البطريرك الراعي: لبنان بحاجة إلى قادة على مثال القديسين شربل والياس يتكلمون قليلاً ويعملون كثيرًا
klyoum.com
ألقى البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي عظة من دير مار مارون عنايا خلال ترؤسه قداسا بحضور رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون واللبنانية الاولى السيدة نعمت عون.
فقال: كان القديس شربل رجل ليتورجيا بامتياز، من القداس إلى القداس، ومن المذبح إلى المحبسة، ومن المناولة إلى الإستشهاد الصامت. فبنذوره الرهبانيّة الثلاثة، الطاعة والعفّة والفقر، قدّم ذاته بكليّتها لله، مستشهداً جاعلاً نفسه تقدمة كاملة مرضيّة لدى الله. فبالطاعة تخلّى عن إرادته ليعتنق إرادة الله. بالعفّة تخلّى عن كلّ ميل وفكر ونظرة ليملأ عينه وقلبه وعقله من نور المسيح، ويكرّس حبّه وكلّ جسده وروحه لله. بالفقر تخلّى عن كلّ خيرات الدنيا ليغتني بالله.
كانت حياته قداساً دائماً، وصلاته تسبيحاً صامتاً، وصمته نشيداً مرفوعاً إلى الله. في كلّ مرة نستحضره، أو نقف أمام صورته، أو نخشع أمام ضريحه، نعلن أن الحياة المسيحية في جوهرها، تقديس للزمن، وتكريس للذات، واتحاد دائم بالمسيح المصلوب والقائم. هذه هي الرسالة المسيحيّة نعيشها تحت كلّ سماء.
فخامة الرئيس،
إن زيارتكم التقوية اليوم إلى ضريح القديس شربل، هي بارقة رجاء بأن لبنان بحاجة إلى قادة على مثال القديس شربل ومار الياس النبيّ، يتكلمون قليلاً ويعملون كثيرًا. لا يسعون إلى المجد الشخصي، بل إلى العمل بصمت. لبنان بحاجة إلى بصيرة القديس شربل وجرأة مار الياس، وقرارهما المدروس والملتزم.
في زمن يعاني فيه لبنان من اهتزازات سياسية واقتصادية واجتماعية، يطلّ علينا مار شربل كشاهد صادق يقول لكل مسؤول ولكل مواطن: "ارجعوا إلى الله، ارجعوا إلى الأخلاق، ارجعوا إلى لبنان الحقيقي، ارجعوا إلى الشجاعة الداخلية والحكمة والقرار الواضح والصحيح، ارجعوا إلى التجرّد الشخصي من أجل الخير العام.
في خضمّ الأخطار التي تهدّد لبنان في كيانه ووجوده من جرّاء ما يحدث فيه ومن حوله، نشهد اليوم وبكلّ أسف
خلافًا وانقسامًا بين السياسيين حول المادة 112 من قانون الإنتخابات النيابية الحالي. فقد عُلقت هذه المادّة وبحق في انتخابات 2018 و2022 لعدم صحّتها؛ فاستحداث ست دوائر انتخابية للبنانيين غير المقيمين مخالف لمبدأ المساواة في الحقوق والواجبات بين المواطنين المقيمين والمنتشرين، وهو مبدأ يضمنه الدستور والنظام الديموقراطي عندنا. إن حصر المنتشرين في ستة مقاعد نيابية يتعارض مع مبدأ ربطهم بوطنهم وأرضهم وأهلهم ومشاركتهم في الحياة السياسية اللبنانيّة. ما نشهده في المادة 112 هو عملية اقصاء يلغي حقّ المنتشرين الطبيعي بالتصويت في كلّ الدوائر الإنتخابية المئة وثماني وعشرين على مساحة الوطن. إن اللبنانيين في الإنتشار يتطلعون إلى المشاركة في الإنتخابات النيابية المقبلة بكلّ حريّة في دوائرهم الإنتخابية حيث مكان قيدهم في لبنان. فلا بدّ من أجل حماية الوحدة الداخليّة من إلغاء المادّة 112 من قانون الإنتخاب الحاليّ.
7. فلنصلِّ، أيّها الإخوة والأخوات الأحبّاء لكي يجعلنا الله، على مثال القدّيس شربل، نقف وقفة ضمير جماعيّة، يعود فيها كلّ اللبنانيّين إلى اكتشاف معنى العيش المشترك، وقيمة القداسة في حياتنا. ونسأله تعالى أن يبارك فخامة رئيس الجمهوريّة وأركان الدولة، ويكون رفيقهم في الطريق الصعب، ونورًا في قراراتهم، وسندًا في مسؤوليّاتهم. فنرفع المجد والتسبيح للآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين.