اخبار لبنان

أي أم ليبانون

سياسة

المولدات تخنق اللّبنانيين بهوائهم والسواحل الأكثر تأثراً بالتلوث

المولدات تخنق اللّبنانيين بهوائهم والسواحل الأكثر تأثراً بالتلوث

klyoum.com

كتبت غاييل بطيش في "نداء الوطن":

في سماء لبنان التي كانت يوماً مرآة صافية تعكس جمال الطبيعة وتنوّعها، بدأ الغبار يخفي الزرقة، وراحت أنفاس الناس تختنق شيئاً فشيئاً تحت وطأة تلوث يتفاقم بصمت.

تلوث الهواء لم يعد مجرّد ظاهرة بيئية عابرة، بل صار أزمة صحية وإنسانية تمس حياة كل فرد، من بيروت إلى القرى النائية.

وفي ظل غياب السياسات البيئية الفاعلة، وازدياد مصادر التلوث من مولدات كهربائية، وازدحام مروري خانق، ومكبات نفايات مفتوحة، يواجه اللبنانيون اليوم خطراً غير مرئي، ولكنه قاتل.

فهل يمكن كسر هذا الصمت قبل أن يصبح الهواء نفسه مصدراً دائماً للألم؟

وفي حديث لـ "نداء الوطن"، أشار الخبير في تلوث الهواء ومدير قسم الكيمياء في جامعة القديس يوسف الدكتور شربل عفيف إلى أن آخر الدراسات المتعلقة بتلوث الهواء أُجريت قبل الأزمة، فيما لا تزال دراسات جديدة قيد الإعداد، ولكنها لم تصدر بعد. وبيّن أن التلوث القادم من خارج لبنان يشكل نسبة تتراوح بين 35 و50 % من إجمالي التلوث، وهذه النسبة تختلف بحسب المناطق. كما أوضح أن هذا التلوث الخارجي يمكن أن يظهر على مدار السنة، وليس في فترة محددة.

وأضاف أن الرياح التي تأتي من جهة تركيا، خصوصاً من فصل الربيع حتى أوائل الخريف، تعبر فوق البحر وتحمل معها ملوّثات إلى لبنان مصدرها معامل الكهرباء التركية، وإن كانت بكميات أقل.

أما من ناحية لبنان، فذكر أن هناك عدة مصادر داخلية للتلوث، أبرزها قطاع الطاقة، وخصوصاً معامل كهرباء لبنان والمولدات.

وأشار عفيف إلى أن المولدات الخاصة تُعتبر من أهم مصادر التلوث خلال السنوات الأخيرة، خصوصاً بعد تراجع التغذية بالكهرباء الرسمية، ما أدى إلى الاعتماد المكثّف على هذه المولدات المنتشرة بين المنازل، وهو ما يزيد من خطورتها بسبب الانبعاثات التي تنتجها في مناطق مأهولة.

ولفت إلى أن انبعاثات السيارات لا تزال من المشكلات المزمنة في لبنان، حيث لم تُعالج الأسباب الجذرية التي تؤدي إلى ارتفاع عدد السيارات على الطرقات، وبالتالي استمرار تلوث الهواء الناتج عنها.

وبالنسبة للمناطق الأكثر تلوثاً، فهي بشكل عام المناطق الساحلية، وهي نفسها التي تتأثر أيضاً بالتلوث القادم من خارج لبنان. وتشمل هذه المناطق الساحل من بيروت إلى جونيه، ومنطقة الزوق، بالإضافة إلى مناطق في الشمال مثل طرابلس، الكورة، شكا، وكذلك زحلة.

وفي ما يخص التقنيات المتاحة لتخفيف تلوث الهواء، شدد عفيف على ضرورة معالجة مصادر التلوث نفسها. وأوضح أن الحل الأمثل لقطاع الطاقة هو إنشاء معامل لتوليد الطاقة بطريقة نظيفة، بالإضافة إلى التحول نحو الطاقة البديلة. وأكد الخبير أهمية تطبيق القرارات التي أصدرتها وزارة البيئة بين عامي 2022 و2024، والتي تفرض شروطاً على المولدات تشمل ارتفاع مداخن العوادم وتركيب فلاتر خاصة.

أما في ما يتعلق بقطاع النقل، فرأى أن تحسين نوعية البنزين قد يساعد جزئياً، ولكنه ليس حلاً جذرياً. والمطلوب هو خفض عدد السيارات على الطرقات.

وختم الأخير بالتأكيد على دور المجتمع المدني في التصدي لهذه المشكلة، مشيراً إلى أن تلوث الهواء ليس مشكلة منعزلة، بل هو نتيجة لممارسات خاطئة في عدة قطاعات. لذا، فإن على الجامعات أن تكثف الأبحاث، وعلى الجمعيات المدنية أن تنشر الوعي حول البيئة والصحة، فيما يجب على الأفراد أن يبادروا بتصرفات مسؤولة، وعلى البلديات، التي منحها القانون صلاحيات مهمة، أن تفعّل دورها في التنفيذ والمراقبة.

*المصدر: أي أم ليبانون | imlebanon.org
اخبار لبنان على مدار الساعة