افتتاحية "الديار": الانتخابات النيابية المقبلة ترسم موقع لبنان في التحولات الإقليمية
klyoum.com
المنطقة امام تحولات كبرى، شبيهة بالاجواء التي سادت قبل توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل في كمب دايفيد وزيارة الرئيس المصري الراحل أنور السادات الى اسرائيل، فالضغوط الاميركية والاوروبية والعربية على الرئيس السوري احمد الشرع دفعته الى الموافقة على البدء باتصالات سورية اسرائيلية مباشرة في واشنطن، بعد ان وضع امام خيار واحد «الفوضى او السلام»، وترافق اعلان ترامب عن رفع العقوبات عن سوريا مع عقد اول اجتماع سوري اسرائيلي في واشنطن، وابلغ وزير الخارجية السوري الشيباني الوفد الاسرائيلي بان سوريا لن تحارب اسرائيل واولوياتنا السلام ولن نشكل اي تهديد عليها، هذه الاجواء نقلت الى قيادات درزية في جبل العرب في سوريا وطلب منها تهدئة الاوضاع والاستعداد لمفاوضات مع الدولة السورية، كما نقل اليهم اجواء، عن «بحبوحة» ستعم سوريا وجبل العرب والدروز من خلال المشاريع الكبرى في الجولان بتمويل خليجي وتنفيذ الشركات الاميركية واقامة المنتجعات السياحية الضخمة ومعامل لانتاج الطاقة الكهربائية على الهواء وغيرها من المشاريع العملاقة، واليد العاملة ستكون سورية ولبنانية وفلسطينية، كما نقلت هذه الاجواء الى القيادات الكردية وطلب منها التحضير للمفاوضات مع الشرع، والسؤال، هل تصل الامور الى توقيع اتفاقية سلام بين سوريا واسرائيل لن تكون مع نتنياهو حتما ؟ هل سنرى زيارات متبادلة واستعادة صور المصافحة التاريخية بين السادات وبيغن في دمشق وتل ابيب؟ هذه التطورات المتسارعة في الملف السوري دفعت الموفدة الاميركية الى لبنان اورتاغوس الطلب من المسؤولين اللبنانيين التشبه بخطوات الرئيس السوري احمد الشرع الجريئة والشجاعه، وستشدد على هذه المواقف خلال زيارتها الى لبنان، فيما دعا رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط الى الاستفادة من اجواء الانفتاح مع سوريا، لكنه اصر على ان يكون لبنان اخر المطبعين مع اسرائيل ومراعاة «الجرح الشيعي».
وحسب المتابعين على اجواء التطورات السياسية المتسارعة، الاولوية لسوريا حاليا، والاهتمام العربي والدولي منصب على تثبيت حكم احمد الشرع مع اطلاق يد الرياض، وهنا السؤال الاساسي : كيف ستتعامل أنقرة مع المسار الاميركي الجديد لصالح الرياض، فيما الأرض لها في دمشق من خلال المخابرات التركية التي اخذت في الاسابيع الماضية إجراءات ادت الى سيطرتها على كل المفاصل في عاصمة بني امية من خلال عدد كبير من الضباط الاتراك المتواجدين في فندق «فور سيزن»، والسؤال ايضا، كيف سيتعامل نتنياهو مع التطورات ومحاولات اسقاطه حيث رد باعطاء الاوامر لجيشه بشن اعنف الغارات على غزة وسقوط مئات الشهداء والجرحى والتحضير لاجتياحها مجددا.
ايار 2026 والانتخابات النيابية
اما على الصعيد اللبناني، فبات واضحا لجميع المسؤولين، أنه لا مساعدات للبنان قبل تنفيذ المطلوب منه اميركيا وعربيا لجهة حصر السلاح بيد الدولة وتسليم حزب الله سلاحه شمال الليطاني والبدء بمفاوضات لبنانية اسرائيلية مباشرة، هذا ما عبر عنه الرئيس الاميركي ترامب جهارا، ورمى الكرة في الملعب اللبناني ودعا المسؤولين الى الاستفادة من الظروف الحالية لبناء بلدهم، والفرصة غير مفتوحة ولن تتكرر.
وحسب المتابعين لهذا الملف، فان ما تطلبه الولايات المتحدة من لبنان مستحيل وصعب في ظل رفض اكثرية الشعب اللبناني للتطبيع ومخاطره على الاستقرار اللبناني ومستقبل البلد، ومن هنا، يعالج الرئيس جوزاف عون هذا الملف «بميزان الذهب» وبات في عهدته شخصيا، وهذا ما قاله الرئيس نواف سلام للحاج حسين خليل «ملف السلاح والحوار مع حزب الله بعهدة رئيس الجمهورية وانا للملف الاقتصادي» واختصر اللقاء بموضوع الاعمار واكد سلام «الملف بعهدة الحكومة والاموال من خلال الدولة».
ولذلك تؤكد المصادر، ان الحوار والتواصل اليومي بين رئيس الجمهورية جوزاف عون وقيادة حزب الله قائم عبر احد العمداء في الجيش اللبناني حول كل الملفات، وحزب الله مرتاح لمواقف رئيس الجمهورية المتمسك بالحوار لحل قضية السلاح، ولا يمكن النقاش الجدي بالملف قبل وقف الاعتداءات الاسرائيلية اليومية ومحاولاتها عرقلة عودة الحياة الطبيعية الى قرى الحافة الامامية، بالإضافة إلى سعيها الى اقامة منطقة عازلة بعمق 5 كيلومترات.
الأيام المقبلة صعبة على لبنان والستاتيكو الحالي سيبقى قائما حتى الانتخابات النيابية المقبلة. والسؤال، هل تتمكن واشنطن وحلفاؤها من احداث انقلاب جوهري وجذري خلال الانتخابات النيابية المقبلة في ايار 2026، يأتي باكثرية نيابية لصالح التطبيع مع اسرائيل وانتخاب رئيس جديد للمجلس النيابي موال لموازين القوى الجديدة وهذا يفرض إزاحة الرئيس بري وتقليص الكتلتين الشيعية والجنبلاطية ومعظم النواب الدائرين في فلك الحقبة الماضية، ولذلك ستشهد اجتماعات اللجان المشتركة الاسبوع المقبل التي ستناقش القانون الانتخابي الجديد وتعديلاته تباينات ساخنة وعاصفة، لن تخلو من تدخلات خارجية للتصويت لصالح مشاركة المغتربين في الانتخابات بدلا من تمثيلهم بـ 5 نواب .
الاوضاع الامنية
اشارت معلومات عن توجه لدى القوى الامنية اللبنانية للتشدد في موضوع الاتصالات الهاتفية وعمليات التواصل بين لبنانيين وعرب الـ 48 وتحديدا بين دروز لبنان وفلسطين، والخوف من استغلال الموساد الاسرائيلي للأمر وتجنيد عملاء وشبكات تجسس، واشارت المعلومات عن تساهل حصل في موضوع الاتصالات مؤخرا مما فاقم من حجم المخاطر على البلد عبر المزيد من التدخلات الاسرائيلية المباشرة في الشؤون اللبنانية الداخلية، وعلم ان المساءلة القانونية في هذا الامر تحظى بغطاء مختلف المسؤولين اللبنانيين وتحديدا القيادات الدرزية، علما ان القوانين اللبنانية تمنع اي تواصل بين المواطنين اللبنانيين واي مواطن يقيم في دولة عدوة للبنان، وسيبدأ تطبيق الاجراءات القانونية قريبا.
انتخابات بيروت
تكثفت الاتصالات قبل يوم من الانتخابات البلدية في بيروت بين الاقطاب السياسيين الذين يشكلون لائحة ائتلاف الاحزاب المتناقضة تحت شعار «بيروت بتجمعنا» للحفاظ على المناصفة بين المسيحيين والمسلمين وحض الناخبين على التصويت بقوة للائحة وعدم التشطيب، وحتى الان الصورة ما زالت غير واضحة والمناصفة في خطر وجمهور المستقبل ملتزم بقرار رئيسه سعد الحريري عدم المشاركة، والذين سيشاركون لن يصوتوا لمرشحي القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، فانتخابات طرابلس اثبتت قوة تيار المستقبل في صفوف الطائفة السنية، وانتخابات بيروت لن تخرج عن هذه المعادلة وكل التوقعات تشير الى ضعف المشاركة.
وفي المعلومات، ان الرئيس بري وحزب الله وجنبلاط والقوات اللبنانية والتيار الوطني الحر والشخصيات المسيحية والاحباش ومخزومي والطاشناق والعديد من النواب الحاليين والسابقين سيشاركون بكثافة في الانتخابات والاصرار على عدم تشطيب المسيحيين لتأمين المناصفة، وعلم، ان الاتصالات بين نواب العاصمة لم تنقطع طوال الساعات الماضية لتامين كل مقومات النجاح للائحة الاحزاب.
وفي موازاة مدينة بيروت فان الانظار مصوبة نحو زحلة في ظل معلومات مؤكدة عن فتح خطوط التواصل بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر لاعلان لائحة ائتلافية قبل الاحد لمواجهة اللوائح الآخرى التي تجمعت ضد القوات اللبنانية بعد فشل التحالف بين ال سكاف والقوات التي وضعت كل ثقلها للفوز ببلدية زحلة ويشرف الدكتور سمير جعجع شخصيا على المعركة، علما أن الصوت الشيعي يلعب دورا في حسم نتائج بلدية زحلة . فالصراع في زحلة سياسي بامتياز وعنوانه، من يمسك قرار المدينة؟.