اخبار لبنان

الميادين

منوعات

برغم النار والمخاطر.. مزارعو جنوب لبنان يتحدّون الاحتلال بالعمل في أراضيهم

برغم النار والمخاطر.. مزارعو جنوب لبنان يتحدّون الاحتلال بالعمل في أراضيهم

klyoum.com

برغم النار والمخاطر.. مزارعو جنوب لبنان يتحدّون الاحتلال بالعمل في أراضيهم

بين ويلات الحرب وتخلي الدولة عن مسؤولياتها، يعيش المزارع الجنوبي في القرى الحدودية، معاناةً كبيرة في السعي إلى رزقه وعمله، إلا أنك تجده رغم كل هذا، لا زال يمتلك العزيمة والإصرار على المحاولة قدر الإمكان.

ينطلق بسام عليان مع شروق الشمس إلى حقله الواقع قرب منزله في قرية البياضة (قضاء صور) جنوبي لبنان، يتبعه فيما بعد نجله محمد ليسانده في فلاحة الأرض وتأمين إمدادات شبكات الري، وتحت أنظار طائرات الاستطلاع الإسرائيلية، يستكملان عملهما الذي لم يتوقف طيلة فترة العدوان الإسرائيلي على القرى الجنوبية الحدودية.

عند كل صبيحة، يقف بسام منحنياً يزرع الشتول بهمّة عالية، وجبينه الممهور ببصمات التعب ترتخي على قسماته أشعة شمس الجنوب. بابتسامة خفيفة، قال بسام للميادين نت: "أبناء الأرض لا يمكن أن يغادروها، نحن المزارعون نعرف تماماً ماذا يعني ذلك، وسنستمر بزراعة كل شبر فيها حتى الرمق الأخير".

تجربة بسام هذه تعكس جزءاً من المشهد العام الحالي للواقع الزراعي في المنطقة الحدودية في قضاء صور، والذي شهد كما القطاعات الاقتصادية الأخرى انتكاسات كبيرة.

تحديات وصعوبات

يشرح أحمد عواضة، المزارع من بلدة الناقورة الحدودية والمتخصص بزراعات متنوعة لا سيما الموز والحمضيات للميادين نت عن واقع القطاع الزراعي في المنطقة، مشيراً إلى أن "نمط عمل المزارع خلال مرحلة الحرب قد تغيّر كثيراً، لا سيما في ظل التحديات والمخاطر الأمنية الراهنة".

إذ تراجع عدد العمال كثيراً، وفقاً لعواضة، وارتفعت أجرة العامل من 75.000 ليرة لبنانية إلى 120.000 ل.ل في الساعة، بالإضافة إلى أن الكثير من الأراضي الصالحة للزراعة لا يمكن الوصول لها، "قمت مثلاً باستئجار ما يقارب 130 دونم من هذه الأراضي في الناقورة ومروحين وشيحين وغيرها، وجهزت قسماً منها قبيل بدء الحرب، أما الآن فلا يمكن الوصول إليها أبداً".

وعلى صعيد المحاصيل الزراعية، يفيد أحمد بأن الانتاجية انخفضت كثيراً لأسباب عدة، فعمليات ري المزروعات توقفت في بعض الأراضي، وفي أراضٍ أخرى كانت تتم فقط في أوقات معينة وغير كافية، فضلًا عن أن "عملية رش المبيدات لم تتم بشكل فعال لا سيما في قطاع الحمضيات".

ويؤكد أحمد أن التحديات الراهنة لم تقتصر على الوضع الأمني فقط، إذ شهدت أسعار المبيدات والأسمدة الكيماوية ارتفاعاً نتيجة تغير أسعار الشحن العالمية، كما أن تأخر عملية تصريف الموز والحمضيات للدول الخارجية أدى إلى تراجع سعرها بالنسبة للمزارع، فعلى سبيل المثال: "كان بدل رطل الموز (2.5 كغ) يعادل الـ200 ألف ل.ل، أما اليوم فقد أصبح 75 ألف ل.ل".

وعن دور المؤسسات الرسمية المعنية، أكد أحمد أنهم لم يشهدوا أي تحرك أو مبادرة أو تواصل من قبل الجهات الرسمية طيلة فترة الحرب، لا سيما وأن هذه القرى تضم ما يقارب الـ50 مزارعاً.

كذلك الأمر بالنسبة لإسماعيل إسماعيل، الذي ما زال يتوجه إلى أرضه الزراعية الواقعة في بلدة الناقورة - محلّة "إسكندرونة" القريبة من الحدود، والتي يزرعها عادة بثمار البطيخ والشمام، لافتاً إلى أنّ "التجار باتوا يطالبون المزارعين بدفع ثمن الشتول والأسمدة والمعدات بشكل نقدي، بعد أن كانوا يمنحون المزارع مهلة زمنية لحين قطف المحاصيل وبيعها"، وأشار إلى أن"تكلفة زراعة موسم البطيخ والشمام لا تقل سنوياً عن 1500$، وحالياً يبدو الأمر غير ممكن بسبب الأوضاع الراهنة وعدم القدرة على توقع مستقبلها".

النقابات ترفع الصوت عالياً

في هذا السياق، قال علي دبوق الذي يشغل منصب نائب رئيس نقابة مزارعي الحمضيات والموز والأشجار الإستوائية، ونائب رئيس نقابة تجمع مزارعي الجنوب، إن "اقتصاد المنطقة الحدودية يعتمد بشكل أساسي على الزراعة، خاصة الحمضيات والموز والزيتون والدخان وتربية النحل والمواشي"، مضيفاً: "لقد لحقت الخسائر بهذه القطاعات جميعها، احترق ما يزيد عن 45.000 شجرة زيتون، وأتلف ما يقارب الـ 1100 قفير نحل أي ما يعادل خسارة 15 طن من العسل، وهذه الخسارة الإجمالية تقدر بحوالى النصف مليون دولار، وأما التقدير الأولي لخسائر المزروعات فقد بلغت 20.000 طن من الحمضيات، 15.000 طن من الموز و2.000 طن من الأفوكا".

وعن دور الجهات الرسمية المعنية، أفاد بأنه "لا يوجد أي خطة طوارئ أو تدخل من قبل الوزارات المعنية، واقتصر الأمر على بعض الإحصاءات والجولات والوعود بالتعويض بعد نهاية الأحداث"، وختم قائلاً: "لقد عملت النقابات على رفع الصوت ومناشدة الجهات الرسمية للتدخل وتعويض الأضرار، كما أنها تعد مشاريع لمساعدة المزارعين والنحالين على الصمود والاستمرار".

بين ويلات الحرب وتخلي الدولة عن مسؤولياتها، يعيش المزارع الجنوبي في القرى الحدودية، معاناةً كبيرة في السعي إلى رزقه وعمله، إلا أنك تجده رغم كل هذا، لا زال يمتلك العزيمة والإصرار على المحاولة قدر الإمكان، والوقوف في وجه آلة الحرب الوحشية، لأنه يدرك أن السبيل الوحيد للعيش في أرضه بكرامة هو سبيل النضال والثبات والصمود.

*المصدر: الميادين | almayadeen.tv
اخبار لبنان على مدار الساعة

حقوق التأليف والنشر © 2024 موقع كل يوم

عنوان: Armenia, 8041, Yerevan
Nor Nork 3st Micro-District,

هاتف:

البريد الإلكتروني: admin@klyoum.com