مركز ريستا رت يطلق ورقة سياسة حول الفساد والتعذيب: ديناميات متشابكة تقوّض العدالة وحقوق الإنسان
klyoum.com
أخر اخبار لبنان:
وفاة غامضة لسفير جنوب إفريقيا في فرنسا!أطلق مركز «ريستا رت لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب» ورقة سياسة -policy paper – بعنوان «الفساد والتعذيب: ديناميات متشابكة تقوّض العدالة وحقوق الإنسان» خلال ندوة أقيمت في فندق راديسون بلو – فردان، بمشاركة القاضي رجا أبي نادر ممثلاً وزارة العدل، وممثلين عن الأجهزة الأمنية، ومحامين، وجمعيات حقوقية، ومهتمين بالشأن العام.
تركّز الورقة على الارتباط البنيوي بين الفساد والتعذيب، مؤكّدة أنّ مواجهة هاتين الظاهرتين شرط أساسي لبناء دولة يحكمها القانون. وأشارت إلى أنّ الفساد يخلق بيئة إفلات من العقاب ويغذّي ممارسات التعذيب، فيما يُستخدم التعذيب كأداة للسيطرة والتخويف وإخفاء الأدلة وحماية المنظومات الفاسدة من المساءلة، وهو ما يدمّر ثقة الجمهور بالمؤسسات ويقوّض أسس العدالة والكرامة الإنسانية.
وفي كلمتها الافتتاحية، أعلنت المديرة التنفيذية لمركز «ريستارت» السيدة سوزان جبّور عن إطلاق الورقة الجديدة، قائلة: «اجتمعنا اليوم لمواجهة حقيقة غير مريحة: التعذيب والفساد ليسا ظاهرتين منفصلتين، بل يعزّزان بعضهما البعض ويقوضان أسس العدالة وحقوق الإنسان. إنهما وجهان لعملة واحدة يجب كسرها».
وأضافت جبّور أنّ الورقة تبرز مظاهر هذا الترابط في السجون المكتظّة والتحقيقات المتوقّفة، وكذلك في المؤسسات المغلقة مثل المستشفيات النفسية ومؤسسات الإعاقة ودور رعاية الأيتام والمسنين، التي تعاني من نقص في الموارد البشرية المتخصصة، ما يفتح الباب لممارسات مهينة وانتهاكات ممنهجة.
وتتضمّن الورقة خارطة طريق للحكومة وهيئات الرقابة والمجتمع المدني لتعطيل دورة الفساد والتعذيب وبناء أنظمة قائمة على الشفافية والمساءلة واحترام حقوق الإنسان. كما تشدّد على منح هيئات الرقابة الاستقلالية والموارد اللازمة للتحقيق في الانتهاكات دون خوف، وتفكيك شبكات الفساد التي تحمي الجناة.
من جهته، اعتبر المحامي فاروق المغربي أنّ «غياب استقلالية القضاء والتدخلات السياسية والأمنية يعرقل محاسبة مرتكبي جرائم التعذيب والفساد »، مشيراً إلى أن الأزمة الاقتصادية الناتجة عن الفساد دفعت بعض عناصر إنفاذ القانون إلى البحث عن مداخيل بديلة، ما يعمّق المشكلة ويجعل المواطن الحلقة الأضعف.
كما شدّد القاضي رجا أبي نادر على أهمية انتقال القضاء من ثقافة الاعتراف سيد الأدلة إلى ثقافة الإثبات والأدلة الموثّقة لضمان محاسبة جدية على جرائم التعذيب وانتزاع الاعترافات بالقوة.
واختُتمت الندوة بمجموعة توصيات دعت إلى استبدال ثقافة السرية بالشفافية، وترسيخ الكرامة الإنسانية كمبدأ توجيهي، وضمان أن تكون أماكن الاحتجاز مراكز لإعادة التأهيل وليس للتعذيب والابتزاز، والعمل على إصلاحات أساسية لمؤسسات العدالة.
وأكدت سوزان جبّور أنّ الفساد والتعذيب هما الكفاح المشترك في سبيل وقف الواقع الدراماتيكي الذي يهدد المجتمع اللبناني بأسره، داعيةً الحكومة والهيئات المعنية والمجتمع المدني إلى التكاتف لكسر هذه الحلقة المفرغة وجعل كرامة الإنسان غير قابلة للتفاوض.