اخبار لبنان

الهديل

سياسة

خاص الهديل: أوجلان وقسد: بين مبادرة السلام ومأزق الغموض

خاص الهديل: أوجلان وقسد: بين مبادرة السلام ومأزق الغموض

klyoum.com

خاص الهديل….

منذ اللحظة التي أطلق فيها زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان، من سجنه في جزيرة إميرالي، دعوته إلى وقف الكفاح المسلّح وحل الحزب في شباط الماضي، بدا المشهد كما لو أنّنا أمام منعطف قد يغيّر مسار الصراع الكردي–التركي. غير أنّ هذا الإعلان، الذي حمل اسم "السلام والمجتمع الديمقراطي"، تَرك فراغاً خطيراً حين تجاهل بشكل صريح قوات سوريا الديمقراطية "قسد ووحداتها" في شمال سوريا، وهو ما فتح الباب أمام تأويلات متناقضة وعقد إضافية.

فأنقرة بدورها تنظر إلى "قسد" كامتداد مباشر لحزب العمال الكردستاني، وبالتالي فإن استبعادها من عملية السلام يعني بقاء التهديد قائماً على حدودها الجنوبية. في المقابل، تبدي "قسد" حذراً لافتاً، عقب توقيع الاتفاق الذي سُميَّ بالتاريخي بين الرئيس السوري أحد الشرع وقائد قسد الجنرال مظلوم عبدي؛ إذ لم تتخلّ عن سلاحها ولم تُبدِ استعداداً صريحاً للاندماج في مؤسسات الدولة السورية. هذا التريّث لا ينفصل عن إدراكها أنّ أي خطوة غير محسوبة قد تُفقدها ما تعتبره "مكتسبات روجافا"، الأمر الذي يُثير قلقاً مضاعفاً في أنقرة.

وعليه تبدو المعادلة أكثر تعقيداً حين ندخل على خطها الولايات المتحدة. فإدارة ترامب ربما تتعامل مع ملف "قسد" كورقة مساومة: مرة للضغط على تركيا، ومرة لاستخدامها في مواجهة دمشق، وأحياناً كورقة لها صلة بالترتيبات الإقليمية، بما في ذلك أمن إسرائيل. لكنّ القاسم المشترك بين واشنطن وأنقرة كان ولا يزال الرغبة في تفادي تصعيد عسكري واسع ضد "قسد"، لما لذلك من تداعيات غير محسوبة على مصالح الطرفين في سوريا.

غير أنّ المعضلة الأعمق لا تكمن فقط في "قسد"، بل في تشابك الملفات: من التوازنات بين تركيا وإسرائيل في سوريا، إلى المفاوضات حول مستقبل النظام السوري. الولايات المتحدة تجد نفسها مضطرة للضغط على تل أبيب لكبح اندفاعتها في الساحة السورية، وفي الوقت نفسه تمارس ضغوطاً على أنقرة لتجنّب خطوات قد تطيح بأي مسار تفاوضي.

وفي ظل هذا التشابك، يصبح الغموض الذي يكتنف موقف أوجلان من "قسد" نقطة الارتكاز الأساسية. فغياب وضوح صريح تجاه هذه القوات يُهدد بتقويض أي عملية نزع سلاح حقيقية لحزب العمال الكردستاني، ويفتح الباب أمام أنقرة لاعتبار الخيار العسكري ضرورة لا مفر منها إذا شعرت أن اندماج "قسد" في مؤسسات الدولة السورية متعثر أو مستحيل.

من هنا يمكن القول إن مستقبل العلاقة التركية–الكردية، بل وحتى مستقبل الاستقرار في شمال شرق سوريا، يتوقف إلى حد بعيد على حسم هذه المسألة. فإما أن يجرؤ أوجلان على قول الكلمة الفصل ويشمل "قسد" ضمن مبادرته التاريخية، وإما أن يظل الغموض سيّد الموقف، فتدخل المنطقة مجدداً في دوامة صدام قد يطيح بكل ما تحقق من خطوات في طريق السلام.

*المصدر: الهديل | alhadeel.net
اخبار لبنان على مدار الساعة