خاص الهديل: سوريا بين فكي أنقرة وتل أبيب.. مواجهة مؤجلة أم تهدئة محسوبة؟
klyoum.com
أخر اخبار لبنان:
بيان من السفارة الهندية في بيروت.. هذا ما جاء فيهخاص الهديل…
قهرمان مصطفى…
رغم التوترات والتعارض العميق في المصالح، تراجعت جزئياً احتمالات التصعيد بين تركيا وإسرائيل في سوريا، بعدما اجتمع ممثلو البلدين أمنياً للمرة الأولى في أذربيجان، وعليه فن هذا اللقاء لا يعكس تقارباً، بل إنما محاولة اضطرارية لتفادي انفجار عسكري لا يريده الطرفان.
والواقع أن الحالة الجيوسياسي السورية الجديدة فرضت على أنقرة وتل أبيب أن يقفا وجهاً لوجه؛ فبالنسبة لتركيا، أي احتكاك مباشر ستكون كلفته باهظة، بينما تحاول إسرائيل عبر تصعيدها تقويض الاستقرار وإفشال المسار السوري الجديد الذي تدعمه أنقرة.
وبالتالي فإن القيادة التركية، برئاسة أردوغان، تعتمد تكتيك التهدئة الذكية مقابل اندفاعة نتنياهو التي تُراهن على خلق فوضى محسوبة. تركيا من جهتها تتعامل ببراغماتية، فهي لا تريد خسارة نفوذها في سوريا ولا التصادم مع الأميركيين، خاصةً بعد أن أوصلت رسائلها لترامب الذي بدوره وجّه توبيخاً غير مباشر لإسرائيل.
تركيا من جانبها تُدير معركتها على جبهتين: منع تقسيم سوريا أو إنشاء أي كيان كردي شمالها، وفي الوقت نفسه تحييد إسرائيل دبلوماسياً، باعتبار أن المواجهة معها تخدم أطرافاً أخرى، ولا تصب في مصلحة الأمن الإقليمي أو مصالح أنقرة.
ومن هنا يمكن القول إن الصراع التركي الإسرائيلي في سوريا ليس تنافساً عابراً، بل صدام مصالح عميق نشأ من تحولات إقليمية كبرى، وانكشف مع تغيّر موقع سوريا في المعادلة؛ فمع تراجع الدور الإيراني بعد 7 أكتوبر، تصاعدت أهمية سوريا كمنصة نفوذ إقليمي، وهنا تبرز تركيا كفاعل أساسي، مقابل إسرائيل التي تجد نفسها معزولة استراتيجياً في هذا الملف.
الهدوء القائم بين أنقرة وتل أبيب هش، لكنه يعكس واقعية سياسية: لا تركيا قادرة على الدخول في مواجهة مباشرة، ولا إسرائيل تملك رفاهية فتح جبهة جديدة. المرحلة المقبلة ستكون اختباراً لقدرة الدبلوماسية على كبح التصعيد في واحدة من أكثر الساحات سخونة.