شربل وسلام والشحيمي ناقشوا الشرق الأوسط الجديد وتعامُل لبنان معه: من لا يواكب التحوُّلات ويمتلك رؤية استراتيجية سيكون خارج التاريخ
klyoum.com
أخر اخبار لبنان:
انتقاد مصرفي لتدخلات صندوق النقداللواء - رامي ضاهر
نظم نادي كترمايا الثقافي الاجتماعي ندوة سياسية تحت عنوان: «الشرق الأوسط الجديد ومَواطِن النفوذ والقوة المتغيرة بين الدول وكيف سيتعامل لبنان مع الأحداث»، وذلك في خلية مسجد كترمايا، تحدث فيها كُلٌّ من: وزير الداخلية والبلديات الأسبق العميد مروان شربل، ورئيس تحرير جريدة اللواء الصحافي صلاح سلام، والخبير القانوني في المفوضية الأوروبية، الدكتور محيي الدين الشحيمي. في حضور عدد كبير من الشخصيات السياسية والدبلوماسية والأكاديمية.
شربل
افتتحت الندوة بالنشيد الوطني وترحيب من رئيس النادي محمود يونس، ثم تحدث الوزير شربل معرفاً بمصطلح «الشرق الأوسط الجديد» باعتباره تحديداً لمنطقة الشرق الأوسط بملامح جديدة متوافِقة مع أيديولوجيات وأهداف ومصالح حديثة تدعمها قوى عسكرية واقتصادية تستطيع تشكيل خريطة جديدة للمنطقة، كبديل للخريطة القديمة التي شكلتها فرنسا وبريطانيا في بداية القرن العشرين.
واستعرض شربل تاريخ ظهور هذا المصطلح بعد الحرب العالمية الثانية كتصوُّر جيوسياسي عربي لرسم حدود النفوذ، وارتباطه لاحقًا بالحروب عامي 1967 و1972، الثورة الإيرانية 1979، انهيار الاتحاد السوفياتي 1991، غزو العراق، حتى العام 2006، مع رؤية الرئيس الأميركي بوش حول مستقبل الشرق الأوسط الجديد.
وأشار إلى أن «ولادة هذا الشرق الجديد مرتبطة بإرادة القوى الكبرى ومدى قابلية شعوب المنطقة للتكيُّف أو المقاومة»، مؤكداً أن «الشرق الأوسط يبقى أولوية استراتيجية لاحتوائه على عقدة مواصلات بين آسيا وأفريقيا وأوروبا، وثروات هائلة، وبؤرة نزاع إسرائيلي- فلسطيني لم يحل بعد، بالإضافة إلى كونه مفترق طرق في صراع الحضارات والديانات، مع مصالح كبيرة لكل من الصين وروسيا وأميركا وأوروبا».
وأكد أن «لبنان يمثل نقطة توازن بين الشرق والغرب، وأي تغيُّر في الإقليم ينعكس عليه، فهو يختصر الشرق الأوسط الجديد، وأي شرق أوسط جديد لن يكتمل من دون لبنان جديد، مضيفًا أن لبنان يتأرجح بين أن يكون جسراً للتواصل بين الشرق والغرب أو ساحة صراع بالوكالة».
وختم شربل حديثه بالإشارة إلى أن «أميركا بدأت فعلياً بتقسيم هذا الشرق عبر علاقات إسرائيل مع بعض الدول العربية تشمل التعاون الاقتصادي والتكنولوجي».
سلام
من جهته، اعتبر رئيس تحرير جريدة «اللواء»، صلاح سلام أن «نحن اليوم في زمن تُعاد فيه صياغة الخرائط السياسية والاقتصادية والعسكرية للشرق الأوسط، حيث تهاوت ما يُسمى بثوابت المنطقة أمام عواصف التحولات الكبرى من حروب واتفاقيات وتحالفات، وصراعات على الطاقة والممرات والموانئ. ففي هذا الشرق الجديد لم تعد القوة تُقاس فقط بعدد الصواريخ والدبابات، بل بقدرة الدول على التكيف مع المتغيرات، واستثمار مواقعها وثرواتها، وحماية وحدتها الداخلية».
وأشار سلام إلى أن «لبنان يقف عند مفترق طرق، فإما أن يظل ساحة صراع إقليمي يقرر الآخرون مصيره، أو أن يتحول إلى لاعب متوازن يستثمر موقعه الجغرافي، وثرواته البحرية، ومجتمعه المتعدد ليكون جسراً بين الشرق والغرب، وبين الشمال والجنوب».
واستعرض سلام ملامح الشرق الأوسط الجديد بدءًا من الاحتلال الأميركي للعراق في العام 2003، مروراً بالربيع العربي 2011، واتفاقات التطبيع العربية-الإسرائيلية، والتحولات الطاقوية مع اكتشافات الغاز في شرق المتوسط، وصولاً إلى الصعود التركي والإيراني والإسرائيلي كلاعبين إقليميِّين نافذين، ثم الحرب الإسرائيلية على غزة، وسقوط نظام الأسد، والحرب الأميركية- الإسرائيلية على إيران، وصولاً إلى التحولات العالمية مع تشديد الهيمنة الأميركية المطلقة بعد وصول الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض، وأخيراً فرض البيت الأبيض خطة إنهاء الحرب في غزة على نتنياهو.
وتوقف سلام عند حدثين كبيرين أضافا أبعاداً استراتيجية مهمة وأحدثا تغييرات في موازين القوى الإقليمية، وهما: الغارة الإسرائيلية على الدوحة، والتي تجاوزت الخطوط الحمراء، والاتفاق العسكري الاستراتيجي بين المملكة العربية السعودية وباكستان، الذي قلب قواعد اللعبة في المنطقة.
كما تناول سلام مراكز القوة الجديدة في المنطقة، والتي تتمثل في تركيا وإسرائيل والدول العربية الخليجية، إلى جانب القوى الدولية مثل الولايات المتحدة الأميركية وروسيا والصين.
وتطرَّق كذلك إلى انعكاسات هذه التحولات على لبنان، على الصعيدين الأمني والعسكري، وعلى الصعيد الاقتصادي والطاقة، بالإضافة إلى الوضع الداخلي والدبلوماسية اللبنانية.
وأكد سلام أن أمام لبنان مجموعة من الخيارات الاستراتيجية للتعامل مع الشرق الأوسط الجديد، أولها تثبيت السلم الأهلي ومنع الانزلاق إلى الفوضى أو الحرب الأهلية، وثانيها الحفاظ على حياده واستعادة فكرة «لبنان وطن الرسالة» و«الحياد الإيجابي»، إضافة إلى استثمار ثروته من الغاز، وتفعيل الدبلوماسية الاقتصادية، وإصلاح النظام السياسي.
وعرض سلام عدداً من السيناريوهات المحتملة للبنان، منها: سيناريو الانهيار المستمر، وسيناريو التسوية الداخلية، وسيناريو التدويل.
وختم مداخلته بالقول إن «الشرق الأوسط الجديد ليس شعاراً فارغاً، بل حقيقة تتجلى أمامنا يوماً بعد يوم، حيث تتغير موازين القوى بسرعة، ويُعاد رسم التحالفات بمرونة مذهلة. الدول التي لا تعرف كيف تواكب هذه التحولات، ولا تمتلك رؤية استراتيجية، تجد نفسها خارج التاريخ. لبنان لا يملك رفاهية البقاء متفرجاً، وعليه أن يحسن خياراته. وإذا اتفق اللبنانيون على مشروع وطني جامع، يمكن للبنان أن يتحول من ساحة أزمات إلى واحة استقرار ونمو، أما إذا ظلوا أسرى الانقسامات، فإن الشرق الأوسط الجديد سيمر فوقهم، تاركاً لبنان على هامش التاريخ».
الشحيمي
وتحدث الدكتور محيي الدين الشحيمي عن الشرق الأوسط وتغيراته منذ مؤتمر لندن، الذي سبق مؤتمر بال في سويسرا، مشيراً إلى أن «المنطقة كانت دائماً بين المتجذّر والمتخثّر، بين المؤثّر والمتأثر، ودائم التغيير من حيث مناطق القوة وقواعد النفوذ والديمغرافيا»، مشيراً إلى أن «التخطيط لقيام وإنشاء الكيان الإسرائيلي بدأ في تلك الفترة».
ولفت الشحيمي إلى أن المنطقة الشرق أوسطية تعيش منذ ذلك الوقت دورة معاكسة في العملانية السياسية، مع تقلبات متواصلة في الشؤون الدولية، وصولاً إلى مؤتمر حل الدولتين، الذي اعتبره «الشوكة في خاصرة الرؤية الصهيونية»، مع تشكّل رؤية عربية دولية بزخم غير مسبوق وكفاءة ونوعية أداء دبلوماسي سعودي شملت غالبية المجتمع الدولي، مما وضع الولايات المتحدة وإسرائيل في عزلة على المستوى الدبلوماسي، في حين كانت جميع دول العالم تقريبا تؤيد قيام الدولة الفلسطينية، باستثناء أميركا والكيان الإسرائيلي الغاصب والمحتل.
وأضاف الشحيمي أن «على الدول أن تقرأ المشهد جيداً وتقرِّر خطواتها بدقة»، موضحاً أن «الدول اليوم تنفذ كل كفاءة الخطوة المعاكسة لوعد بلفور الذي لم ينفذ بالكامل، والذي نص على حق الشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية لتقرير مصيره وإقامة دولته على طريقته».
وأكد أن «الحراكية الفلسطينية تواجه الطموحات الإسرائيلية التي تسعى لابتلاع كل فلسطين»، مشددا على أنه «لا شرق أوسط جديد دون دولة فلسطينية مستقلة، مع توجُّه الشرق الأوسط نحو دول وطنية تحارب الطائفية بامتياز»، وتؤكد «أحادية السلطة والقرار، ولا مجال للحكم الموازي، وهذا يمثل جوهر الفكرة العربية».
واختُتمت الندوة بمداخلات من الحضور، وأجاب المحاضرون على أسئلتهم.