تحليل.. أحمد الشرع "الجهادي" السابق يتوج تحوله الاستثنائي بزيارة البيت الأبيض
klyoum.com
أخر اخبار لبنان:
بالفيديو: أناشيد سورية أمام البيت الأبيضتحليل بقلم مصطفى سالم من شبكة CNN
(CNN)-- بعد أقل من عام على توليه السلطة بشكل خاطف، يتوج رئيس الإدارة السورية الحالية تحوله من "جهادي" إلى رجل دولة عالمي بزيارة تاريخية إلى البيت الأبيض، والتي تحكي الكثير عن القائد الشاب، بقدر ما تعبر عن إسهامه في إعادة بناء دبلوماسية بلاده.
تُمثل زيارة أحمد الشرع، الاثنين- وهي الأولى على الإطلاق لرئيس سوري إلى البيت الأبيض- رحلته الخارجية العشرين منذ أن عين نفسه رئيسا لسوريا في يناير/كانون الثاني، وهي زيارته الثانية للولايات المتحدة، بعد حضوره اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر/أيلول الماضي.
لكن هذا اللقاء سيكون الأبرز والأكثر أهمية حتى الآن، وهو اجتماع لم يكن يمكن تخيله من قبل بين القائد الأعلى للقوات المسلحة الأمريكية ورجل واجه القوات الأمريكية في ساحة المعركة.
وفي مايو/أيار الماضي، وبعد اجتماع قصير توسط فيه ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، أشاد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب بالزعيم السوري البالغ من العمر 43 عامًا، ووصفه بأنه "شاب وجذاب" ولديه "ماضٍ قوي للغاية"، وأمر برفع بعض العقوبات الأمريكية المشددة عن سوريا، تلك الدولة التي تحالفت لعقود مع روسيا وإيران، خصمي أمريكا الرئيسيين.
ومع ذلك، فإن العقوبات الأشد صرامة المفروضة على دمشق لا تزال قائمة، ولا يمكن رفعها بالكامل دون موافقة الكونغرس. ويتمثل الهدف المباشر للشرع في واشنطن في الضغط من أجل رفعها، مع حث ترامب على الضغط على إسرائيل لوقف هجماتها على سوريا وسحب قواتها من جنوب البلاد.
ويتمثل هدفه الأوسع، الذي ينعكس في رحلاته العالمية المكثفة، في التخلص من عزلة سوريا، وهي إرث من النظام السابق الذي ترك البلاد مدمرة اقتصاديا ومقيدة دبلوماسيا بمحور ضيق من الحلفاء.
وعلى أساس هذه الخلفية، تحمل زيارة البيت الأبيض ثقلا رمزيا عميقا. فقد لعب الشرع كرة السلة مع كبار المسؤولين العسكريين الأمريكيين، وفق فيديو نُشر بعد وصوله إلى واشنطن، الأحد. لكن في أوائل العشرينيات من عمره، واجه الولايات المتحدة كعدو، وانضم إلى المتمردين الإسلاميين الذين قاتلوا القوات الأمريكية في العراق. أُلقي القبض عليه ثم تم إطلاق سراحه، وعبر إلى سوريا عام 2011، وأسس جيشا للمتمردين السابقين مدعومًا من تنظيم القاعدة لمحاربة القوات الموالية للرئيس آنذاك بشار الأسد.
بعد أكثر من عقد من الصراع الوحشي ضد نظام الأسد الاستبدادي، أنهى الشرع الحرب الأهلية السورية التي طال أمدها بشن هجوم مفاجئ أطاح سريعا بحكم عائلة الأسد التي استمرت 53 عاما، والتي تعود جذورها إلى بقايا الحرب الباردة العربية.
وخلال عقود من حكمها، تحالفت عائلة الأسد مع موسكو بقوة، معتمدين على المساعدات والأسلحة والدعم الدبلوماسي الثابت. في أول عام كامل لحافظ الأسد في السلطة عام 1971، أنشأ الاتحاد السوفيتي السابق قاعدته البحرية الاستراتيجية على البحر الأبيض المتوسط في مدينة طرطوس السورية. وكان التدخل العسكري الحاسم الذي قام به فلاديمير بوتين عام 2015 هو ما مكن بشار الأسد من النجاة من الحرب الأهلية.
ويواصل الروس، الذين قتلوا العديد من السوريين خلال حملتهم لإبقاء الأسد في السلطة، الاحتفاظ بالسيطرة على قاعدتهم العسكرية في طرطوس حتى بعد سقوط الأسد. وفي الشهر الماضي، زار الشرع موسكو للقاء بوتين.
وفي سعيه لبناء علاقات مع الدول الغربية، حرص الشرع على عدم إثارة غضب موسكو.
وقال الشرع لبرنامج "60 دقيقة" على شبكة CBS في مقابلة تم بثها في أكتوبر/تشرين الأول الماضي: "الدخول في صراع مع روسيا الآن سيكون مكلفا للغاية بالنسبة لسوريا، كما لن يكون في مصلحة البلاد".
وبعد أن فرض الغرب عليه عقوبات بتهمة الإرهاب، يبدو الآن أن الزعيم السوري يخوض حملة دبلوماسية عالمية، مدعومة بضغوط كبيرة من القوى التي تتمتع بثقل إقليمي كبير، مثل المملكة العربية السعودية وتركيا، حليفتي الولايات المتحدة، اللتين تحرصان على ملء الفراغ في السلطة والاقتصاد الذي خلفته إيران وروسيا.
وبالنسبة للولايات المتحدة، تمثل سوريا جائزة استراتيجية ومخاطرة كبيرة، مع انزلاق لبنان المجاور إلى حالة من عدم الاستقرار، وبقاء العراق أرضا خصبة للميليشيات الموالية لإيران.
وقال جوشوا لانديس، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة أوكلاهوما، لشبكة CNN: "الولايات المتحدة تُخاطر بشدة بأحمد الشرع وسوريا". وأضاف: "كما صرّح السفير (الأمريكي) (توم) باراك في عدة مرات، فإن الولايات المتحدة ليس لديها بدائل. لبنان دولة فاشلة وفقا لتقييمه. والعراق مخترق بقوة من قبل الميليشيات الموالية لإيران".
وعلى الرغم من توجهه الواضح نحو الغرب، لا يزال الزعيم الجهادي السابق يصر على موازنة السياسة الخارجية لسوريا بعيدا عن الصراع في عالم يزداد استقطابا - وهي السياسة التي تتبعها الآن العديد من الدول النامية في أنحاء العالم.
وقالت ناتاشا هول، الباحثة البارزة في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: "في هذا العصر الجديد، لا يمكن للمرء أن ينحاز كليا إلى أي طرف. وقد رأينا ذلك في زيارة الشرع لبوتين، الحليف الفاعل لنظام الأسد...ونرى ذلك أيضا في الجهود الدبلوماسية المبذولة نيابةً عن الحكومة السورية على مستوى العالم".