اخبار لبنان

ام تي في

سياسة

سيناريوهات مواجهة الحكومة لتجاوزات "الحزب"

سيناريوهات مواجهة الحكومة لتجاوزات "الحزب"

klyoum.com

في خطوة سياسية لافتة، قام حزب الله بإضاءة صخرة الروشة في بيروت، متجاوزاً قرار رئيس الحكومة نواف سلام الذي كان قد أصدره لإلغاء النشاط. هذه الواقعة تعتبر مؤشراً على عمق الصراع بين مؤسسات الدولة وحزب الله، وتجسيد لتحدّيات الحكومة الحالية في فرض هيبتها وقراراتها على الفضاء العام.

قرار الرئيس نواف سلام بإلغاء النشاط جاء في سياق سعيه لإعادة تأكيد سلطة الدولة على العاصمة، خصوصاً في أماكن رمزية تشهد حساسية عالية، مثل صخرة الروشة. لكن حزب الله، عبر تجاوز القرار، أرسل رسالة واضحة بأن قدرته على التحرّك لا تتوقف عند حدود القرار الحكومي، وأن له من القوة التنظيمية والشعبية ما يسمح له بتحدّي المؤسسات الرسمية.

تجاوز القرار الحكومي يُظهر أن حزب الله يعتبر نفسه طرفاً محورياً في المشهد اللبناني، قادراً على فرض إرادته حتى في الفضاء الرمزي والثقافي، وهو ما يمثل تحدّياً مباشراً لرئيس الحكومة.ردّ فعل رئيس الحكومة نواف سلام لم يتأخّر، حيث اعتبر تجاوز القرار «مسّاً بالسلطة التنفيذية للدولة» وتهديداً لهيبة الحكومة. من منظور سياسي، يمثل موقفه محاولة لإعادة ترسيم حدود القوة بين الدولة والكيانات المسلحة، مؤكداً أن أي تجاوزا للسلطة التنفيذية يجب أن يُواجَه بالوسائل القانونية والسياسية المتاحة.

لكن مواجهة سلام ليست سهلة، فالحكومة اللبنانية تواجه واقعاً سياسياً هشّاً، حيث المؤسسات الرسمية غالباً ما تتقيّد بالاتفاقات الطائفية والتحالفات السياسية، والتي تمنح حزب الله مساحة واسعة من النفوذ غير الرسمي. في هذا السياق، يظهر الحدث كاختبار لقدرة الحكومة على فرض هيبتها، ومدى استعدادها لمواجهة القوى المنظمة التي تتمتع بتأثير شعبي واسع وقدرة على المناورة السياسية.

• الرسائل السياسية الداخلية والخارجيةتجاوز القرار الحكومي يحمل رسائل متعددة: أولها للداخل اللبناني، حيث أن الحزب أراد إرسال إشارة قوية بأن أي محاولة للحدّ من نفوذه، حتى في مجال رمزي وثقافي، ستواجه تحدّياً مباشراً، مؤكداً أنه يمتلك القدرة على فرض إرادته على الأرض. وأيضاً للحكومية، بأن حدود القدرة التنفيذية للحكومة محدودة أمام الكيانات المسلحة، وأن فرض الهيبة لا يمكن أن يكون بالأوامر الرسمية وحدها. وكذلك للخارج بأن حزب الله لاعب محوري في لبنان، قادر على تحدّي الدولة وإرسال رسائل سياسية استراتيجية تتجاوز الحدود المحلية، ما يعكس تأثيره في المعادلات الإقليمية والدولية.لذاك، فإن تجاوز القرار الرسمي يضع الحكومة في موقف صعب، إذ أن الحدث قد يؤدي إلى إعادة ترتيب أولويات الحكومة وسياساتها الداخلية، ويجبرها على التفكير بشكل أكثر استراتيجياً في كيفية مواجهة كسر هيبة الدولة وقراراتها.

هذه الواقعة تخلق مناخاً سياسياً معقّداً، حيث كل خطوة للحكومة أو الحزب تتشابك مع المصالح والتحالفات القائمة، ما يزيد من تعقيد القدرة على فرض أي قرارات صارمة.على المدى الطويل، هذه الواقعة تشير إلى أن الحكومة لن تتمكن من السيطرة على الفضاء العام اللبناني من دون التفاوض المستمر أو الوصول إلى تفاهمات مع القوى المسلحة. إضاءة صخرة الروشة، رغم كونها حدثاً رمزياً، هي اختبار لقدرة الدولة على فرض هيبتها، وتمثل مؤشراً على الصراع الدائم بين القوة الرسمية والقوة الموازية، وهو صراع سيحدّد مستقبل السياسة اللبنانية في السنوات القادمة.تجاوز حزب الله لقرار نواف سلام في قضية إضاءة صخرة الروشة ليس مجرد حادث رمزي، بل مؤشر سياسي واضح على طبيعة الصراع على النفوذ في لبنان. السلطة التنفيذية تواجه تحدّياً مستمراً من كيانات منظمة تمتلك نفوذاً شعبياً وعسكرياً، قادراً على فرض إرادته على الأرض. وفي ظل هذه الديناميكية، يصبح صراع السلطة بين الحكومة وحزب الله اختباراً يومياً لقدرة الدولة على فرض هيبتها، وللحكومة الحالية على مواجهة التجاوزات السياسية من دون أن تُستنزف قوتها أو تُضعف هيبتها أمام الشارع اللبناني والمجتمع الدولي.

وعليه، فإن المراقبين يتوقعون أن تكون إحتمالات المواجهة المفتوحة بين الحكومة ورئيسها نواف سلام، وفقاً لواحدة من هذه السيناريوهات:

التحرك القانوني الرسمي، من إخلال استخدام الحكومة الأدوات القانونية المتاحة، مثل إصدار مراسيم أو استدعاء القضاء الإداري لتأكيد مشروعية قراراتها، بما فيها منع أي نشاط موازٍ في الفضاء العام، مما يعزز صورة الدولة كمؤسسة قانونية قادرة على فرض القرارات، وبالتالي كسب دعم دولي وإقليمي للشرعية الحكومية.- الضغط السياسي والتحالفات الداخلية من خلال بناء تحالفات سياسية داخل البرلمان والحكومة لدعم قرارات الدولة، على أن تكون هذه التحالفات أداة ضغط لمواجهة الحزب من الند الى الند.- التصعيد المحدود على الأرض، عبر زيادة وجود الأجهزة الأمنية أو الجيش في المواقع الرمزية، لمنع أي نشاط موازٍ بالقوة، مع مراعاة عدم الدخول في مواجهات مفتوحة، مما سيفرض حدوداً واضحة على الأنشطة التي تتجاوز قرارات الدولة، إضافة إلى اختبار قدرة الدولة على التنفيذ وتطبيق القانون فعلياً.لكن هذا الخيار قد ينطوي على احتمال الاحتكاك المباشر مع الحزب، ما قد يؤدي إلى توترات سياسية وأمنية، وكذلك تحريك الشارع لصالح الحزب إذا تم تصوير هذا التحرك كاستهداف لقوة شعبية.ولا يستبعد المراقبون أن تختار الحكومة دمج أكثر من مسار لضمان فعالية مواجهة تجاوزات الحزب، مثل البدء بالتحرك القانوني لإثبات الشرعية، مع دعم الإعلام الرسمي لتوضيح الموقف. وفتح قنوات تفاوضية مع أطراف محسوبة على الحزب لتجنّب الاحتكاك المباشر، مع الاحتفاظ بالتصعيد المحدود على الأرض كخيار أخير إذا تجاوز الحزب كل الخطوط.

تجاوز حزب الله للقرار الحكومي لا يُعد مجرد رسالة رمزية، بل اختبار مباشر لقدرة الدولة على فرض سلطتها. وفي قلب هذا الصراع، يؤكد نواف سلام موقفه الحازم بأن السلطة التنفيذية خط أحمر، وأن أي تحدٍّ لها سيُواجَه بكل الوسائل القانونية والسياسية الممكنة. تبقى المرحلة المقبلة مفصلية، إذ تحدد قدرة الحكومة على إعادة ترسيم حدود القوة بين الدولة والكيانات الموازية، وسط لعبة نفوذ تتشابك بين الشارع اللبناني والمشهد الإقليمي والدولي.

*المصدر: ام تي في | mtv.com.lb
اخبار لبنان على مدار الساعة