كيف تلقى المقاومون «النبأ العظيم»؟
klyoum.com
أخر اخبار لبنان:
إنقاذ صيادين بعد اصطدام زورقهم بـ الزيرة قبالة صورأعاد إحياء الذكرى الأولى لاستشهاد السيد حسن نصر الله، ذاكرة المقاومين الذين كانوا على خطوط المواجهة، قبل عام، إلى تلك الأيام بتفاصيلها الدقيقة، مستعيدين كيف تلقوا «النبأ العظيم»، وتأثيره على معنوياتهم، وهم تحت النار، عند الحافة الأمامية.
لم يصل خبر الاستشهاد إلى جميعهم في وقته، نظراً إلى ظروف الميدان الصعبة، وانقطاع تواصلهم مع العالم الخارجي. أمّا الذين سمعوا به في تلك الليلة، أي 27 أيلول 2024، فمثلهم مثل عامة الناس، لم يصدقوا. رفاق المقاوم حسن كوراني، الذي استشهد لاحقاً، ظنوا أن هذه حاله أيضاً، عندما افترش سجادة صلاته، وسجد سجدة طويلة، ثم استمع إلى مجلس عزاء حسيني، وطال بكاؤه، خاتماً بالدعاء. أجابهم عندما سألوه عمّا يفعله بأنه «يهيئ نفسه لتلقي خبر الارتقاء».
كان الخبر ثقيلاً على المقاومين الذين انتظروا «خطاباً للسيد يزرع الطمأنينة في نفوسنا ويشحننا بالقوة كما كان يفعل في أشدّ اللحظات». اختنق الشباب، صرخوا، وبكوا كثيراً. المقاوم محمد بداح بكى على نصر الله عشرين يوماً، حتى استشهد هو أيضاً. ينقل من كان حوله من المقاومين أنه «كان دائم البكاء، يبكي ويُبكي من حوله»، مردداً: «لا طيّب الله العيش بعدك يا سيد».
لم يهدأ المقاومون بعد خسارة نصر الله، و«ما عرفوا يقعدوا»، على حدّ تعبير أحد قادتهم. هناك من استمر في القتال حتى آخر رمق، مستعجلاً الاستشهاد. الشهيد علي فاضل استشهد بعد لحظات من وصول الخبر إليه.
قبلها، أرسل إلى عائلته رسالة أخيرة، قال فيها: «ما بدّي ياكن تنهاروا، السيد بينا وإمنا وخينا وبنتنا وبيمثّل كل شي بحياتنا. بس بالنهاية هاي الدنيا. هنيئاً نال وسام الشهادة، فإنتو بدكن تثبتوا وما تفكروا إنو العالم منهارة. العالم ثابتة وأكيد رح تاخد بتارها. ما حدا يخاف منكن. كونوا ثابتين. كونوا قوايا».
وفعلاً، خلافاً لما أراده العدو الإسرائلي من كسر عزيمة المقاومين بعد اغتيال قائدهم، تحول ما أراده أن يكون نقطة تحول لصالحه، إلى دافع للثأر عند هؤلاء الشباب. ويقول عدد منهم لـ«الأخبار» إنهم كانوا يقاتلون كأن «السيد حي وحاضر أمامنا». فراحوا يخاطبونه كلما رموا صاروخاً: «شايف يا سيد، هل نبلي حسناً؟»، وكان كل همّهم «أن يكون مبسوط منا»، حيث هو. في كفرمان (النبطية)، أصيب أحد المقاومين يوم استشهاد نصر الله.
وعندما حضرت سيارة الإسعاف لنقله إلى المستشفى رفض مغادرة الميدان، مردداً الجملة نفسها: «إذا غادرت سينقلونني إلى عائلتي وأنا لا أريد الذهاب قبل أن أرمي صلية الثأر للسيد»، بحسب المسعف الذي نقله «بالقوة».
أمّا قادة المجموعات المقاومِة، فكان عليهم أن يعضّوا على جرحهم، ويحافظوا على قوتهم وتماسك عناصرهم. في إحدى قرى الحافة الأمامية، حيث «كان العدو متربصاً بنا، وصلنا الخبر المشؤوم وبكى الشباب بشدة»، كما يقول قائد مجموعة مؤلفة من خمسة عناصر.
لكن وقبل أن ينهار هو الآخر «وصلني من حيث لا أدري شعور أنه يجب ألا ننهار»، فصرخ فيهم: «ما بكم؟»، ردوا عليه: «هذا السيد يا حاج». فقال: «ليس هذا وقت الحزن، أجلوا العزاء لأن العدو أمامنا، ولن نسمح له أن يضعف عزيمتنا». وليحافظ على رباطة جأش عناصره، قال قائد آخر: «يا إخوان، من هيدي اللحظة، كل واحد فيكم هو السيد حسن نصر الله».
سرعان ما تماسك المقاومون وارتفعت معنوياتهم. ورغم الظروف الصعبة التي عاشوها، أظهرَ «الاستشهاديون» بسالة في مواجهة العدو عند الحدود. بل وجد عدد منهم الوقت والقدرة على أن يهوّن على الناس فقدَ نصر الله وتثبيتهم. خاض الشهيد أحمد بزي مثلاً معركتين، الأولى ضد المحتل والثانية ضدّ اليأس الذي غزا مواقع التواصل الاجتماعي بعد استشهاد نصر الله.
فنشر سبعة منشورات متتالية على «فايسبوك» في 28 أيلول العام الماضي، يدعوهم إلى التحمّل والصبر والإيمان بالنصر وأن «يمنّ الله علينا بسيد مثل نصر الله كما لم يتركنا من قبل».