دور بري في دائرة التساؤل والمحاذير إلى تصاعد
klyoum.com
أخر اخبار لبنان:
عون يلتقي سلام في بعبداكتب أنطوان مراد في "نداء الوطن":
بات واضحًا أنّ ثمة مسافة في مقاربة استحقاق حصرية السلاح، بين الفريق السيادي من جهة والحكم والحكومة من جهة ثانية، وذلك على صعيد أسلوب مقاربة مسألة استعادة السيادة الكاملة، والسرعة المطلوبة لإطلاق الخطوات التنفيذية. وتلفت أوساط سيادية بارزة إلى أنّ التوافق تام بل ممتاز بين القوى السيادية وبين رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، في ما يتعلّق بالاستراتيجية الوطنية كعنوان بالنسبة لحصرية السلاح وسائر الاستحقاقات لا سيّما الإصلاحية منها، وهذا ما عكسه اللقاء بين الرئيس عون ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، وبالتالي فإنّ أي محاولة تشكيك أو «حرتقة» على هذا المستوى لا مكان لها ولا طائل تحتها، وستذهب سدى.
أما في ما خص تقييم المخاطر المرتبطة بحقيقة نوايا فريق الممانعة وبتداعيات نفاد الوقت والإبطاء في الانتقال إلى المبادرات العمليّة، فإنّ هذه المخاطر تبدو أكثر من جدية، باعتبار أن «حزب اللّه» يعتمد على المناورة ويلعب ورقته كاملة و «صولد» ولو مخفية ومن دون ضجة. فهو يراهن على ما يعتبره صمود إيران في وجه الحملة الإسرائيلية الأميركية، كما يراهن على الرئيس نبيه بري لتغطية تمسّكه بالسلاح بشكل أو بآخر، علمًا أن رئيس المجلس يسعى إلى استغلال نفوذه وموقعه حتى آخر نفس، إن من خلال طرح بعض المقايضات والصفقات ضمنًا، أو من خلال التشدّد حيال الحالة الإسرائيلية كاحتلال في الجنوب.
وفي اعتقاد الأوساط السيادية أن «حزب اللّه» قد ينتهي إلى التسليم جزئيًا بالشروط المطروحة حول سلاحه، وذلك على مستويات الجغرافيا العسكرية والكم والنوع. فـ «الحزب» يرى أنه نفّذ تمامًا ما التزم به حيال إخلاء المناطق جنوبي الليطاني من السلاح الثقيل والمتوسط، علمًا أن السلاح الفردي موجود في مختلف مناطق لبنان. أما بالنسبة للكم فإن «الحزب» خسر جانبًا كبيرًا من ترسانته، ويتعرّض لحصار قاس حول كلّ ما يمكن أن يصله من أسلحة وذخائر من الخارج. وفي ما خص النوع، فإنه مستعدّ لبحث تخفيض جدي لما يعتبره أسلحة استراتيجية صاروخية بشكل خاص. ومن هنا، فإن «الحزب» وبحسب منطقه، يتخلّى عن معظم سلاحه، وفي الوقت عينه لا يمكنه أن يعرّي نفسه من أي قدرة دفاعية تكون عمليًا في تصرّف الدولة اللبنانية عند الحاجة إليها.
وهذا المنطق بالنسبة للقوى السيادية لا يستقيم، لأن التحقّق من الالتزامات أمر صعب ومعقد طالما أن «الحزب» هو الذي يفرض أجندته ويقيّم التزاماته، وطالما أن صدقيته في هذا الشأن ضعيفة جدًا في ضوء الكثير من التجارب.
وانطلاقًا من ذلك، فإنّ القوى السيادية تطالب، وهي في رأي الأوساط، تطالب عن الدولة، بما ينبغي أن تطالب به الدولة صراحة، إذ يبدو أن الحكم يفضّل التروي وعدم المزايدة عليه ويرى أن الأمور ذاهبة إلى الحلول المرجوّة في نهاية المطاف، بينما يتصرّف رئيس الحكومة نواف سلام كما لو كانت المسألة سباقًا لتسجيل النقاط بينه وبين رئيس الجمهورية، ولا تتعلق بالتزامات عملية لوضع مسألة حصر السلاح على السكة. والواقع أن الوقت يتقدّم بسرعة والضغط الأميركي مع تسليم روسي وصيني به، وما يشبه الاستسلام الأوروبي له، يتصاعد في خط بياني واضح، وهو يرتبط بتحذيرات جدية من تداعيات المزيد من المماطلة، إذ يبدو أن النوايا الإسرائيلية تشي باستعداد وتخطيط للنيل من الضاحية الجنوبية ولو بحجج ضعيفة، فضلًا عن توقع استهداف عنيف لـ «الحزب» في البقاع، وصولًا إلى تنفيذ اجتياحات موضعية محدّدة. أما في ما خصّ دور الرئيس نبيه بري، فليس صحيحًا أنه يحاول التوفيق الموضوعي بين «حزب اللّه» وكل من الرئيسين عون وسلام، بما يخدم الشرعية أولًا، بقدر ما يعمل على الحفاظ على موقعه وتدوير الزوايا بما يرضي «الحزب» ويقنع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة بمخارج معينة، لكنّ المعادلة باتت مختلفة اليوم، لأن تركيب «الطرابيش» وجمع الأضداد مسألة بالغة الصعوبة.
وفي الخلاصة، الأمل بحسب الأوساط السيادية، هو أن يستدرك الحكم والحكومة التطوّرات والتوقّعات، وأن يعمدا إلى قراءة علامات الزمن الآتي بدقة، لأن سوء التقدير، ولو صفت النوايا، قد يؤدي إلى نتائج سيئة ومخيّبة ويستحيل معالجة تداعياتها، فكيف إذا كانت الفرصة السانحة لن تتكرّر.