"الحزب" يضع لبنان كلّه على حافة الصخرة
klyoum.com
على وقع التشظياتِ السياسية الكبيرة لـ «أزمةِ الصخرةِ»، وفي حضور أمين المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران علي لاريجاني، أحيا «حزب الله»، الذكرى الأولى لاغتيال أمينيْه العاميْن السيد حسن نصر الله وهاشم صفي الدين بفعاليات مركزية «مثلثة الضلع» في الضاحية الجنوبية لبيروت وديرقانون النهر والنبي شيت.
وجاءت السنوية الأولى لاغتيال نصرالله وصفي الدين بعد 4 أيام على بدء «حرب لبنان الثالثة» مدجَّحةً برسائل «مكمّلة» لِما وجّهتْه فاعليةُ إضاءة صخرة الروشة من «ضوءٍ كاشِفٍ» على هشاشةِ الأرضية التي تقف عليها الدولةُ في مَسعاها لتطبيقِ قرار سحب سلاح الحزب، وإن مع فارِق أن فاعليةَ الأمس خَلَتْ من أي أبعاد «جاذبة للصواعق» السياسية أو الأمنية.
فإلى حضور لاريجاني الفعالية التي أقيمت في محيط مرقد نصرالله عند جادة الإمام الخميني، فإن تَقاطُر عشرات آلاف مناصري الحزب جاء مُحَمَّلاً برسالةٍ أقرب إلى «عَرْضِ القوة» الشعبي الذي أريد منه أن يشكّل «درعاً بشرية» حول السلاح الذي أَظْهَر منذ الخميس أن «وهجَه» ما زال قادراً على تسجيل نقاطٍ في مرمى دولةٍ تآكَلَتْ هيْبتُها - التي تُكابِد لاستعادتها - وتَكَسَّرتْ عند صخرة الروشة.
وكما في فاعلية «الروشة»، كذلك في الفعالية الثلاثية اليوم، لم يكن مُمْكِناً وفق أوساط مطلعة قراءة المشهد الشديد التعقيد من خارج «مَسرح العمليات» السياسي - العسكري الإقليمي الذي يَرتبط به لبنان في شكل وثيق منذ «طوفان الأقصى»، وخصوصاً مقتضيات إدارة إيران أوراقها وتحريك أذرعها بما يَتلاءم مع موجبات التصدي لـ «موجات عاتية» قد تكون آتية، بضغطِ اسرائيل على «الزناد العسكري» مجدداً أو بـ «آليةِ الزناد» التي عاودت أمس تفعيلَ العقوبات الأممية عليها.ووفق هذه الأوساط، فإنّ «حزب الله» ومنذ الخميس أَطْلَقَ واقعياً «هجوماً مضاداً» وَضَعَ معه لبنان كله على حافة الصخرة، كاسراً ليس فقط تعميم ريئس الحكومة وكلمته وساعياً لتحويل صرخة سلام بوجه ما حصل قبالة الروشة وإضاءتها وكأنها «في وادٍ»، بل موجِّهاً أيضاً إشاراتٍ للدولة ولمَن يعنيهم الأمر في الخارج ولا سيما الولايات المتحدة، بأن مَسار سَحْبِ سلاحه الذي أطلقتْه الحكومة في 5 آب ما زال بعيداً «سنين ضوئية» عن التطبيق.
هذا السلوك، إذا وُضع على «مقياسِ» اللحظة الإقليمية، والإيرانية تحديداً التي كانت تظلّل فاعليةَ الأمس بحضور لاريجاني خصيصاً والمواقف التي أدلى بها من بيروت كما بيان الحرس الثوري، تَشي كما ترى الأوساط نفسها بأنّ لبنان برمّته يُقتاد إلى عنق الزجاجة في ملف السلاح وسط خشيةٍ من أن يتحوّل مجدداً «وقوداً» في معركة طهران المزدوجة: - لتوفير أفضل ظروف التصدّي لما تَراه محاولةَ «كسْر ذراعها» نووياً استكمالاً لمسار «حرب الأيام الـ 12» عليها.- وتالياً تسديد ضربةٍ قاصِمةٍ لمحورها بالتوازي مع إعادة ترتيب المنطقة وخطوط النفوذ فيها، انطلاقاً من «اليوم التالي» في غزة، والـ «السلام الأمني» الذي يُعمل عليه بين اسرائيل وسورية ويُراد أن يكون له «تأثير الدومينو» بما في ذلك على لبنان.
من هنا، رأت الأوساط أن ما حصل في الروشة الخميس كان أقرب إلى «مكمن مُحْكَمٍ» نُصِب للدولة ولعملية سحب السلاح، وليس فقط لسلام، وتم فيها استخدام الحرص على تجنيب البلاد صِداماً ينزلق إلى حرب أهلية كـ «غطاء ناري» لتقدُّم «حزب الله» خطوةً عنكبوتيةً، أتاحتْ له حصْد أكثر من هدف في «ضربة واحدة»:- إظهار الدولة، وبفعل نأي القوى العسكرية والأمنية عن تطبيق تعميم رئيس الحكومة وقرار محافظ بيروت بمنْع إنارة الصخرة أو تَجَمُّع أكثر من 500 شخص قبالتها، وتالياً «حراستهم» هذه الفاعلية و«الانقلاب» على ما أوعز به سلام، وكأنها أعجز عن «سحْب الضوء عن صخرة» فكيف بالحري سحب سلاحه، في مؤشر تالياً إلى مسار متدحْرج لـ «حصرِ مسار» تفكيك ترسانته عبر مُحاصَرة الحكومة وحَشْرها في الزاوية وإحراجها تجاه الداخل والخارج.- «دقّ إسفين» بين رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون وسلام، وهما الرافعتان لعملية حصْر السلاح واللذان يحظيان بثقة الخارج، وأيضاً بين السلطة السياسية والمؤسسة العسكرية، وذلك أولاً عبر ما اعتبرتْه الأوساطُ «فخاً» نُصب لرئيس الحكومة عبر ما قيل عن تَفاهُم أو تسوية تقضي بتسهيل حصول الفاعلية قبالة الصخرة مقابل مَنْعَ إضاءتها، وثانياً من خلال تَعَمُّد رئيس وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا توجيه شكر من أمام الصخرة لقائد الجيش العماد رودولف هيكل والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء رائد عبدالله وضباط المؤسستين على «مساهمتهم في إنجاح هذه الفاعلية».
وإذ اعتبرت هذه الأوساط أن «الانقلابَ على التفاهُم» ربما يَحمل في خلفياته «ثأراً» ضمنياً من اتهاماتِ الثنائي الشيعي لعون خصوصاً كما للحكومة بالارتداد على «كلمةٍ» كانت أُعطيت بعدم تحديدِ مهلة زمنية لقرار سَحْب السلاح الذي اتخذ في 5 آب وتضمّن موعداً لإنهاء هذا المسار بحلول 31 كانون الأول (عادت خطة الجيش وجعلت نهاية السنة تاريخ إنهاء المرحلة الأولى في جنوب الليطاني)، فإنها رأتْ أن الرابح الأكبر من تشقُّق العلاقة وارتفاع المتاريس بين رئيسيْ الجمهورية والحكومة هو «حزب الله» الذي يُخشى أن يكون «تَحطيمُه» قرار سلام و«شكره» للجيش وقوى الأمن سيترك ارتداداتٍ على عمليةِ دَعْمِ المؤسسة العسكرية من المجتمعين العربي والدولي عبر مؤتمرات يجري الإعداد لها.