اخبار لبنان

ام تي في

سياسة

أربعة تحدّيات لاجتياز امتحان صندوق النقد

أربعة تحدّيات لاجتياز امتحان صندوق النقد

klyoum.com

يستعدّ فريق من صندوق النقد الدولي لزيارة لبنان يوم الإثنين المقبل لمواصلة المفاوضات حول برنامج الإصلاح الشامل ومواجهة التحدّيات الاقتصادية الكبرى. تأتي هذه الخطوة في ظلّ توقعات بانكماش الاقتصاد اللبناني بنسبة 7.5 % في 2024 بسبب الحرب الإسرائيلية، بعد عام من الانكماش بنسبة بسيطة في 2023. ما هو هدف الزيارة وما جديدها وماذا حقّق لبنان من لائحة الإصلاحات المطلوبة؟

يعتبر صندوق النقد الدولي أن التحدّيات التي تواجهها الحكومة اللبنانية تنقسم إلى أربع نقاط أولًا إعادة الإعمار، ثانيًا، إعداد برنامج إصلاحي شامل، ثالثًا توفير التمويل اللازم للإصلاحات، ورابعًا تقييم وضع المصارف وتحديد حجم الخسائر.

بالنسبة إلى إعادة الإعمار، يرى صندوق النقد الدولي أنه يترتب على لبنان أن يبذل جهدًا دوليًا موحّدًا ودعمًا ميسّرًا من الشركاء الخارجيين. برنامج الإصلاح الشامل، يشمل مزيجًا من السياسات المالية، والإصلاحات الهيكلية، والتمويل الخارجي بهدف حماية المودعين وتحقيق استقرار القطاع المالي. أمّا تمويل الإصلاح، فلن يقتصر على صندوق النقد الدولي، بل يشمل المجتمع الدولي الأوسع، وتحديد حجم التمويل الخارجي وهو جزء من النقاش الجاري.

حول قطاع المصارف والخسائر، يجري تقييم وضع المصارف المحلية لتحديد حجم الخسائر وكيفية توزيعها ضمن برنامج الإصلاح. كلّ ذلك يتمّ في جوّ من التواصل واللقاءات المستمرّة بين الصندوق والدولة اللبنانية لا سيّما وزارتي الاقتصاد والمال تمهيدًا لإقرار برنامج إصلاحيّ رسميًا.

هذا ما أوجزته مديرة إدارة التواصل في صندوق النقد الدولي جولي كوزاك في كلمة لها منذ أيام، مؤكّدة أن فريق الـ «صندوق» منخرط بشكل جدّي جدًا مع السلطات اللبنانية. وجزء من المناقشات - (التي ستتمّ فور زيارة وفد الصندوق في نهاية الشهر برئاسة إرنستو راميريز ريغو)- يتعلّق بالحصول على صورة شاملة عن الوضع، ليس فقط على مستوى الاقتصاد الحقيقي، أي وضع الشركات والمستهلكين، بل أيضًا وبشكل أساسي وضع القطاع المالي. إذًا هذه النقاشات لا تزال جارية، وحلّ هذه القضايا سيكون جزءًا أساسيًا من برنامج الإصلاح الشامل الجاري التباحث بشأنه.

قانون الفجوة المالية كانت تلك وجهة نظر صندوق النقد الدولي في ما يتعلّق بزيارته إلى لبنان ومستوى النقاشات التي وصل إليها، علمًا أن رئيس الوفد ريغو كان أعلن في زيارته الأخيرة أنه يأمل من الحكومة اللبنانية تعديل قانون السرية المصرفية الذي أقرّته الحكومة في نيسان 2025، وإقرار قوانين إعادة هيكلة المصارف وقد أقرّته لجنة المال والموازنة في 28 تمّوز 2025 (لتحديد آلية التعامل مع المصارف المتعثّرة مثل التصفية أو فرض إدارة موقتة أو إعادة رسملتها، فتمّ إنشاء هيئة مصرفية عليا مستقلة لاتخاذ تلك القرارات مع تعزيز دور لجنة الرقابة على المصارف في التدقيق والتوصية بالإجراءات المناسبة)، فضلًا عن إقرار قانون الانتظام المالي أو الفجوة المالية الذي لا يزال قيد شدّ الحبال.

بالنسبة إلى مشروع قانون الفجوة المالية المرتبط به قانون إصلاح المصارف باعتباره الأساس في توزيع المسؤوليات ومسار إعادة الأموال إلى المودعين ولو جزئيًا، وبوسائل مختلفة كأن تكون من خلال أسهم أو سندات... للحسابات الكبيرة، فإن ملامحه بدأت تتظهّر إلى العلن لتدوير زواياه والتوافق حوله، إلّا أن إقراره ليس وشيكًا من مجلس النوّاب، وإن وافق مجلس الوزراء على بنوده، التي لا تزال قابلة للتعديلات والتأويلات.

ويقول مصدر مالي لـ «نداء الوطن» إنه «حتى لو لم يقرّ قانون الفجوة المالية أو الانتظام المالي قبل عودة فريق صندوق النقد إلى لبنان، جلّ ما يهمّ الصندوق أن العمل والتنسيق معه على قدم وساق والنقطة الأبرز استمرار الوفاق وعدم وجود خلافات بين أصحاب القرار اللبنانيين والانجرار إلى باب مسدود يحول دون إقرار القانون».

مصدر مطّلع على مسار المفاوضات بين الوزارات المعنية والصندوق، قال لـ «نداء الوطن» إن «زيارة وفد صندوق النقد تأتي في نطاق الزيارة الدولية لمتابعة البنود الإصلاحية المطلوبة من الدولة اللبنانية، أكثر من عرض أمور جديدة على طاولة النقاشات، مؤكّدًا أن الصندوق يقدّم المساعدة التقنية والفنيّة والدعم في أكثر من اتجاه».

فائض في الموازنةيساعد صندوق النقد الدولة اللبنانية بالدرجة الأولى على إعداد وتطبيق الموازنة مع تفادي أيّ عجز، مع الحرص على تحقيق بعض الفوائض حتى ولو كان بسيطًا. ويقول المصدر إن الدولة «تعتاد على أن تكون إيراداتها أعلى من نفقاتها في الموازنة. وهذه نقطة محوريّة أساسية، إذ إن الموازنة تعتبر هاجس صندوق النقد الأساسي لأن أيّ خلل يكون منبعه العجز في الموازنة ويجرّ معه مشاكل نقدية ومالية وحتى اقتصادية».

يولي الصندوق اهتمامًا خاصًا بالمسؤولية الملقاة على مصرف لبنان والدولة في ظلّ الأزمة المالية والنقدية الحالية. ووفق المادة 113 من قانون النقد والتسليف، يُقسّم الربح الصافي لمصرف لبنان بين الاحتياطي العام والخزينة، مع تغطية أي عجز من الاحتياطي أوّلًا، ثم من الخزينة إذا لم يكفِ الاحتياطي.

اعتراف الدولة بدينها مستبعد وأوضح المصدر أن تحديد التزامات الخزينة لدعم ورسملة مصرف لبنان مرتبط باستدامة الدين (Debt Sustainability)، سواء أكان هناك اعتراف رسمي بدين الدولة لمصلحة المصرف البالغ 16.5 مليار دولار أم لا، مشيرًا إلى أن الاعتراف بهذا الدين مستبعد لغياب سند قانوني رسميّ. ويؤكّد صندوق النقد أن أي دعم يجب أن يحقق فائضًا في الموازنة وأن يبقى حجم الدين العام إلى الناتج المحلي ضمن حدود مقبولة (حوالى 50 %) لضمان قدرة الدولة على خدمة الدين.

ويركّز صندوق النقد أيضًا على المسؤولية الملقاة على عاتق مصرف لبنان والدولة في ظلّ الأزمة المالية والنقدية التي تعيشها البلاد. فالمركزي ملتزم بالدولة والخزينة ملزمة برعايته، استنادًا إلى المادة 113 من قانون النقد والتسليف التي تنصّ على أن «الربح الصافي لمصرف لبنان يتألف من فائض الواردات على النفقات العامة والأعباء والاستهلاكات وسائر المؤونات. يُقيّد 50 % من هذا الربح الصافي في حساب المصرف المركزي يُدعى «الاحتياطي العام»، ويدفع 50 % إلى الخزينة. عندما يبلغ الاحتياطي العام نصف رأسمال المصرف، يُوزّع الربح الصافي بنسبة 20 % للاحتياطي العام و 80 % للخزينة. إذا كانت نتيجة سنة من السنين عجزًا، تُغطى الخسارة من الاحتياطي العام، وعند عدم وجود هذا الاحتياطي أو عدم كفايته، تُغطى الخسارة بدفعة موازية من الخزينة».

نضوج القرار السياسيإن أي معالجة للأزمة والنقدية والودائع يجب أن تتبع سلّم الأولويّات المحدّد للمسؤوليات وللخسائر، فلا تكون بداية تحميل الخسائر من المودعين بل من المصارف ومصرف لبنان. وفي هذا المجال، تستخدم عبارة تصحيح حجم الودائع في القطاع المصرفي (بدلًا من تحميل خسائر) من خلال اقتطاع ما يسمّى شوائب أو فوائد مرتفعة. وصندوق النقد لا يقبل أن يكون المودع أوّل الخاسرين بل آخر من يخسر وهذه مدرجة في سلّم تراتبية الالتزامات والخسائر المذكورة في قانون الإصلاح المالي الذي أقرّه مجلس النواب المعلّق تنفيذه إلى حين إصدار قانون الفجوة المالية.

في هذا الإطار، لا بدّ من الإشارة إلى أن صندوق النقد الدولي يدرس مع وزارتي الاقتصاد والمالية والحكومة ككلّ كيفية دعم الاقتصاد. فهدف مصرف لبنان والمودعين والدولة أن يخلق الاقتصاد فرص عمل لمواجهة متطلبات الحياة نوعًا ما. يبقى السؤال، هل سيحقّق الاقتصاد نموًا على مدى السنوات المقبلة ومتى سيعود إلى حجمه السابق الكبير، باعتبار أن حجمه اليوم صغير مقارنة مع إمكانية البلاد المحدودة؟

تلك التصحيحات والإصلاحات تحلّ تباعًا عندما ينضج القرار السياسي وتذلّل كلّ المعوّقات التي تحول دون تكبير حجم الاقتصاد، فتتوفّر متطلّبات إعادة الإعمار والنهوض وتحسين «شكل» القطاع العام من الرواتب والتسهيلات إلى التجهيزات والمعلوماتية التي تتطلّب مبالغ كبيرة.... فالتصحيح السياسي إذًا يجب أن يسبق التصحيح المالي فضلًا عن التصحيح الإداري والقضائي لبلوغ شاطئ التنمية الاقتصادية.

*المصدر: ام تي في | mtv.com.lb
اخبار لبنان على مدار الساعة

حقوق التأليف والنشر © 2025 موقع كل يوم

عنوان: Armenia, 8041, Yerevan
Nor Nork 3st Micro-District,

هاتف:

البريد الإلكتروني: admin@klyoum.com