مخزومي الرابح الأكبر بغطاء سني حمى المناصفة
klyoum.com
أخر اخبار لبنان:
قرار أميركي فوري بتخفيف العقوبات على سوريارغم شراسة الحملات التي شُنّت عليه، خرج النائب فؤاد مخزومي كالرابح الأكبر من معركة انتخابات بلدية بيروت، مثبتاً موقعه كأحد أبرز صنّاع القرار في العاصمة، لا بل كـ "حارس المناصفة" و "ضامن وحدة بيروت" في وجه مشاريع التفتيت والتطرّف.
منذ اللحظة الأولى، لعب مخزومي الدور الحاسم في ترتيب التحالف السياسي العريض الذي أنتج لائحة متماسكة ضمّت قوى سيادية وسياسية متنوّعة. كان هو عرّاب هذا التفاهم بين أركان اللائحة، وساهم بفعاليّة في تقريب وجهات النظر بين مكوّناتها، ما مهّد لانضمام "الثنائي الشيعي" لاحقاً. هذا التحالف الواسع، الذي أتى في لحظة انقسام حادّ، أنقذ العاصمة من الدخول في صدام داخلي خطير، وأعاد إنتاج لائحة بلدية قادرة على النهوض ببيروت كمؤسّسة موحّدة تمثل كلّ أهلها، لا ساحة للصراع والمزايدات.
لكنّ الرهان الأكبر الذي خاضه مخزومي، وربحه، كان في تجيير الصوت السنّي لصالح اللائحة، رغم كلّ المحاولات لزجّ هذا الصوت في معركة عبثية ضد المناصفة. واجه حملات تحريضية حاولت دغدغة مشاعر الشارع السني بخطابات شعبوية، تدّعي الدفاع عن "الحقوق"، لكنها في الواقع كانت تسعى لضرب المناصفة الدستورية وفتح الباب أمام تقسيم بلدية بيروت إلى شطرين طائفيين. مخزومي، بخطابه المعتدل وتمسّكه بالثوابت الوطنية، استطاع أن يقطع الطريق على هذا المشروع، وأقنع غالبية السنة بأن وحدة بيروت أهم من أي حسابات ظرفية. فكانت المشاركة السنية الوازنة في التصويت لصالح اللائحة أبلغ ردّ على دعاة التطرّف.
إضافة إلى ذلك، فإنّ جهود مخزومي حظيت بغطاء عربي واضح. فقد أدركت العواصم العربية أهميّة ما يجري في بلدية العاصمة اللبنانية، باعتبار أن بيروت ليست مجرّد مدينة بل قلب لبنان السياسي والرمزي، وبالتالي فإنّ أي اختلال فيها ينعكس على المشهد اللبناني كلّه. لذلك، جاء الدعم العربي لتركيبة اللائحة السيادية كرسالة واضحة ضد مشاريع العزل والفرز الطائفي، وهو ما أثار غضب الأوساط القريبة من "حزب اللّه"، التي شنّت حملة إعلامية واسعة بعد فوز اللائحة، ووصفتها بأنها "لائحة الإملاءات السعودية والأميركية". لكنّ الواقع أن هذه اللائحة كانت نتاج حوار داخلي لبناني خالص، خاضه مخزومي بشجاعة ومسؤولية.
في المقابل، فشل خصوم اللائحة في فرض خياراتهم الهجينة على الشارع السني. بدا هؤلاء وكأنهم يعملون على مشروع مناقض تماماً للهوية العربية لبيروت، ففقدوا صدقيّتهم الشعبية، وظهرت محاولاتهم كأنها تهدف لضرب وحدة العاصمة وتفكيك بلديتها تحت شعارات "التمثيل الطائفي" و "استعادة الحقوق". والواقع أن هذه الخطابات لم تعد تنطلي على أحد، خصوصاً في ظلّ التدهور الاقتصادي والانهيار الإداري، حيث باتت الأولوية هي لتفعيل المؤسسات وليس لتقسيمها.
اليوم، وبعد صدور النتائج، يستعدّ الشارع البيروتي للاحتفال بفوز هذه اللائحة، في مشهد يُتوقّع أن يعكس ارتياحاً عاماً في أوساط العاصمة. فهذا الفوز لم يكن مجرّد انتصار انتخابي، بل انتصار لخيار المناصفة، وخيار الاعتدال، وخيار الحفاظ على وحدة بيروت. ومن الطبيعي أن يُنسب الفضل الأول في هذا الإنجاز إلى فؤاد مخزومي، الذي لم يتردّد في خوض المواجهة، وتحمّل أعباء التحريض والتشويه، من أجل منع سقوط بيروت في فخّ التقسيم.
باختصار، أثبت مخزومي أنه ليس مجرّد نائب بيروتي، بل قائد سياسي يمتلك الرؤية والقدرة على حماية التوازن الوطني، حتى في أحلك الظروف. لذا، يستحقّ عن جدارة أن يُلقّب بحارس المناصفة و "ضامن وحدة العاصمة"، و "الرابح الأكبر" من هذه الانتخابات المصيرية.