اخبار لبنان

جريدة اللواء

سياسة

المفتي دريان للشرع: الأمل فيكم والتفهُّم أن تستجدَّ علاقاتٌ بين البلدين الشّقيقين من نوع جديد يقوم على الشراكة والتكامل

المفتي دريان للشرع: الأمل فيكم والتفهُّم أن تستجدَّ علاقاتٌ بين البلدين الشّقيقين من نوع جديد يقوم على الشراكة والتكامل

klyoum.com

زار مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان سوريا على رأس وفد ضم مفتي طرابلس الشيخ محمد طارق إمام، رئيس المحاكم الشرعية السنية في لبنان الشيخ محمد عساف، أمين الفتوى في الجمهورية اللبنانية الشيخ أمين الكردي، مفتي زحلة والبقاع الشيخ علي الغزاوي، مفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان، مفتي بعلبك والهرمل الشيخ أيمن زيد الرفاعي، مفتي راشيا الشيخ وفيق حجازي، مفتي عكار الشيخ زيد محمد بكار زكريا، مفتي حاصبيا ومرجعيون الشيخ حسن دلي، مفتي صور الشيخ مدرار حبال، أمين الفتوى في طرابلس الشيخ بلال بارودي، ومسؤول العلاقات العامة والإعلام في دار الفتوى خلدون قواص.

واستهلت الزيارة بأداء الصلاة في جامع بني أمية الكبير في دمشق المعروف بالمسجد الأموي «الذي يُعتبر رمزاً إسلامياً شامخاً وجوهرة تاريخية تحمل إرثاً عربياً أصيلاً مشرقاً من تاريخ المنطقة».

ورحبت رابطة مؤذني الجامع الأموي الكبير بأنشودة دينية. وجال المفتي دريان والوفد في المسجد الذي يعد رابع أشهر المساجد الإسلامية، ومعلماً أثرياً. ثم قبل الوفد الأثر النبوي الشريف وقرأ سورة الفاتحة على مقام النبي يحيى ومشهد الإمام الحسين بن علي وضريح صلاح الدين الأيوبي.

وزار المفتي دريان والوفد الرسمي وزير الأوقاف السوري الشيخ الدكتور محمد أبو الخير شكري في مكتبه بالوزارة، بحضور مفتي دمشق الشيخ الدكتور عبد الفتاح البزم وأعضاء مجلس الإفتاء العام في سوريا وكبار العلماء في سوريا، وتم التأكيد خلال اللقاء على أهمية التشاور والتعاون والتنسيق بين العلماء السوريين واللبنانيين للقيام بدورهم الفاعل في تأصيل الهوية، وجرى التداول في الشؤون الإسلامية والوطنية والمصلحة العربية المشتركة، وشدد المفتي دريان على أهمية الدور الإسلامي في لبنان من خلال دار الفتوى بنشر الفكر الإسلامي الوسطي الذي يحترم الآخر ويقدر الخصوصيات وتعزيز ثقافة المواطنة والعيش المشترك بين شرائح المجتمع خاصة في الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة العربية.

وقدم دريان للوزير أبو الخير شكري درع دار الفتوى عربون محبة وتقدير.

ودعا المفتي دريان الوزير شكري إلى زيارة لبنان. وزار جبل قاسيون.

وتوجِّت زيارة المفتي دريان والوفد الرسمي الى دمشق بزيارة الرئيس السوري أحمد الشرع في قصر الشعب، وقال المفتي دريان: «أتينا إلى زيارتكم اليوم يا سيادة الرئيس للتّهْنئة، بعد طول غيابٍ وغربة. لقد غيّبونا كما غيّبوا وغرّبوا عشرة ملايين من الشّعب السّوريّ، وعندما نأْتي إليكم اليوم، لكي نتشارك في إصلاح الحاضر، وصنع المستقبل الزّاهر. سوريا العربية الشقيقة الحبيبة، مقبلةٌ على انْتخاباتٍ حرّةٍ بقيادتكم، افتقدتْها لأكْثر منْ ستّين عاماً. فأمل الحاضر اسْتعادة معنى الدّولة وممارساتها. أمّا أمل المستقْبل القريب، فأنْ تعود سوريا القوية قبلةً للعرب، وركْناً في النّهْضة الجديدة، التي تبْزغ أنوارها متغلّبةً على كلّ العوائق والعقبات. أرادوا بالمذابح والتّهْجير كسْر إرادة الشّعب السّوريّ، فصمدْتم، وقاومْتم، وانْتصرْتمْ بالشّجاعة والمسؤوليّة، وها أنْتمْ تنْصرفون لصنْع الجديد والمتقدّم لدمشق وللشّام وللعرب إنْ شاء االله. نحن نقدّر بإقْدامكم على إزالة المشكلات التي تفكّكونها بالصّبر والحكْمة، ونحن نعلم أنّ الطّريق شاقٌّ وعسير، لكثْرة ما زرعوا فيه منْ ألْغام، وما اصْطنعوا منْ سجونٍ قاتمة، وأنتجوا منْ مخدّراتٍ ومقابر جماعيّة. ثمّ إنّ هذا التّآمر لمْ يتوقّفْ بسقوطهم، وأكبر دليلٍ على ذلك، تفْجير الكنيسة بدمشْق».

اضاف: «السّوريّ لن يغْلبه التّطرّف، ولنْ يفتّ منْ عضده الإرهاب. كنّا في لبنان - ونحن مبْتلون بالطّائفيّة والعصبيّات - نضرب المثل بتماسك الشّعب السّوريّ، وّأّجوّاء الشّام الرّحْبة، وها أنْتم تستعيدون هذا الميراث العريق للمدنيّة العربيّة، والحضارة الإسلاميّة، لتعود سوريا مثلاً وقدوةً، وحاضنةً وحاميةً لمعاني النّبْل والمروءة، والوطنيّة والخير العامّ. رغم كوارث التّهجير، فإنّ السوريّين الذين انْتشروا في جهات الأرض، صنعوا إضافاتٍ في كلّ البلدان التي حلّوا فيها، شواهد على الألْفة والإبْداع، وصنع البناء الحضريّ والحضاريّ، وما دام الاسْتقرار قد توافر لهمْ في عهْدكمْ، فنحن واثقون أنّهمْ سيتمكّنون في فترةٍ قصيرةٍ إنْ شاء االله، منْ إعادة إعمار بلادهمْ وإعزازها. أتينا إليكمْ كما يأْتي الشّقيق إلى شقيقه، فالدّم لا يصير ماءً على طول المدّة، وقدْ جاء في الأثر : (زرْ غبّاً تزْددْ حبّاً). لنْ نغيب بعد الآن مهما كانت الصّعوبات، وسنقْصدكمْ في كلّ ملمّةٍ بلْ وفرحة، شأْن الشّقيق مع شقيقه».

واضاف: «في بلدنا لبنان اليوم عهدٌ جديد، وحكومةٌ واعدة، آمال اللبنانيّين معلّقةٌ على ما احْتواه البيان الوزاريّ، والقسم الرّئاسيّ، اللذان هما بداية الطّريق لإعادة بناء الدّولة القويّة والعادلة، السّاعية لخدْمة اللبنانيّين جميعاً، ونهوض لبنان لا يقوم إلا بجهود خيرة أبنائه المخلصين بجناحيْه المقيم والمغْترب، ووقوف أشقّائه العرب وأصدقائه إلى جانبه، ولا خلاص له إلا بالتّعاون الصّادق والبنّاء مع عمْقه العربيّ، الذي هو الضّمانة لأمْن لبنان واسْتقْراره وسيادته، ووحْدته الوطنيّة، وعروبته الحضاريّة، المؤْمنة الْتزاماً بوثيقة اتّفاق الطّائف، الذي رعتْه الْممْلكة العربيّة السّعوديّة، وما زالتْ تواكب لبنان وشعْبه ومؤسّساته بعنايةٍ مخْلصة، انطلاقاً منْ حرْصها على كلّ القضايا العربيّة والإسْلاميّة العادلة. لقد عانينا كما عانيتمْ، وبخاصّةٍ في بيروت وشماليّ لبنان، فالْأمل فيكم، وأنْتمْ معْروفون بالحكْمة والصّبْر والْحزْم، لما فيه مصلحة سوريا وكلّ القضايا العربيّة والإسْلاميّة، والتّفهّم أنْ تسْتجدّ علاقاتٌ بين البلدين الشّقيقين منْ نوعٍ جديد، يقوم على الشّراكة والتّكامل، وعلى مواجهة الأعْباء، وصنْع الصّداقات معاً، وتوطيد العلاقات الأخويّة. في هذه الشّهور القليلة، اسْتطعْتمْ أنْ تضعوا سوريا في مواقع من العرب والدّوليّين، ما عرفتْها أبداً في ظلّ النّظام السّابق. والشّعْبان في سوريا ولبنان مبْدعان ومسالمان، والأمل أنْ نسْتقرّ معاً، وأنْ نبْني معاً، وأنْ ننْسى معاً آلام الماضي الحافل بالاسْتيلاء والْفزع والتّوجّس. لنا - لبنانيّين وعرباً آخرين - آمالٌ كبارٌ بالشّام. آمال الاسْتقْرار والتّنْمية، والإعْمار والعمْران، والإسْهام في مستقْبل العرب. وآمال الحكْم العادل والرّحْب، وآمال العلاقة الأخويّة مع لبنان، بدون حساسيّاتٍ ولا مشْكلاتٍ تصنعها في الغالب الأطراف التي لا تريد الخير للْبلدين. الشّام مليئةٌ بالرّموز التي لا تنْسى. اسْتعدْنا دمشْق التي تربّى فيها كبارنا، ويتوق إلى نفحاتها شبابنا. الزّمان يتغيّر، لكنّ النّفوس لا تتغيّر. لقدْ ضيّعوا علينا الكثير منْ وهْج الشّام وعزّها.

وختم دريان: «بقيادتكم الشّرْعيّة، لنْ نسْمح بأيّ فواتٍ في الحاضر والمسْتقْبل، نحن نتحدّث معكمْ بالقلْب والعقْل. دمْتمْ على هذه السّيرة والمسيرة. وأنا وزملائي العلماء، نسْأل االله لسوريا ولكم الأمْن والأمان، والتّوفيق لأداء الأمانة التي يقْتضيها ديننا، وتقْتضيها عروبتنا لبلْداننا وأمّتنا، إنّه سميعٌ مجيب».

ومنح المفتي دريان الرئيس الشرع وسام دار الفتوى المذهَّب لمواقفه الإسلامية والعربية ولجهوده وعطاءاته وتضحياته في خدمة سوريا.

اشارة الى ان زيارة المفتي دريان الى دمشق هي الأولى منذ توليه سدة الإفتاء منذ العام 2014، ومنح وسام دار الفتوى المذهَّب الأول كان لرئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في رمضان، واليوم الوسام الثاني لرئيس الجمهورية العربية السورية أحمد الشرع.

*المصدر: جريدة اللواء | aliwaa.com.lb
اخبار لبنان على مدار الساعة