُسجَّل حوادث أمنية تُذكر، ما عزّز أجواء الاستقرار وشجّع الناخبين على التوجّه إلى صناديق الاقتراع في الساعات الأخيرة.

في مدينة بعلبك، توافد الناخبون منذ الصباح، وشوهدت حافلات تقلّ ناخبين من بيروت وعدد من القرى، يحملون رايات «حزب اللّه» الذي خصّص لهم أماكن استقبال في المدينة، مع تأمين الطعام والنقليات، في محاولة لتعزيز الحضور الشيعي أمام لائحة المعارضة.

المعركة دارت بشكل أساسي بين لائحة «التنمية والوفاء» المدعومة من «حزب اللّه» وحركة «أمل»، وبين لائحة «بعلبك مدينتي» المعارضة، التي تضمّ شخصيات مستقلة ومدنية وبعض القوى السياسية التقليدية. ورغم قوة المعركة، سجلت نسب الإقبال تقدّماً ملحوظاً مقارنة بانتخابات 2016، وصلت لحدود 50 %؜ مقارنة ب 48 %؜ عام 2016. الإقبال الشيعي كان الأبرز، بينما اقتصر الحضور السني على نسبة خجولة، وغابت المشاركة المسيحية بشكل شبه كلي. اللافت في بعلبك، كان اختفاء تصاريح لأكثر من عشرين مندوباً للائحة «بعلبك مدينتي» تسلّمها أحد المندوبين وغاب عن الأنظار قبل أن يقوم جهاز أمن الدولة بتوقيفه، وقيام محافظ بعلبك الهرمل بمعالجة الموضوع.

في مدينة الهرمل، المعركة كانت ذات طابع خاص، مع تنافس بين لائحة مدعومة من «حزب اللّه» وأخرى معارضة يقف خلفها رئيس «حركة قرار بعلبك» علي صبري حمادة، أحد الخصوم المحليين لـ «الحزب». المعركة التي كسرت نوعاً ما احتكار «الحزب» التمثيل في المدينة، رفعت حرارة الانتخابات، وسجلت نسبة اقتراع وصلت إلى 40 %، وهي نسبة لا يُستهان بها في ظل فتور عام شهدته الانتخابات في مناطق أخرى.

أما في القرى الشيعية المحيطة، فغلب الطابع العائلي على الانتخابات، إذ أبقى «الحزب» بعض المعارك ضمن حدود التنافس بين العائلات. هذا الأسلوب ساعد في تفادي توترات كبيرة، لكنه لم يفلح في تعبئة جماهيرية واسعة.

في القرى المسيحية، بدا المشهد أكثر حيوية مما توقّعه البعض. في رأس بعلبك، تميز النهار الانتخابي بإقبال نوعي وصلت نسبته حتى 50 %، رغم تأخر انطلاق العملية لمدة ساعة بسبب غياب لوائح الشطب عن أحد الأقلام، وهو خلل تقني أثار احتجاجات خفيفة سُرعان ما عولجت. وفي بلدة القاع، خاض حزب «القوات اللبنانية» معركة حامية ضد خصوم محليين، وسط نسبة اقتراع عالية نسبياً، وصلت لحدود 55 %؜ عكست جدية المواجهة وأهمية البلديات في الواقع الخدماتي اليومي للناس.

وشكّلت منطقة دير الأحمر استثناءً في المشهد الانتخابي العام من حيث نسبة الاقتراع المرتفعة التي تجاوزت 45 %؜ في عدد من بلداتها، وسط أجواء انتخابية هادئة وسلسة نسبياً، عكست اهتمام الناخبين بالاستحقاق البلدي وأهميته في إدارة شؤون القرى. غير أن هذا الهدوء لم يخلُ من بعض التوترات المحدودة، حيث سُجّل إشكال في بلدة القدام عند وصول سيارات تحمل أعلاماً لـ «حزب اللّه»، وسط هتافات حزبية استفزازية، ما أثار امتعاض الأهالي الذين رأوا في ذلك محاولة لكسر طابع البلدة ومزاجها السياسي، سرعان ما تدخل الجيش وعمل على حلّه.

ورغم هذا الحادث، سارت العملية الانتخابية بسلاسة في باقي قرى وبلدات دير الأحمر.

المشهد العام في بعلبك الهرمل عكس تناقضاً واضحاً بين زخم المعركة من جهة، وضعف المشاركة من جهة أخرى، ما يؤكد تراجع الثقة الشعبية بالسلطات المحلية، واستمرار المزاج الشعبي في التعبير عن التململ إما بالمقاطعة أو بالتصويت العقابي حيث يمكن. وعلى الرغم من بقاء الكفة راجحة لمصلحة «الثنائي» في مناطقه، فإن الحراك المعارض، ولو خجولاً، يؤشر على وجود نبضٍ يتنامى، وقد يتطوّر في استحقاقات مقبلة، إن توفرت له أدوات التنظيم والتأطير والتعبئة الفعّالة.

*المصدر: أي أم ليبانون | imlebanon.org
اخبار لبنان على مدار الساعة