اخبار لبنان

التيار

سياسة

وعود كلامية دون عقد أي اجتماع حكومة لمناقشة ملف الإعمار: هل يستيقظ نواف سلام؟

وعود كلامية دون عقد أي اجتماع حكومة لمناقشة ملف الإعمار: هل يستيقظ نواف سلام؟

klyoum.com

محمد وهبة -

قد لا نرى حكومة متخاذله تجاه قضايا شعبها، أكثر من حكومة نواف سلام. وملف إعادة الإعمار هو النموذج الأكثر إمعاناً في التخاذل. ثمة من يقول إنّ امتناع سلام عن التعامل مع هذه القضية، يعكس قراراً سياسياً.

بينما يقف آخرون على الضفّة نفسها ساكتين عن الحق، إلى جانب شامتين بوجع الناس. باستثناء تأليف لجنة وزارية لم تُدعَ إلى جلسة واحدة بعد، فإنّ ملف الإعمار لم يكن حاضراً في جلسات مجلس الوزراء بصورة شبه مطلقة.

حتى أنّ إقرار قانون يتعلّق بإعفاءات للمتضرّرين، يُحسب لحكومة نجيب ميقاتي التي أقرّته أولاً ثم سحبته الحكومة الحالية من المجلس النيابي لإجراء تعديل موضعي عليه.

في آذار الماضي، أقرّت الحكومة إنشاء لجنة وزارية لإعادة الإعمار برئاسة رئيس الحكومة نواف سلام. وبعد بضعة أشهر أضيف إليها وزيران لتصبح مؤلّفة من الوزراء ياسين جابر، تمارا الزين، جو الصدي، عامر البساط وشارل الحاج. وحتى اللحظة، لم يصدر ما يوحي بأنّ هذه اللجنة اجتمعت أو ناقشت بجدّية أي مسالة متّصلة بإعادة الإعمار.

بل على العكس، بدأت مؤشرات تخاذل حكومية تجاه الملف تظهر في تقاطع مع مواقف سياسية موجّهة ضد حزب الله، وداعية إلى تنفيذ ما يطلبه العدو.

حزب الله كان متدرّجاً في أسقف موقفه من الحكومة، لذا وجّه الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، أكثر من دعوة للحكومة، لإطلاق ورشة إعادة الإعمار من التخطيط والتشريع على الأقلّ.

يومها كانت الذريعة أنّ الإعمار يتطلّب أموالاً لا يتوافر منها أي قرش في لبنان، وأنه لا يوجد مانحون «مقبولون دولياً» على استعداد لدفع أي قرش. ظلّ الأمر كذلك، إلى أن عقدت القمة العربية في بغداد في منتصف نيسان الماضي، وأطلق رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مبادرة تتعهّد بتخصيص 25 مليون دولار من العراق لصندوق إعادة إعمار لبنان.

كان لافتاً حجم البرودة التي صدرت عن الجانب الرسمي اللبناني تجاه المبادرة العراقية. ليصبح الأمر مفهوماً عندما يتبيّن أنّ الحكومة لم تخصّص جلسة واحدة لإعادة الإعمار. فلم تناقش أي خطّة تجاه كل هذا الدمار. «من أين نبدأ؟

وما هي الأولويات؟ وما طبيعة المشاكل المتوقّعة ربطاً بتجربة 2006؟»، ثم «كيف نصنّف الدمار؟ وما هي أدوار المؤسسات الرسمية مثل التنظيم المدني، وزارة الأشغال، الهيئة العليا، مجلس الجنوب، صندوق المهجرين...؟»، لنصل إلى أسئلة من نوع «أين ذهب أصحاب المنازل المهدومة؟ كيف يعيشون؟»... ثمة الكثير ممّا يجب التفكير به ونقاشه في ظلّ دمار ممتدّ في المناطق بين الجنوب بكل تفريعاته الوسطى والغربية والشرقية، وفي البقاع، والضاحية أيضاً. رغم ذلك لم تجد الحكومة ما يدفع نحو هذا النقاش، ولا حتى من باب الإحصاء. برود مقيت بذريعة غياب التمويل.

في المقابل، حاول حزب الله كسر هذا الجمود عبر زيارات إلى الرؤساء الثلاثة جوزاف عون، نبيه بري، ونواف سلام. حمل الحزب معه صيغة تقوم على أنه في غياب التمويل يمكن تجزئة الملف في إطار الأولويات. فإذا كانت إعادة إعمار المنازل دونها عقبات تمويلية وربما سياسية وعسكرية (ربطاً بما يقوم به العدو)، فهناك ملفات صغيرة لها وزن في العملية وغير مكلفة، ومن أبرزها ملف الترميم الإنشائي.

تبيّن للحزب، بعدما أجرت وحداته المدنية إحصاءً وكشفاً على الأضرار، أنه يمكن بكلفة بسيطة نسبياً، إعادة 7 آلاف أسرة إلى الضاحية الجنوبية بكلفة 37.5 مليون دولار.

ويصل عدد الذين يمكن إعادتهم إلى منازلهم، إذا أضفنا المناطق الأخرى التي طالها الضرر الإنشائي، إلى 20 الف أسرة، بكلفة تقديرية لا تتجاوز 80 مليون دولار.

سلام، كان يتمترس خلف كلام مستغرب أن يصدر عن رئيس الحكومة: «الدولة ما معها مصاري. ما حدا بدو يدفع من برّا». لكنّ الانطباع في اللقاءات أنه كان إيجابياً، بمعنى أن يَعد بالقيام بأمر ما.

حتى أنه بعد الضربة الكبيرة التي طالت الضاحية في عيد الأضحى، أوعز سلام إلى الهيئة العليا للإغاثة للتحرّك والإحصاء بالتعاون مع شركة «آرش» وتبيّن أنّ كلفة إيواء 185 عائلة مع ترميم المباني ستبلغ 5.5 مليون دولار. رغم ذلك لم تدفع الدولة أي قرش حتى في هذا الملف!

في هذا الوقت، كان وزير المال ياسين جابر يقدّم الوعود نفسها. أبدى تجاوباً لفظياً في أكثر من مناسبة، لكنه لم يستطع أن يناقش رئيس الحكومة في تحويل مليوني دولار للهيئة العليا للإغاثة لتغطية إيواء الذين تشرّدوا بعد الضربة الأخيرة على الضاحية.

حتى الآن، سدّد حزب الله أكثر من مليار دولار لنحو 400 ألف أسرة لتغطية الإيواء والترميم إلى جانب بعض أعمال التدعيم الإنشائي، فيما سجّل سلام في أكثر من عشرة لقاءات مع ممثّلين عن حزب الله وعوداً وتجاوباً لم يترجَم أي منها إلى أفعال. قيل لرئيس الحكومة إنّ الحزب حريص على إعادة المهجّرين إلى منازلهم حتى لا يحصل أي تغيير ديموغرافي، لكنه قال لهم «أهلاً بهم في بيروت».

وقيل له إنّ الحكومة دفعت نحو ألفي مليار ليرة للقضاة، ونقلت اعتمادات للطاقة الشمسية أكبر من كلفة تغطية الإيواء عبر الهيئة العليا للإغاثة، وقيل له عن إصدار آلية التعويضات التي يعرضها مجلس الجنوب... قيل له الكثير عن أهمية تلك الملفات الصغيرة، لكنّ الحكومة لم تُظهر إلا تخاذلاً... فهل آن أوان أن يستيقظ نواف سلام وحكومته؟

 

*المصدر: التيار | tayyar.org
اخبار لبنان على مدار الساعة