اخبار لبنان

المرده

سياسة

افتتاحية "الديار": رسالة صندوق النقد الأخيرة… ضغط سياسي أم اقتصادي؟

افتتاحية "الديار": رسالة صندوق النقد الأخيرة… ضغط سياسي أم اقتصادي؟

klyoum.com

يشهد لبنان منذ ثورة 17 تشرين أزمة مركبة، تتداخل فيها الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ما جعله نموذجا بارزا على هشاشة الدولة في المنطقة، حيث تؤدي الضغوط الخارجية، دورا محوريا في تشكيل مسار الأزمة اللبنانية، لا سيما الضغط السياسي الأميركي، الذي يركز على تقليص النفوذ الإيراني في لبنان، والضغط الاقتصادي الممارَس من خلال المؤسسات الدولية، وعلى رأسها صندوق النقد الدولي، الذي يسعى لفرض إصلاحات مالية وهيكلية.

من هنا، أتت زيارة وفد صندوق النقد الدولي الأخيرة إلى بيروت في توقيت حرج، حيث تتصاعد التحركات الأميركية والدولية، لمحاولة إعادة ضبط المشهد اللبناني على كافة المستويات.

فبينما يواصل البيت الأبيض استخدام أدوات سياسية للضغط على السلطة السياسية، يمارس صندوق النقد ضغطا تقنيا واقتصاديا على الحكومة، بهدف إجبارها على تبني إصلاحات مالية صارمة، من شأنها أن تُحدث تغييرات جوهرية في طريقة إدارة الدولة.

ضغوط تتداخل وتتشابك في مشهد واحد معقد، يضع لبنان أمام خيارين: إما الاستجابة وإعادة هيكلة اقتصاده وإصلاح نظامه السياسي، أو الاستمرار في حالة الانهيار التي تهدد ليس فقط استقراره الداخلي، بل أيضاً استقرار المنطقة ككل.

من هنا، ترى مصادر متابعة ان الضغط الأميركي لم يعد يقتصر على البعد العسكري أو الأمني المتعلق بحصر السلاح المتعثر، بل توسّع ليشمل سلاح الاقتصاد الفعّال، في بلد يعتمد على التمويل الخارجي والتحويلات والدعم الدولي، للخروج من محنته

في هذا الاطار، أتت زيارة وفد صندوق النقد الاخيرة إلى بيروت، التي لم تكن تقنية بحتة، بحسب المصادر، انما جزءا من عملية ضغط دولي واسعة، تُمارَس على الدولة اللبنانية لإجبارها على السير ضمن مسار إصلاحي مشروط سياسيا بقدر ما هو اقتصادي.

وتشير المصادر الى ان مطالب صندوق النقد لجهة: ضبط الإنفاق العام، توحيد أسعار الصرف، إعادة هيكلة القطاع المصرفي وشفافية مالية. لكن هذه المطالب، وإن بدت تقنية، تحمل في طيّاتها أبعادا سياسية حساسة، أبرزها:

– تفكيك منظومة الاقتصاد السياسي الطائفي، التي تحصّن مراكز القوى وتُموّل شبكات الزبائنية.

– ضرب بيئة الفساد التي تستفيد منها شبكات الجريمة المنظمة الاقليمية والدولية.

– إعادة بناء الدولة المركزية القادرة، حيث الضغط الاقتصادي ليس محايدا، بقدر ما هو جزء من استراتيجية أميركية أشمل، تهدف إلى تقليص النفوذ الإيراني في لبنان من بوابة الاقتصاد.

وتتابع المصادر بان البيان الذي صدر عن الصندوق بعيد مغادرة وفده لبيروت، سيترك حكما آثاره على الواقع اللبناني، فهو شكل ورقة ضغط لاجبار الحكومة على اعادة النظر بكل الخطوات الاصلاحية التي قامت بها، من قانون اعادة هيكلة المصارف الى الموازنة العامة، قبل موعد اجتماعات الخريف في واشنطن من جهة، فضلا عن انه عرقل أي مساعدات او قروض متوقعة من المؤتمرات الدولية، التي يحكى عن اقامتها.

وتختم المصادر، بالتأكيد ان ربط المساعدات الدولية بالمواقف السياسية، حيث ترفض الدول الغربية دعم حكومة لبنانية لا تنفذ الإصلاحات السياسية والاقتصادية المطلوبة، وعرقلة مؤتمرات الدعم، حتى المرتبطة بدعم الجيش، حيث تبين ان اي تاريخ لم يحدد بعد، مقابل ظهور صندوق النقد كأداة "نظامية" أو "شرعية" للضغط، تُغلّف المطالب السياسية بغلاف اقتصادي، ما يمنح واشنطن الشرعية الدولية لتطبيق مشروعها.

في الخلاصة، شكل بيان صندوق النقد مؤشرا سياسيا واقتصاديا، لا فقط مجرد تقييم مالي، حول مدى جدية السلطة اللبنانية، حيث الاستجابة لملاحظاته تشكل بابا ضروريا ومكملا للوصول الى اتفاق نهائي، مع ما يعنيه ذلك من انتقال البلاد الى مرحلة سياسية واقتصادية جديدة، والا فان استمرار الانهيار الاقتصادي الداخلي وبقاء العزلة الدولية، امران حتميان.

*المصدر: المرده | elmarada.org
اخبار لبنان على مدار الساعة

حقوق التأليف والنشر © 2025 موقع كل يوم

عنوان: Armenia, 8041, Yerevan
Nor Nork 3st Micro-District,

هاتف:

البريد الإلكتروني: admin@klyoum.com