العدوان على المصيلح يُسقط الرهان على «إيجابيات» اتفاق غزة
klyoum.com
يطرح إتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة أسئلة كثيرة ويثير تشكيكاً فلسطينيا وعربيا ودوليا بالتزام كيان الاحتلال الإسرائيلي ببنوده، مع استمرار عدوانه على المدنيين في القطاع برغم إعلانه الموافقه عليه، ما يثير أيضا أسئلة وتشكيكاً بما يتردد لدى البعض عن «إنعكاساته الإيجابية على لبنان»، منطلقين من ان «الإيجابية» المفترضة تتعلق حصرا بنزع سلاح المقاومة نهائياً وفق اتفاق وقف إطلاق النار والأعمال العدائية، وهو الاتفاق الذي لم يلتزم به الاحتلال الإسرائيلي، كما اعتقاد البعض ورهانه «ان اتفاق غزة سيسرّع تسليم السلاح الفلسطيني في مخيمات لبنان».
وجاءت الغارات وعمليات القصف المدفعي على غزة بعد سريان الاتفاق، ومن ثم الغارات العنيفة فجر السبت على معارض الجرافات والآليات في منطقة المصيلح بجنوب لبنان، وقبلها مجزرة آل شرارة في بنت جبيل، ويوم السبت الماضي إلقاء مسيّرة معادية قنبلة على قوات اليونيفيل في كفركلا والتي أدّت الى جرح جندي من القوات الدولية، لتؤكد ان الكيان الإسرائيلي لا ولن يلتزم بالاتفاقات ويطبق مفاعيلها بما يناسب توجهاته العدوانية الأمنية والسياسية، وسيبقى يمارس ضغوطه بالنار والقتل حتى الاستجابة لمطالبه وشروطه التعجيزية.
لذلك بات الكلام عن «انعكاسات إيجابية لإتفاق غزة على لبنان» بمثابة كلام في الهواء لا صدقيّة له حتى يلتزم الاحتلال بكل مندرجات الإتفاق مع لبنان. ولعلّ كلام رئيس الجمهورية جوزاف عون بعد العدوان على المصيلح أبلغ دليل على ان العدو يحاول استثمار اتفاق غزة في لبنان بمزيد من الضغط العسكري، وهو ما بات يستوجب تدخّلاً دولياً فاعلاً لا كلامياً، لا سيما تدخّلاً أميركياً، لوضع حدّ لعدم التزام الاحتلال بوقف الأعمال العدائية، بعد التصعيد الواسع لمنع لبنان وأهل الجنوب من أي عمل يعيد الاستقرار ولو بحدّه الأدنى الى القرى الحدودية، حتى برفع أنقاض المنازل المهدّمة أو ترميم ما يمكن ترميم وإصلاح ما يمكن منها للسكن مجدّداً.
ولعلّ الغريب أيضاً ما أثاره الرئيس نبيه بري وغيره من قوى سياسية، بعدم تحرّك الدبلوماسية اللبنانية ولو بتقديم شكوى الى مجلس الأمن الدولي ومنظمات حقوق الإنسان والمرأة والطفل الدولية بعد مجزرة عائلة شرارة وما سبقها وتلاها من عمليات اغتيال وقتل لمدنيين ومن مجازر، ولكن بعد تدمير 300 آلية في المصيلح معروضة للبيع ولا تُستخدم كلها في أعمال رفع الأنقاض وإزالة آثار العدوان على قرى الجنوب، قرّر رئيس الحكومة نواف سلام تقديم مشكوى عاجلة لمجلس الأمن الدولي ضد إسرائيل. وهو ما كان يجب القيام به قبل ذلك، بعد مطالبة الحكومة اللبنانية كما قيل بتغيير مقارباتها للتعامل مع عدوانية الاحتلال وتصعيده.
وبناء على وقائع الميدان والتوجهات الإسرائيلية، باتت الخشية قائمة من تصعيد عسكري أوسع وأشمل، بعد استراحة جيش الاحتلال النسبية في غزة، بما يجعله يتفرغ أكثر للبنان وللضفة الغربية في فلسطين المحتلة، لفرض أمر واقع جديد بالنار والقتل، بحجة «عدم تسليم سلاح المقاومة في لبنان، وعدم وقف نشاطات المقاومة في الضفة»، وستكون مهلة الشهرين المحددة في خطة الجيش اللبناني لجمع السلاح في جنوبي نهر الليطاني ومنع المظاهر المسلحة شماله، فترة ساخنة نتيجة التصعيد الإسرائيلي المرتقب والمغطّى أميركياً بشكل واضح وعلني وتُعبّر عنه تصريحات المسؤولين الأميركيين وبعض أعضاء الكونغرس المتطرفين المؤيدين لكيان الاحتلال، في تجانس واضح بين توجه الإدارة الأميركية وبين الكيان الإسرائيلي للضغط على لبنان أكثر، من دون تحريك لجنة الاشراف الخماسية على وقف اطلاق النار للقيام بخطوة عملية تُلزم الاحتلال بوقف العدوان، علما ان إدارة الرئيس الأميركي ترامب قادرة لو أرادت أن تفرض على رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ما تريده كما ضغطت عليه للموافقة على اتفاق غزة.
وثمة من يرى ان كيان الاحتلال سيتفرغ أكثر في المرحلة القريبة المقبلة للضفة الغربية المحتلة بمزيد من أعمال القتل والاعتقال والاستيطان. وقد باشرت ذلك أمس، حيث أعلن مكتب إعلام الأسرى الفلسطينيّ: ان القوات الإسرائيلية شنّت فجراً حملة اقتحامات واعتقالات واسعة في محافظات الضفة الغربية.