اخبار لبنان

الهديل

سياسة

خاص الهديل: الممر الإنساني.. فخ إسرائيلي لتفتيت سوريا تحت لافتة حماية الدروز

خاص الهديل: الممر الإنساني.. فخ إسرائيلي لتفتيت سوريا تحت لافتة حماية الدروز

klyoum.com

خاص الهديل…

قهرمان مصطفى….

حين اعتلى بنيامين نتنياهو منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤخراً وأعلن التزام إسرائيل بحماية الدروز في سوريا، بدا واضحاً أن الخطاب لم يكن رسالة تضامن إنساني بقدر ما كان إعلاناً سياسياً لمشروع جديد. فالممر "الإنساني" الذي تطرحه إسرائيل بين الجولان والسويداء لا يهدف فقط إلى تمرير المساعدات الطبية والغذائية، بل إلى فتح ثغرة جغرافية وقانونية تمهّد لنفوذ إسرائيلي مباشر في الداخل السوري.

ظاهر الأمر، يُعتبر الممر"تقنياً" يهدف إلى إنشاء طريق آمن يسمح لدروز السويداء بالوصول إلى الجولان وتلقي المساعدات الطبية والغذاء مباشرة من إسرائيل في إطار التزامها – كما تدّعي – بمساعدة وحماية المجتمع، وبالتالي حلّ تهديد الحصار الاقتصادي على السويداء بعد الاشتباكات الدامية في تموز الماضي. ومع ذلك، فقد رُفع الحصار بمعظمه. لكن القضية أبعد ما تكون عن كونها "تقنية" أو إنسانية. فبما أنّ السويداء والجولان منفصلان جغرافياً، فإن أي "ممر" لا بد أن يمرّ عبر محافظة درعا غير الدرزية. وحمايته من دون قوات سورية يتطلّب نشر مراقبين عسكريين أجانب – دوليين أو إسرائيليين – وهو ما تقول الحكومة السورية إنه سيؤدي فعلياَ إلى فصل المحافظة الدرزية عن باقي البلاد.

المعادلة تزداد تعقيداً مع انقسام الموقف الدرزي نفسه. فالشيخ حكمت الهجري، أبرز الزعامات الروحية، يرى في الممر الإنساني فرصة لترسيخ حكم ذاتي وربما بناء دولة مستقلة، في انسجام مع ما طرحه نتنياهو في الأمم المتحدة من التزام بحماية الدروز. لكن هذا التلاقي ربما لا يعكس سوى تقاطع مصالح: إسرائيل تسعى لتفتيت سوريا عبر الأقليات، فيما يحاول بعض الزعماء المحليين توظيف الموقف لتحقيق طموحات سياسية ضيقة.

أما الأكراد في الشمال الشرقي من البلاد، فهم طرف حاسم في المعادلة. فمنذ اندلاع الحرب السورية، نجحوا في إقامة مناطق حكم ذاتي، مع ميزانيات وأسلحة من الحليف الأميركي، ما جعلهم قوة لا يُستهان بها. 

وعليه "فالممر الإنساني" بين إسرائيل والسويداء – الذي سيُنظر إليه باعتباره "حدوداً" بين سوريا والمحافظة الدرزية – والذي قد يؤثر أيضاً على فرص دمج المناطق الكردية في البلاد – هو أمر لا تستطيع الإدارة السورية الجديدة التنازل عنه. كما أن الحكومة الجديدة تعتمد على الموقف الأميركي المعلن بأن سوريا يجب أن تبقى دولة موحدة تحت حكومة مركزية واحدة وجيش واحد ونظام قانوني واحد. وتركيا، التي شجعت الرئاسة السورية على توقيع "اتفاق الدمج" مع الأكراد، تدعم هذا الموقف. ودول الخليج، بقيادة السعودية، تؤيدها أيضاً بعد أن تعهّدت بمليارات الدولارات في إعادة الإعمار وتمويل عمليات الحكومة.

وهنا نجد أن أي خطوة إسرائيلية في الجنوب، مهما صغرت، قد تخلق سابقة تُحول شمال شرق سوريا إلى نموذج "حكم ذاتي كامل"، وهذا ما قد يضع الرئيس الشرع في موقف صعب بين قبول الممر الإنساني للحفاظ على اتفاق أمني دولي أو مواجهة خطر تفكك سوريا شمالاً وجنوباً.

أمام هذا المشهد، يجد الرئيس أحمد الشرع نفسه أمام معضلة وجودية: إنقاذ اتفاق أمني مع إسرائيل يُسوَّق في واشنطن كإنجاز وحيد لترامب، أو الدفاع عن وحدة سوريا. لكن الأكيد أن خطاب نتنياهو لم يكن سوى تمهيد لإعادة تعريف الحدود، لا بين السويداء والجولان فقط، بل بين سوريا الموحّدة وسوريا المفككة.

والسؤال اليوم: هل تنجح دمشق، بدعم إقليمي ودولي، في إغلاق هذا الباب، أم تنزلق البلاد إلى "ممرات" تفتح باسم الإنسانية وتُغلق على حساب سيادتها الوطنية؟

*المصدر: الهديل | alhadeel.net
اخبار لبنان على مدار الساعة