البلديات في المتن الشمالي وبعبدا: صراع هادئ وصرخة ضد التوريث
klyoum.com
أخر اخبار لبنان:
تحليل أولي لنتائج الانتخابات البلدية في جبل لبنانحماسية كانت تلك الحركة الانتخابية داخل البلدات اللبنانية أمس، تختلف بنكهتها عن الانتخابات النيابية حيث سيطر عليها العصب العائلي والرغبة في التنمية رغم محاولات الأحزاب فرض معادلات جديدة قديمة. في جولة على بعض قرى المتن الشمالي وبعض قرى منطقة بعبدا تكشفت لنا قواسم مشتركة وملاحظات تنطبق على العملية الانتخابية برمتها.
رغم حماوة المعركة الانتخابية في الكثير من البلدات إلا أن السائد في الأجواء كان الهدوء والابتعاد عن الاستفزازات والتحديات التي ترافق عادة العمليات الانتخابية النيابية. الأحزاب براياتها وشعاراتها شبه غائبة عن المشهد الانتخابي وإن تكن حاضرة في دعمها للوائح والمرشحين. في المنصورية أعلام «القوات اللبنانية» مرفوعة على أعمدة الكهرباء بعيداً عن مركز الاقتراع فيما غابت أعلام «التيار» دون أن تغيب الأناشيد الحزبية في مركزه الداعم للائحة الشباب. الحركة صعوداً باتجاه بيت مري وعين سعادة هادئة ولم يزدد صخبها مع تزايد ساعات النهار فأهل هذه المناطق المسجلون على لوائح الشطب أقل بكثير من ساكنيها. في بيت مري بدا الصراع محتدماً بين اللائحة التي يرأسها روي ابو شديد رئيس البلدية الحالي ولائحة تجدد بيت مري برئاسة طوني مارون واللافت أمام مركز الاقتراع كانت الأحاديث الهامسة التي يتبادلها المعارضون وكأنهم لا يجرؤون على التعبير جهاراً عن معارضتهم لرئيس البلدية الحالي الذي يأخذون عليه سعيه لإقامة معمل لفرز النفايات في القرية قد يحمل إليها التلوث وضجيج الشاحنات رغم تأكيده عكس ذلك. وتأتي هذه المعارضة في سياق معارضات كثيرة مشابهة حيث يشكو أهل القرى والبلدات من تمسك رؤساء البلدية بمراكزهم على حساب تداول السلطة والتنمية. فالتوريث في فرن الشباك مثلاً، شكّل الدافع الأكبر لسعي الناخبين للاقتراع للائحة المنافسة للائحة رزق الله سمعان الذي ترشح بدل والده ريمون سمعان الذي كان قد ورث رئاسة البلدية عن والده. وتقول إحدى السيدات يكفينا حكم آل سمعان على مدى 50 عاماً كل شيء تغير في البلاد إلا بلدية فرن الشباك فهل يمكن القبول بهذا المنطق؟ في المقابل لائحة سمعان لها الكثير من الأوفياء والأصدقاء كما للائحة جان الأسمر في الحازمية. فالرئيس الذي يتربع على عرش المجلس البلدي منذ 27 عاماً يبدو واثقاً من نفسه في وجه لائحة «الحازمية تستحق» برئاسة زياد عقل، اللائحة التي نشطت عبر مواقع التواصل الاجتماعي لإيصال صوت الشباب والتجدد وصوت النساء في الحازمية في محاولة لإرساء طريقة تفكير جديدة وأداء بعيد عن الزبائنية والفساد. هنا أيضاً يتحدث المعارضون همساً وكأن سيطرة رئيس البلدية تفرض نوعاً من الهيبة والحذر يصعب كسرهما. ولكن ما لا يمكن لأحد إنكاره تحول الحازمية في العقدين الأخيرين من بلدة صغيرة إلى مدينة مزدهرة تضم الكثير من الفعاليات السياحية والتجارية فيما فرن الشباك لا تزال رغم توالي بلدياتها تنتظر نهضتها الحقيقية وفق رأي الكثير ممن قابلناهم.
«التيار» بين الحدت والحارة
بعيدا عن التوريث البلدي وسيطرة رؤساء البلديات لعقود ومنع وصول الجيل الشاب تبرز العوامل السياسية والحزبية والديموغرافية كعامل حاسم في العملية الانتخابية . ففي حارة حريك، وهي إحدى القرى المسيحية في ساحل المتن الجنوبي أو الضاحية الجنوبية تتنافس لائحتان في محاولة لكسر أحادية «الثنائي الشيعي». لكن اللائحة المكتملة المدعومة من «الثنائي» ومن «التيار الوطني» محسوم فوزها نسبة لعدد المقترعين الشيعة. فيما اللائحة الثانية المدعومة من النائب آلان عون تحاول فرض معادلة جديدة بالنسبة لأرقام الاقتراع المسيحي. وفيما كان يخشى أن يكون عدد المقترعين المسيحيين قليلاً جداً نظراً للمخاوف التي ترافق التواجد في الضاحية الجنوبية، إلا أن نسب الاقتراع أثبتت عكس ذلك وبرهنت حضوراً مسيحياً كثيفاً يقدر أنه بلغ 35 % وإن كان أقل من المرة السابقة. وتبقى المعركة في حارة حريك محصورة بالمخاتير بين اللوائح المدعومة من آلان عون وتلك المدعومة من «التيار» و»الثنائي الشيعي» لإثبات الثقل المسيحي لـ ألان عون فيما بقيت «القوات اللبنانية» على الحياد ولم ترض بالتحالف مع أي من الأطراف منعاً لاستغلال أصواتها كما يقول بعض القواتيين.
في بلدة الحدت، كانت الأجواء صباحاً مشحونة نظراً لكون المعركة البلدية قد اتخذت طابعاً حزبياً فاللائحة التي يترأسها رئيس البلدية الحالي جورج عون المعروف بانتمائه شخصياً إلى «التيار الوطني الحر « والمدعومة بالكامل من «التيار» قابلتها لائحة يرأسها عبدو شرفان لم تتلق دعماً قواتياً مباشراً لكن يرجح أن يصوت لها القواتيون وكذلك السنة من عرب سبنيه. ويلعب عرب سبنيه، كما اشار إلينا أكثر من مصدر، دوراً مهماً في الانتخابات البلدية في كل من بلدتي الحدت وبعبدا وهؤلاء نصفهم من الشيعة ونصفهم من السنة ويتوجهون إلى صناديق الانتخاب غب الطلب. ويتخوف أهالي بعبدا من أن يتمكن هؤلاء من ترجيح كفة لائحة على اللائحتين الأخريين لا سيما أنهم يحظون بالمال الانتخابي من قبل رئيس إحدى اللوائح المدعومة من «حزب الله».
في الشكل، كانت العملية الانتخابية هادئة وسلسة لكن أمراً واحداً كان يستحق الالتفات إليه وهو تأمين وصول أصحاب الإعاقة بسلاسة إلى غرف الاقتراع. فمعظم المراكز الانتخابية غير مجهزة لاستقبال من يعانون من صعوبات حركية أو بصرية ومعظمها يتضمن أدراجا طويلة. بعض اللوائح تنبهت للأمر وخصصت كراسي مدولبة لهؤلاء. لكن رسمياً، ورغم التعميم الصادر من وزارة الداخلية بتسهيل اقتراع المعوقين، لم تتخذ أية إجراءات عملية لذلك.