لبنان في مدار زيارة البابا: تأجيل قبل التأجيج الكبير
klyoum.com
أخر اخبار لبنان:
عودة الأمطار...منخفض جوي فجر الاحدتشخص الأنظار إلى زيارة قداسة البابا لاوون الرابع عشر إلى لبنان. الجميع ينتظر هذا الحدث الكبير بفارغ الصبر. وتمنح هذه الخطوة مؤشرًا على بقاء البلد في دائرة الاهتمام العالمي وغير متروك لقدره.
سيمتدّ الحدث البابوي على مدى ثلاثة أيام. اكتملت التحضيرات بانتظار ساعة الصفر. الرسالة الأهمّ هي عدم قدرة أحد على تغيير وجه لبنان، بل كلّ المحاولات السابقة فشلت، وبقيت البلاد صلة الوصل بين الشرق والغرب وعنوانًا للحداثة والتطوّر والازدهار وثقافة الحياة.
من بعبدا إلى بكركي إلى السفارة البابوية في حريصا وباقي المقرات الرسمية والشعبية، الجميع مستنفر، فهذه زيارة استثنائية خصّ بها قداسة البابا بلد الأرز الذي يعاني من الانهيارات المالية والاقتصادية والانفجارات والحروب وإدخاله في سياسات المحاور ومحاولة فرض السيطرة على دولته وانتزاع قرارها.
يزور البابا لبنان الأحد ويغادره الثلاثاء، وتعود بعد هذا الحدث الملفات الساخنة إلى الظهور مجدّدًا. صحيح أن لبنان سيعيش ثلاثة أيام مهمّة، لكن ذلك لا يعني حلّ مشاكله العالقة واستيعاب المسؤولين حجم الخطر الداهم الذي يُهدّد البلاد.
يُشكّل تراخي السلطة حجر عثرة في مسيرة إنقاذ البلد. وفُقدت المصداقية، وتحاول الدول التي تحبّ لبنان النصح والتحذير، لكن لا حياة لمن تنادي. ورغم كلّ ما قد يحلّ بالبلاد لم تُعلن حالة الاستنفار، ونظام ما بعد الطائف يعمل على استنساخ نفسه ولو كان الأسلوب جديدًا.
كلّ شيء في حكم المؤجّل حتى انتهاء زيارة قداسة البابا. ومن كان يُروّج أن الموقف المصري متراخٍ ويتفهّم سياسات السلطة وحتى حزب اللّه اكتشف العكس. القاهرة تفهم خيوط اللعبة جيّدًا، وعلى اطّلاع بما هو مُقبل على لبنان إذا استمرّت الدولة بتراخيها، ونقلت الرسالة بشكل واضح عبر وزير خارجيّتها بدر عبد العاطي إلى المسؤولين جميعًا، وقالت اللهم إني بلّغت.
لا يمكن أن تسبح القاهرة عكس اتجاه الرياح الإقليمية والدولية، وهي التي كانت ركنًا أساسيًا في اتفاق غزة، لن تسير عكس توجّهات السعودية والإجماع العربي ولن تواجه الولايات المتحدة الأميركية والمجتمع الدولي، كلّ ما هو مختلف والتبس على ما تبقى من محور الممانعة هو الأسلوب، الدبلوماسية المصرية أكثر هدوءًا ودبلوماسية من واشنطن على سبيل المثال.
يتحدّث معظم السفراء والموفدين عن احتمال تجدّد الحرب أو توجيه ضربات إلى حزب اللّه، والخطورة في عدم تحييد مؤسسات الدولة هذه المرّة إذا استمرّت السلطة بمسايرة حزب اللّه. ويضرب لبنان موعدًا جديدًا مع زيارة الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس إلى بيروت، ومن المتوقع حضورها بعد زيارة البابا، لكن حتى الساعة لم يُحدّد موعد نهائي للزيارة. وإذا كانت زيارة وزير الخارجية المصرية لقرع جرس الإنذار ومحاولة حث لبنان على إنقاذ نفسه، فقد تكون زيارة أورتاغوس جرس الإنذار الأخير قبل تجدّد الحرب.
وتأتي تصريحات المسؤولين الإيرانيين بعد اغتيال القيادي في حزب اللّه هيثم الطبطبائي كنذير شؤم ودليل على نية طهران التصعيد. إيران تلعب ورقتها حتى النهاية وهي في موقع ضعف وغير قادرة على الردّ، ونظامها مهدّد وقد يهتز ويسقط في أي لحظة، لذلك تريد الاستثمار بـ حزب اللّه حتى النهاية.
وما بين عين التينة وطهران والعراق، يتحرّك الرئيس نبيه برّي على خطّ الأزمة ويُرسل موفدين ورسائل. ويعمل على إقناع طهران بالليونة وتجنيب شيعة لبنان مأساة جديدة ومجزرة قد تحلّ بهم، ولم تنجح محاولات برّي حتى الساعة في تغيير الموقف الإيراني على الرغم من تدخل مرجعيات دينية عراقية لإقناع القيادة الإيرانية بوقف المجزرة المرتقبة بحق شيعة لبنان والإتجار بحاضرهم ومستقبلهم.
عواصم كثيرة تدخل على خطّ الأزمة، من واشنطن إلى باريس وصولًا إلى القاهرة والرياض وبغداد، والجميع يعرف إلى أين تذهب الأمور ويتخوف من الحرب الجديدة، وتأجيل البت أو اتخاذ القرارات المناسبة من الدولة اللبنانية لا يمحو أن تأجيج الحرب قد يحصل في أي لحظة.