اخبار لبنان

نداء الوطن

سياسة

هل «تبخرت أجواء الدراسة»؟ طلاب تأثروا بالحرب وأساتذة يتمسّكون بالامتحانات

هل «تبخرت أجواء الدراسة»؟ طلاب تأثروا بالحرب وأساتذة يتمسّكون بالامتحانات

klyoum.com

في ظل أصداء الانفجارات التي هزت أركان الوطن وتداعيات الأزمات المتلاحقة التي عصفت بلبنان، يقف جيل من الطلاب على مفترق طرق، مثقلًا بآثار الحرب التي لم ترحم طفولتهم وشبابهم. فبين نزوح قسري، وفقد للأحبة، وصدمات نفسية عميقة، يجد هؤلاء الطلاب أنفسهم أمام تحدٍ مضاعف: مواجهة شبح الامتحانات الرسمية التي باتت تهدد مستقبلهم، في ظل ظروف استثنائية تجعل الاستعداد لها ضرباً من المستحيل. وفي خضم هذه المعاناة، يبرز رأي آخر داخل القطاع التعليمي، حيث يرى بعض الأساتذة في التعليم الرسمي والخاص ضرورة إجراء هذه الامتحانات في موعدها المحدد، انطلاقاً من إيمانهم بأهمية الحفاظ على المسار التعليمي وعدم تأجيل استحقاق يعتبرونه مفصلياً في حياة الطلاب.

في هذا السياق، يروي محمد حسن، ذو الثمانية عشر عاماً، وهو من سكان بلدة حارة حريك وعلى أعتاب امتحانات الشهادة الثانوية، أنه كان يحلم بدراسة الهندسة المعمارية في الجامعة، وقد أمضى ساعات طويلة يطالع كتبه ويحل التمارين ويقول: «فجأة، تغير كل شيء. تصاعدت حدة التوترات في المنطقة».

أضاف: «في البداية كنا نظن أنها مجرد اغتيالات، اعتدنا على هذا بين الحين والآخر، لكن الأمور بدأت تتدهور بسرعة. سمعنا عن عائلات نزحت، وشاهدنا سيارات محملة بالأثاث تمر مسرعة عبر البلدة».

لم يمض وقت طويل حتى وصل الأمر إلى عائلة محمد. فصدرت تعليمات بالإخلاء، وكان عليهم ترك منزلهم الذي قضوا فيه سنوات طويلة. «كان الأمر فوضوياً ومخيفاً. لم نتمكن من أخذ الكثير من الأشياء، كل ما فكرنا فيه هو سلامتنا».

ويتابع محمد لـ «نداء الوطن»: «استقرينا موقتًا في منزل أحد الأقارب في منطقة تبعد عن الحدود. لكن الحياة هناك كانت مختلفة تماماً. والدي، الذي كان يعمل في ورشة نجارة، اضطر إلى ترك عمله ومصدر رزقه الوحيد، بالنسبة لي، تبخرت أجواء الدراسة كيف يمكنني أن أركز وأنا أفكر بكل شيء مررنا به ونحن ما زلنا أيضاً في منزل أحد أقربائنا، ومنزلنا بطبيعة الحال سويّ بالأرض».

وقال: «أحاول أن أدرس قليلًا كل يوم، لكنني أشعر بأنني متأخر جداً عن زملائي. مواد دراسية كثيرة تبدو غريبة بالنسبة لي، وكأنني أبدأ من الصفر».

لم تقتصر الصعوبات على الجانب الأكاديمي يتابع محمد: «أفتقد أصدقائي، وأفتقد روتين حياتي، كل شيء تغير فجأة، وأشعر بأن مستقبلي معلق في الهواء».

يختم محمد حديثه: «أريد أن أنجح، هذا حلمي، لكنني ببساطة غير مستعد. الظروف التي مررنا بها لم تترك لي أي فرصة للتحضير بشكل جيد وأتمنى فقط أن يفهم المسؤولون ما مررنا به. هذه ليست مجرد امتحانات، إنها مستقبلنا بأكمله».

في سياق الآراء المتباينة حول مصير الامتحانات الرسمية، يرى الأستاذ ريمون صابر، وهو اسم بارز في قطاع التعليم، أن: «أول ما سيترتب على تأجيل الامتحانات الرسمية هو إحداث بلبلة واضطراب لدى الطلاب». وأضاف: «هناك فئة من التلاميذ استكملت عامها الدراسي بشكل كامل تقريباً ولم ينقصها شيء من المنهج. هؤلاء الطلاب على أتم الاستعداد، وإذا قمنا بتأخير موعد الامتحانات، فسنكون أولاً قد كررنا البرامج الدراسية نفسها، ما سيؤدي حتماً إلى شعورهم بالملل والضجر من هذه البرامج، في المقابل، يبرز تحدٍ آخر يتعلق بالطلاب الذين يحتاجون إلى شهاداتهم الرسمية للالتحاق بمؤسسات تعليمية خارج لبنان. فكيف يمكن التعامل مع هذه الفئة من الطلاب لو تم تأجيل الإمتحانات؟».

وأشار صابر إلى أن أي تأجيل سيأتي «على حساب جوانب أخرى» في العملية التعليمية، مقترحاً في الوقت نفسه حلاً للطلاب المتضررين في مناطق مثل الضاحية والجنوب، قائلًا: «لطالما كانت هناك دورات استثنائية متاحة، مخصصة لهم وهذا الإجراء يمكن أن يكون حلاً مناسباً لطلاب تلك المناطق».

ورأى صابر أن «من الضروري أن تستعيد الامتحانات الرسمية المستوى الذي كانت عليه سابقاً، وذلك لسبب جوهري وهو أن الطالب أصبح يعتقد بأنه قادر على النجاح بمجرد كتابة بضع كلمات في ورقة الامتحان».

ولفت صابر أخيراً الانتباه إلى تأثير ذلك على مكانة الشهادات اللبنانية في الخارج، قائلًا: «بالطبع، هناك العديد من الدول التي تستخف بالطالب القادم من لبنان، فبعد أن كان يُقبل في السابق في صفوف متقدمة، أصبح يُقبل حالياً كطالب مستجد».

*المصدر: نداء الوطن | nidaalwatan.com
اخبار لبنان على مدار الساعة

حقوق التأليف والنشر © 2025 موقع كل يوم

عنوان: Armenia, 8041, Yerevan
Nor Nork 3st Micro-District,

هاتف:

البريد الإلكتروني: admin@klyoum.com