المعارك الافتراضية تشتعل في ساحة زحلة البلدية: "مين اللي فتح الردي؟"
klyoum.com
أخر اخبار لبنان:
صدمة في إيطاليا - هبوط سامبدوريا الى الدرجة الثالثةعلى رغم توسع دائرة المنافسة في ثالث أكبر مدن لبنان لتشمل لائحة ثالثة غير مكتملة سيشكلها "التيار الوطني الحر"، فإن الأجواء المحتدمة في المدينة، قد تحصر التنافس الفعلي بين لائحتي "قلب زحلة" التي يرأسها سليم غزالة وتدير "القوات اللبنانية" معركتها مباشرة، ولائحة "زحلة رؤية وقرار" التي يرأسها رئيس بلدية زحلة الحالي أسعد زغيب بدعم من النائب ميشال ضاهر وبالتحالف مع "الكتائب اللبنانية". فاللائحتان سيطرتا على المشهد البصري والنفسي في ساحة المعركة المزدوجة، الافتراضية والواقعية، بما يعكس عمق التنافس وحدّته بينهما.
لم تترك الحملتان وسيلة إلا واستخدمتاها، من الفيديوات الترويجية وصولاً إلى الحملات الميدانية. لكن السوشيال ميديا فرضت نفسها كقوة لا منازع لها، وخصوصاً في أوساط الشباب. ففي زمن الصورة، والبوست، والـ reels يكفي أن يُطلق موقف على "فايسبوك" حتى تتفاعل مدينة بأكملها، وهذا ما يحصل عملياً.
اللعب على المفردات ومعانيها
ليس المحتوى الافتراضي المرافق لحملات زحلة الانتخابية، وسيلة للتعريف بالبرامج الانتخابية والمرشحين في كل من اللائحتين فقط، إنما تحولت الميديا منبراً للردود المباشرة والسريعة، وهذا ما يجعل الحملات تشتعل قبل البرامج، لتبدو زحلة أمام اختبار جدي لديمقراطية "الشاشة الزرقاء".
بدأت هذه الحملات تصاعدية منذ اليوم الأول لتخفف "القوات اللبنانية" من حمل تحالفها مع "الكتلة الشعبية". فسمت لائحتها "قلب زحلة" ومضت بحملتها تحت شعار "سوا منقلب الصفحة"، الذي أراد أن يوحي بالتجدد، وبطيّ مرحلة بلدية سابقة.
ولكن حملة "زحلة رؤية وقرار" لم تتأخر في الرد، تلقفت الشعار، وحولته إلى مبارزة لغوية وسياسية، رافعة شعارها "زحلة ما بتنقَلب، زحلة ما بتنغَلب"، وغيرها من الشعارات التي جعلت من الدعوة إلى التغيير اتهاماً بالانقلاب.
تعدد الأساليب والهدف واحد
على هذا المنوال تتابع الحملتان، اللتان تبدوان واعيتين تماماً أن السوشيال ميديا ليست مجرد مساحة للإعلام، بل أداة لصناعة القرب مع الناخب. وهذا ما ينقل المعركة الى مفاهيم جديدة، يحاول من خلالها كل طرف أن يقول "نحن زحلة".
في مشهد انتخابي غير تقليدي، تصدّر "الصوت الزحلاوي"، كما يلقّب النائب الياس اسطفان، أحد المحتويات الترويجية، حيث شارك في فيديو داعم لأفراد لائحة "قلب زحلة"، من خلال استعراضه لمؤهلات كل مرشح في اللائحة المدعومة من "القوات"، بمحاولة لإقناع الناخبين بأن هؤلاء ليسوا مجرد أسماء، بل كفاءات من صلب المدينة.
أما الرد فكان في فيديو مضاد للائحة "زحلة رؤية وقرار"، أدّت فيه سيدة زحلية دور المعرف بمرشحيها، لا من باب السيرة الذاتية، بل من باب العلاقة اليومية التي تجعلها تفهم ذوق كل فرد من المرشحين في قهوته وكيف يشربها، ليظهر في النهاية رئيس البلدية وهو يقول: "ما بدنا مين يعرّف عنا".
ابتكارية تنقل الرسالة مع ابتسامة
أظهرت الحملات في زحلة ابتكارية في خلق صورة متكاملة لحملة انتخابية تنفذ بصرياً وكلامياً، حتى لو كان وصولها بالتساوي الى الجميع مستحيلاً. ففئة كبار السن، التي لا تستخدم الوسائل الرقمية أو لا تتفاعل معها كالشباب، تبقى خارج هذا السياق، وتعتمد على اللقاءات التقليدية والوسائل البصرية في الشوارع والساحات. ومن هنا، لا يمكن لأي حملة أن تستغني عن الأسلوب الكلاسيكي، أو تتجاهل أثره الأقوى في الشريحة التي تُعرف بـ "صاحبة الكلمة المرجّحة".
أما بالنسبة للسوشيال ميديا، فهي تبدو سلاحاً ذا حدين. إذ لا شك أن تسارع وتيرة الردود بين اللوائح، يؤدي إلى رفع منسوب حماسة الجمهور. ولكن سرعة التفاعل قد تسبق التفكير أحياناً، مما يؤدي إلى تشنجات تولدها انفعالات اللحظة. وهذا ما يضع مسؤولية كبيرة على مديري الحملات كما على صانعي المحتوى، الذين مهما غلّفوا رسائلهم بروح الدعابة، لا يمكنهم التنبؤ بكيفية تلقفها من قبل الجمهور. بينما المطلوب من مديري الحملات التذكر دائماً أن رفع الصوت ليس هدفه إشعال التوتر، بل تشجيع الناخبين على ممارسة حقهم في الانتخاب. والنتائج، أيّاً تكن، تبقى تعبيراً عن إرادة الأكثرية، في إطار اللعبة الديمقراطية.