زياد الخازن مثّل النائب فرنجيه في اللقاء التضامني مع ضحايا كنيسة مار إلياس في دمشق: المسيحيون ليسوا هامشاً في كتاب المشرق بل فصله الأوّل
klyoum.com
شارك المحامي زياد الخازن ممثّلًا النائب طوني فرنجيه في اللقاء التضامني الذي دعا اليه "اللقاء الأرثوذكسي" مع ضحايا مجزرة كنيسة مار إلياس للروم الأرثوذكس في دمشق، في حضور لفيف من الشخصيات السياسية والروحية والحقوقية.
وألقى المحامي الخازن كلمة باسم النائب فرنجيه، عبّر فيها عن وجع المشرق وكرامة الإيمان المُستهدف، معتبرا أنّ "الجريمة ليست استهدافاً لمكوّن ديني بعينه، بل طعنة في صميم المشرق وتاريخه وتعدديّته".
ودعا إلى "التمسّك بالدولة والعدالة والعيش المشترك، في وجه محاولات الترويع والإلغاء".
وفي الآتي، نص الكلمة كاملاً:
"أصحاب الدولة والمعالي والسعادة والسيادة، السيدات والسادة،
الأحد الفائت، في كنيسة مار إلياس بدمشق، لم تقرع الأجراس كما جرت العادة، بل خفت صوتها تحت الركام.
ولم تصعد التراتيل إلى السماء، بل انطفأت في الهواء، مختنقة برائحة الدم والرماد.
في ذاك المكان، حيث يركع المؤمنون لله بخشوع، جاء من أرادهم أن يركعوا للموت.
وحيث يولد الرجاء من شعلة شمعة، امتدت يد الظلام لتطفئ النور بانفجار أعمى.
جريمة… نعم، ولكنها ليست جريمة ضد المسيحيين فحسب، بل ضد الشرق كله، ضد روحه، وتاريخه، وحضارته التي قامت على التنوع، وتسامَت بالتلاقي.
هو الإرهاب حين يلبس قناع الدين ليذبح الدين، ويقيم باسم الإيمان مذابح ضد الإيمان.
أيها السادة،
نحن لسنا أقليات في أوطاننا، لأننا لسنا زائدين عن حاجة التاريخ.
نحن الذين أشعلنا قناديل الصلاة، لا ننتظر من ينير لنا الطريق.
نحن لا نطلب حماية من أحد، بل نطالب بدولة تحفظ الكرامة، وتحرُس التنوع، وتقيم ميزان العدالة، لا ميزان العدد.
تفجير كنيسة مار إلياس لم يكن عملاً إرهابياً عابراً… بل رسالة مغلفة بالدم، تريد طمس إنجيل المشرق، وقطع أرزه من الجذور.
إنه نفي للحق، وجحد للهوية، وعدوان على الحياة المشتركة.
رسالة تقول: لا مجال للعيش معاً.
وردنا عليها يجب أن يكون: بل لا مجال للعيش إلا معاً.
نقولها من وجعنا، لا من كراهيتنا:
نرفض أن يصبح الدم لغة السياسة.
نرفض أن يصبح الإرهاب سياسة دولة، أو وسيلة ضغط، أو أداة صراع.
نحن نؤمن أن لا خلاص إلا بدولة القانون، لا بدولة السلاح.
لا بديل عن العدالة… لا خلاص بالانتقام.
وللإخوة في الكنيسة الأرثوذكسية نقول: لسنا معكم فقط في الألم، نحن أنتم.
نحن جسد واحد في هذه الأرض، إذا نزف طرف، شعر به الجسد كله.
دماؤكم ليست سلعة تفاوض، ولا صمتكم إذعان.
ندعو من تبقّى فيه ذرّة ضمير، في سوريا، ولبنان، والشرق كله، أن لا يصمت.
لأن الصمت شراكة، والحياد تواطؤ، والهروب جريمة.
المسيحيون ليسوا هامشاً في كتاب المشرق، بل فصله الأول.
ليسوا زينة للهوية، بل جزءاً منها لا يُختصر، ولا يُستبدل.
فلنصلِّ، نعم… ولكن صلاة تعرف كيف تقيم العدل، لا كيف تخدر الألم.
وبعد الصلاة، لا بد من الكلام، لا بد من الشهادة، لا بد من التمسك بالحق، لا بالمجاملة.
لأن من يصمت على جريمة، يصبح بعدها هو الجريمة.
والسلام، على من لا يزال يرى في التنوع نعمة، وفي الوطن رسالة، وفي الإنسان قيمة، لا مجرّد هوية".