اخبار لبنان

ام تي في

سياسة

السيّد: مكافحة عمل الأطفال تتطلب حماية الأسر وتعزيز نظم الرعاية الاجتماعية

السيّد: مكافحة عمل الأطفال تتطلب حماية الأسر وتعزيز نظم الرعاية الاجتماعية

klyoum.com

شاركت وزيرة الشؤون الاجتماعية حنين السيّد، في أعمال المؤتمر العربي رفيع المستوى حول عمل الأطفال وسياسات الحماية الاجتماعية الذي انعقد في القاهرة بمشاركة ممثل عن وزير العمل الدكتور محمد حيدر، وزراء عرب، ممثلي منظمات إقليمية ودولية، وخبراء في مجالات الطفولة والحماية الاجتماعية.

ويؤكد المؤتمر أهمية وضع قضية عمل الأطفال في صلب النقاش العربي، خصوصاً في ظل ارتفاع مؤشرات الفقر والبطالة، وتراجع القدرة على تأمين الخدمات الأساسية في عدد من الدول، ما أدى إلى تفاقم الظواهر المرتبطة بخروج الأطفال من المدرسة وانخراطهم المبكر في سوق العمل.

و اعتبرت الوزيرة السيّد أن عمل الأطفال هو مرآة لمدى قدرتنا كدول عربية على حماية الفئات الأكثر هشاشة، مؤكدة أن مواجهة هذه الظاهرة لا تقتصر على حماية الطفل فقط، بل تشمل دعم الأسر وتعزيز نظم الحماية الاجتماعية والاقتصادية.

كما شدّدت على أن الأزمة الاقتصادية في لبنان كشفت حجم المخاطر التي تهدد الأطفال، حيث بلغ معدل الفقر بينهم ٥٥٪، وهو ما يتطلب تعزيز حماية الطفل عبر إدارة الحالات، تطوير أنظمة الإحالة، الدعم النفسي والاجتماعي والصحي، تحديث التشريعات، والشراكات الوطنية والدولية، ضمن الاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية.

وأكدت أهمية العمل العربي المشترك لإرساء رؤية إقليمية تربط بين التعليم والحماية الاجتماعية وسياسات الحد من الفقر، واعتبرت أن القمة العربية حول عمل الأطفال في المغرب عام 2026 تشكل فرصة عملية لتحويل الالتزامات إلى خطط تنفيذية واضحة.

وفيما يلي نص كلمة وزيرة الشؤون الاجتماعية في المؤتمر: يسعدني ويشرّفني أن أكون اليوم حاضرة في هذا المؤتمرِ الذي يضعُ قضيّةَ عملِ الأطفالِ في صُلبِ نقاشاتِنا الاجتماعيّةِ والاقتصاديّةِ. فهذه القضيّةُ ليست تفصيلًا، بل مرآةً لمدى قدرتِنا كدولٍ عربيّةٍ على حمايةِ الفئاتِ الأكثرِ هشاشةً وسطَ أزماتٍ متراكمةٍ تضربُ مجتمعاتِنا.

إنَّ الطفلَ الذي يُدفَعُ إلى سوقِ العملِ يفقدُ أكثرَ من مقعدِهِ الدراسيِّ؛ يفقدُ طفولتَهُ، وأمانَهُ، ومسارَهُ الطبيعيَّ للنموِّ. يدخلُ إلى عالمٍ لا يراهُ كإنسانٍ في طَوْرِ التكوينِ، بل كقوّةِ عملٍ رخيصةٍ، مُعرَّضًا للاستغلالِ ولساعاتِ عملٍ قاسيةٍ ولبيئاتٍ خطرةٍ تُهدِّدُ صحّتَهُ وكرامتَهُ ومستقبلَهُ. ومع طولِ البقاءِ خارجَ المدرسةِ تتّسعُ دائرةُ الهشاشةِ وقد تتطوّرُ إلى ندوبٍ نفسيّةٍ واجتماعيّةٍ يصعُبُ التخلّصُ منها.

ولا يمكنُ فصلُ هذه الظاهرةِ عن واقعِنا العربيِّ؛ فالفقرُ وغيابُ شبكاتِ الحمايةِ الاجتماعيّةِ الفعّالةِ وارتفاعُ البطالةِ وتراجُعُ الخدماتِ الأساسيّةِ، إضافةً إلى تأثيراتِ النزوحِ والنزاعاتِ في بعضِ الدولِ، كلُّها عواملُ دفعت آلافَ الأطفالِ إلى الشوارعِ والمزارعِ والورشِ، وأحيانًا إلى أسوأِ أشكالِ الاستغلالِ.

لقد وضعتِ الاتفاقيّاتُ الدوليّةُ، من اتفاقيّةِ حقوقِ الطفلِ إلى اتفاقيّتَيِ منظمةِ العملِ الدوليّةِ حول أسوأِ أشكالِ عملِ الأطفالِ، مسؤولياتٍ واضحةً على الحكوماتِ، لكنَّ التحدّي الحقيقيَّ لا يكمنُ في الالتزاماتِ، بل في ترجمتِها إلى سياساتٍ قابلةٍ للتطبيقِ.

وفي لبنانَ، كشفتِ الأزمةُ الاقتصاديّةُ حجمَ المخاطرِ التي يواجهُها الأطفالُ. وتشيرُ الأرقامُ الوطنيّةُ إلى واقعٍ يبعثُ على القلق؛ فمعدّلُ الفقرِ بين الأطفالِ بلغَ ٥٥٪، مقارنةً بـ ٣٣٪ على مستوى اللبنانيين عمومًا، وهو فارقٌ خطيرٌ يكشفُ حجمَ الهشاشةِ التي تضربُ الطفولةَ في لبنان. لذلك عملتْ وزارةُ الشؤونِ الاجتماعيّةِ على إعادةِ بناءِ منظومةِ حمايةِ الطفلِ عبرَ:

• تفعيلِ إدارةِ الحالاتِ في كلِّ المناطقِ،

• تطويرِ أنظمةِ الإحالةِ مع الوزاراتِ المعنيّةِ،

• إطلاقِ برامجٍ للدعمِ النفسيِّ والاجتماعيِّ والصحيِّ،

• تطويرِ التشريعاتِ ومنها تعديلُ قانونِ حمايةِ الأحداثِ،

• وتعزيزِ الشراكاتِ الوطنيّةِ والدوليّةِ ضمنَ الاستراتيجيةِ الوطنيّةِ للحمايةِ الاجتماعيّةِ.

لكنَّ هذه الجهودَ، رغمَ أهميّتِها، ليست كافيةً إذا لم تُربَط بسياساتٍ اقتصاديّةٍ تُخفّفُ من الفقرِ وتُعيدُ الأطفالَ إلى المدرسةِ وتَدعمُ الأسرَ. فمكافحةُ عملِ الأطفالِ تبدأُ من تعزيزِ صمودِ العائلاتِ بقدْرِ ما تبدأُ من التفتيشِ والمراقبةِ.

ومن هنا تبرزُ الحاجةُ إلى رؤيةٍ عربيّةٍ مشتركةٍ تربطُ بين التعليمِ والحمايةِ الاجتماعيّةِ وسياساتِ الفقرِ، وتضعُ المجتمعاتِ المحليّةِ في قلبِ المواجهةِ. والقمةُ العربيّةُ حولَ عملِ الأطفالِ في المغربِ عامَ 2026 فرصةٌ أساسيّةٌ لتحويلِ التزاماتِنا إلى آليّاتِ تعاونٍ ورصدٍ وتمويلٍ ذاتِ أثرٍ ملموسٍ.

إنَّ حمايةَ الطفلِ ليستْ مهمّةَ وزارةٍ واحدةٍ، بل معيارٌ لجدّيةِ الدولِ في حمايةِ مستقبلِها.

وكلُّ طفلٍ نُعيدُهُ إلى المدرسةِ هو دليلٌ على قدرتِنا على إعادةِ بناءِ ما تهدّمَ، وعلى أنَّ الكرامةَ الإنسانيّةَ ما زالتْ أساسَ سياساتِنا.

*المصدر: ام تي في | mtv.com.lb
اخبار لبنان على مدار الساعة