دبل: ما لم تَسلِبه الحروب لن تأخذه معارك البلديات
klyoum.com
أخر اخبار لبنان:
اخرج من هنا .. ترامب يوبخ ويطرد صحافيا بسبب طائرة قطر (فيديو)اعتادت دبل الجنوبية مُرافقة الصعاب ومواجهة التحديات. سجلّها الحافل بالتضحيات والشهداء، بات جزءاً من هويتها وتكوينها وذاكرتها الجماعية. علاقاتها الأهلية متشابكة نَسَباً ومصاهرةً وجيرةً ورفقة، كأن عائلاتها جذع واحد بفروع متعددة (الجنوب بشكل عام لا يعرف الطابع العشائري). وكنشأة معظم القرى اللبنانية المسيحية، نبتت جذورها الضاربة في عمق التاريخ، وتكتّلت بيوتها وحاراتها العتيقة حول الكنيسة (مار جرجس الأثرية)، قبل أن تتوسّع وتشهد نهضة عمرانية وديموغرافية لافتة. تُعدّ دبل من البلدات المارونية المحافظة، إذ يتمسّك أبناؤها بقيمهم وعاداتهم وطقوسهم. أفراحهم عامرة بتشاركيتهم، وأتراحهم تتعزّى بتكاتفهم. خاضوا معاً معارك وجودية ومصيرية. بيادرهم مُعطّرة بقطرات من الندى والدم والعرق. في بيوتهم ذخائر أبطال معلّقة على الجدران ومحفورة في الوجدان.
لكن هذه العوامل المشتركة والمتجذّرة في نفوسهم، تُمتَحَن كل ستّ سنوات، حين يحطّ قطار الانتخابات البلدية والاختيارية عندهم، فهل ما لم تسلبه منهم حروب الوجود، ستأخذه معارك البلديات؟
في دبل، تتنافس على مجلسها المكوّن من 15 عضواً، إضافة إلى ثلاثة مخاتير ، لائحتان مكتملتان. يبلغ عدد الناخبين فيها نحو 3100 من أصل 5 آلاف نسمة تقريباً. تشهد البلدة منافسة حامية، وساهمت مواقع التواصل في رفع حرارتها، أسوة بمعظم البلديات. لكن إزاء هذه السخونة، تحافظ البلدة على خطوط حمراء وسقوف انتخابية معيّنة، تمنع التفريط بوزناتٍ زرعها الأجداد وسقاها الشهداء، أمانةً ووصيّةً للأجيال.
انطلاقاً من هذه الروحية، يشدد مرشّح لائحة «دبل بتجمعنا» لرئاسة البلدية مارون هاشم (إلى جانب داود ندّاف وماريو ناصيف)، على أنّ «الانتخابات هي منافسة وليست معركة، فالمشهد الانتخابيّ في بلدتنا ينطبع بالعلاقات العائليّة والشخصيّة». وأشار هاشم إلى أنّ «لائحتنا تحمل رؤيةً متكاملة تهدف إلى التنمية والتطوير في القطاعين الزراعي والسياحي، وأيضاً حماية المواقع الأثريّة والتصدّي لمحاولات إزالة دبل من الذاكرة التاريخيّة والخريطة السياحة الدينيّة والتراثيّة»، مؤكّداً أن «هذه الأفكار واقعيّة وقابلة للتنفيذ وليست مجرّد وعود شعبية». أمّا عن يوم الاستحقاق، فيقول: «غالباً ما يسود الهدوء خلال عمليّة الفرز، حيث يتجلّى بمشهد رائع وراق، إذ يقف المرشّحون جنباً إلى جنب لمتابعة عملية الفرز، ويتجمهر الأهالي أمام مركز الاقتراع، من دون الحاجة إلى حاجزٍ يقسم الطريق بينهم إلى نصفين، الأمر الذي كان يثير استحسان القوى الأمنية والعسكرية المولجة بحماية العملية الديمقراطية، إذ لم تُسجّل خلال كل الدورات السابقة «ضربة كفّ» أو مشاحنات، لأننا أبناء بلدة واحدة وسنحافظ مع أهلنا على هذه الصورة مهما اشتدّت المنافسة، فدبل كانت وستبقى بتجمعنا».
في السياق ذاته، دعا مرشّح لائحة «صدى دبل» لرئاسة البلدية مارون ناصيف (إلى جانب عقل ندّاف وميلاد حنّا)، الجميع إلى «اعتبار الانتخابات فرصة تنافسية راقية، هدفها خدمة أهلنا وبلدتنا. فالاستحقاق سينتهي يوم 24 أيار، لكن الصحبة والعشرة ومحبة بلدتنا سترافقنا مدى العمر. علينا ألا ننسى كيف واجهنا مخاطر الحرب الأخيرة بقلب واحد وعزيمة واحدة. كيف خفنا على بعضنا البعض. كيف كان كل واحد منّا يفكّر بسلامة غيره». وفي الإطار الانتخابي، أشار ناصيف إلى «أنّ لائحتنا ستعمل على إعادة مأسسة العمل البلدي بعد التمديد الذي انعكس سلباً على بلديات لبنان كافة. هدفنا تعزيز التنمية ومشاركة الشباب، لا سيما وأن دبل تزخر بعناصر شبابية تملك ما يكفي من النخوة والطاقات، وقد أثبتوا حيويتهم وديناميكيتهم خلال الحرب وقبلها جائحة كورونا. كما سنركّز جهودنا على ثروتنا البيئة والسياحية، نظراً لطبيعتها الجميلة واحتوائها مواقع أثرية وتاريخية تعود إلى الحقبتين الكنعانية والرومانية، لكنها لم تحظَ باهتمام السطات والوزارات المعنية طيلة العقود الماضية».
في الختام، ومن خلال ما عبّر عنه «المارونان» (مارون هاشم ومارون ناصيف) من قواسم مشتركة، تضع الجميع أمام مسؤولياتهم للحفاظ على النسيج الأهلي، فما جمعته الحقول والدروب والأيام الصعبة والذكريات الحلوة وساحات الطفولة، والكنيسة والمدرسة وبيادر الصمود وأحلام الشباب وإرث الأجداد، لا يجب أن تفرقّه مواسم البلديات.