اخبار لبنان

الصدارة نيوز

سياسة

قطر.. ريادة الوساطة الدولية بين الدبلوماسية الفاعلة والاستهداف الإسرائيلي

قطر.. ريادة الوساطة الدولية بين الدبلوماسية الفاعلة والاستهداف الإسرائيلي

klyoum.com

كتب حامد الدقدوقي في موقع الصدارة نيوز…

تقوم السياسة الخارجية لدولة قطر على مبدأ توطيد السلم والأمن الدوليين عبر تشجيع حلّ النزاعات الدولية بالطرق السلمية، انسجاماً مع المادة السابعة من الدستور القطري التي تؤكد على دور الدولة في تسوية النزاعات إقليمياً ودولياً بالوساطة والحوار. ويتطلب ذلك الحفاظ على علاقات متوازنة مع جميع الأطراف، ودعم حق الشعوب في تقرير مصيرها، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، إضافة إلى التعاون مع الدول المحبة للسلام.

هذه المبادئ لم تبقَ مجرد نصوص دستورية، بل تحوّلت إلى نهج عملي اتبعته القيادة القطرية منذ عقود، سخّرت خلاله قدراتها وإمكاناتها لبناء شبكة علاقات دبلوماسية قوية مع معظم دول القرار حول العالم، مما جعلها لاعباً رئيسياً وموثوقاً في مجال الوساطة الدولية وحل النزاعات، مقدّمة الحلول السلمية وفتح قنوات التواصل بين مختلف الأطراف المتنازعة.

بالإنجازات لا بالشعارات

عام 2004: نجحت قطر في إطلاق سراح 100 أسير مغربي لدى جبهة البوليساريو في مخيمات تندوف بالجزائر، وإعادتهم إلى المغرب.

عام 2008: استضافت الدوحة مؤتمر الحوار الوطني اللبناني بحضور جميع القوى السياسية وبرعاية مباشرة من أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، ما أثمر توقيع اتفاق سياسي تاريخي أنهى أزمة داخلية استمرت 18 شهراً، وحمى لبنان من الانزلاق إلى حرب أهلية جديدة بعد أحداث 7 أيار الدامية. من أبرز نتائجه: تعهّد الأطراف بعدم اللجوء إلى السلاح أو العنف لفرض المواقف السياسية، وتكريس اتفاق الطائف كأساس للنظام السياسي اللبناني، وضمان سلطة الدولة على كامل الأراضي.

عام 2009: نجحت قطر بالتعاون مع ليبيا في التوفيق بين السودان وتشاد عبر اتفاق أوقف العداءات وأعاد العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

عام 2010: أشرفت قطر على إبرام اتفاق سلام بين إريتريا وجيبوتي حول منطقة دميرة الحدودية، وهو ما اعتُبر إنجازاً بارزاً، إذ نجحت الدوحة في تجميد النزاع لسبع سنوات مقارنة بفشل محاولات دولية سابقة. كما تُسجَّل لقطر الريادة كونها أول قوة عربية لحفظ السلام تنتشر فعلياً بين بلدين أفريقيين متنازعين.

عام 2020: في 29 شباط، رعت الدوحة اتفاق السلام الأفغاني بين الولايات المتحدة وحركة طالبان، ما مهّد لانسحاب القوات الأميركية بعد 20 عاماً من الحرب.

هذه المحطات ليست سوى غيض من فيض، فالسجل القطري زاخر بعشرات الاتفاقيات والوساطات التي ساهمت في تهدئة النزاعات وفتح آفاق جديدة للحوار.

الاستهداف والموقف العربي

أكد الباحث والمحلل السياسي طارق أبو زينب في حديث لموقع الصدارة نيوز أن "العدوان على قطر شكّل سابقة خطيرة، لأنه استهدف دولة محورية في الوساطة ومركزاً رئيسياً للتحرك الدبلوماسي في المنطقة. فهذا الاعتداء لا يقتصر على خرق سيادة دولة مستقلة، بل يضرب في عمق مسار عملية السلام ويقوّض الثقة بالجهود الدولية والإقليمية لإيجاد حلول سياسية".

واعتبر أن "استهداف الدوحة يُظهر أن الاحتلال الإسرائيلي يسعى إلى توسيع دائرة الصراع بدل احتوائه، وأنه لا يتردد في تهديد استقرار دول الخليج التي لطالما لعبت دوراً متقدماً في دعم الحوار والتسويات".

وأشار أبو زينب إلى أن "الموقف العربي في هذا السياق كان إيجابياً ومعبّراً، فقد بادرت دول عربية وإسلامية إلى التنديد القوي، وأظهرت تضامناً واضحاً مع قطر، معتبرة أنّ المساس بها هو مساس بالأمن القومي العربي ككل". وأضاف أن "هذا التكاتف، وإن كان ما زال في إطاره السياسي والدبلوماسي، إلا أنه يحمل أهمية كبيرة في توجيه رسالة موحّدة مفادها أن العرب لن يقبلوا استفراد أي دولة منهم، وأن وحدة الصف تمثل عنصر قوة أساسياً في مواجهة أي عدوان. إنّ أهمية هذه المواقف تكمن في إعادة الاعتبار لفكرة التضامن العربي، وفتح الباب أمام خطوات أكثر فاعلية في المستقبل إذا استمرت الاعتداءات".

الضمانة الحقيقية

أما عن الضمانة لعدم الاعتداء على أي دولة خليجية أخرى، فقال أبو زينب: "لا يمكن الركون فقط إلى المواقف الدولية، خصوصاً في ظل الغطاء الأميركي المستمر لإسرائيل"، مؤكداً أن "الضمانة الحقيقية تتجسّد في تعاظم التلاحم والتعاون بين الدول الخليجية والعربية، وتعزيز شراكاتها الاستراتيجية مع قوى مؤثرة عالمياً، إلى جانب الاستثمار في التضامن العربي والإسلامي كحائط ردع سياسي ومعنوي. فحين تدرك أي قوة معتدية أن استهداف دولة خليجية سيُواجَه بموقف عربي جماعي وبخسائر سياسية واقتصادية على الساحة الدولية، فإنها ستعيد حساباتها قبل الإقدام على أي عمل عدواني جديد".

الخلاصة

ما حدث يوم الثلاثاء 9/9/2025 لا يمثل مجرد اعتداء إسرائيلي على دولة عربية، ولا كما زعم رئيس وزراء العدو بأنه استهداف لقادة حركة حماس، بل هو محاولة اغتيال لعملية السلام نفسها عبر ضرب دولة لعبت دور الريادة الدبلوماسية والوساطة السلمية. إنه اعتداء مباشر على أمن الدول العربية كافة، وانتهاك صارخ للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة. ومواجهته لا تكون بالبيانات والاستنكارات، بل بخطوات عملية، أقلها قطع العلاقات السياسية والاقتصادية مع العدو وتعليق أي حديث عن مبادرات سلام مزعومة.

*المصدر: الصدارة نيوز | alsadaranews.com
اخبار لبنان على مدار الساعة

حقوق التأليف والنشر © 2025 موقع كل يوم

عنوان: Armenia, 8041, Yerevan
Nor Nork 3st Micro-District,

هاتف:

البريد الإلكتروني: admin@klyoum.com