أحداث دامية في العباسية وقرارات رادعة من الاتحاد
klyoum.com
لم تكن مباراة «الرياضي العباسية» وضيفه نادي البرج في الدوري اللبناني للدرجة الأولى مجرد مواجهة كروية عادية، بل تحوّلت بعد صافرة النهاية إلى مشهد مأسوي هزّ الوسط الرياضي، بعدما اجتاحت جماهير غاضبة أرض الملعب، في واقعة عنف نادرة وخطيرة في الملاعب اللبنانية.
انتهت المباراة بفوز فريق البرج بهدف من دون رد، غير أن الأحداث الدراماتيكية بدأت بعد صافرة الحكم، حين تم فتح بوابات ملعب عباس ناصر، ما أدى إلى دخول عدد من جماهير النادي الخاسر إلى أرضية الميدان، وقيام بعضهم بالاعتداء على لاعبي نادي البرج باستخدام السكاكين والهراوات. وقد أسفرت هذه الاعتداءات عن إصابات متعددة في صفوف لاعبي الفريق الضيف، أبرزها وأخطرها كانت إصابة اللاعب محمد السباعي، المعروف بلقب «وارطان»، بطعنة سكين استدعت نقله بشكل عاجل إلى مستشفى جبل عامل لتلقي العلاج.
بيان البرج: «اعتداء مفاجئ وغير مبرر»
نادي البرج عبّر في بيان رسمي عن استنكاره الشديد لما جرى، مشيراً إلى أن الاعتداء كان «مفاجئاً وغير مبرر»، وحمّل ما حصل إلى فتح بوابات الملعب بعد المباراة بشكل غير طبيعي، ما سمح للجماهير باجتياح الأرض والاعتداء على اللاعبين. وأكد البيان أن «ما حدث لا يمكن اعتباره إلا اعتداءً مباشراً على لاعبي الفريق»، مشيراً إلى الطعنة الخطيرة التي تعرض لها السباعي، والإصابات التي لحقت بعدد من اللاعبين، مع الإشارة إلى غياب الحماية الأمنية داخل الملعب.
اعتذار من إدارة الرياضي العباسية
من جانبها، أصدرت إدارة نادي الرياضي العباسية بياناً أعربت فيه عن أسفها الشديد لما حدث، وقدمت اعتذاراً مباشراً إلى إدارة ولاعبي نادي البرج، وخصّت بالذكر رئيس النادي فادي ناصر، ومدير الفريق الكابتن عباس عطوي، والجهاز الفني المرافق، وجميع اللاعبين. وأشار البيان إلى أن العلاقة التي تربط الناديين هي علاقة احترام وود، وقد سبق أن طويت صفحة أي إشكال سابق بين الطرفين، حتى أن الأجواء قبل المباراة كانت إيجابية بين الإداريين واللاعبين. لكنّ الأمور خرجت عن السيطرة بعد النهاية، حيث وقعت الاعتداءات، وأصيب عدد من لاعبي وإداريي العباسية أثناء محاولتهم حماية أفراد فريق البرج. وأكدت إدارة «العباسية» رفضها القاطع لما وصفته بـ «العمل الجبان» الذي قام به بعض الموتورين من جمهور الفريق، مجددة الاعتذار من نادي البرج، متمنية السلامة للاعب المصاب، ومؤكدة أنها ستتابع القضية مع الاتحاد اللبناني والأجهزة الأمنية لتحديد المسؤوليات.
الاتحاد اللبناني يتحرك
أصدر الاتحاد اللبناني لكرة القدم حزمة من القرارات الانضباطية الصارمة، جاءت بمثابة رسالة واضحة بأن مثل هذه التصرفات لن تمر من دون محاسبة. وجاء في البيان الرسمي ما يلي:
- منع جمهور نادي الرياضي العباسية من حضور كافة المباريات المتبقية لفريقه في الموسم الحالي 2024-2025، استناداً إلى المادة 17-1 من نظام الانضباط.
- تغريم نادي الرياضي العباسية مبلغ 300 مليون ليرة لبنانية، وفق المادة 14-1 من نظام الانضباط.
- تحميل النادي كلفة علاج لاعبي نادي البرج، على أن يتم تحديد القيمة لاحقاً.
- تحميل النادي كلفة أضرار معدات تصوير الـ VAR، والتي بلغت 2500 دولار.
- استبعاد ملعب عباس ناصر من استضافة أي نشاطات أو مباريات تابعة للاتحاد.
- إيقاف اللاعب إدوارد أتاندا مباراة رسمية واحدة.
- إيقاف الإداري في النادي الرياضي العباسية عماد قاسم عن العمل الإداري ومنعه من دخول الأماكن المخصصة للجهاز الإداري والفني والمنصة الرئيسية لمدة خمس سنوات، بالإضافة إلى تغريمه مبلغ 500 مليون ليرة لبنانية.
الحادثة التي لا يجب أن تتكرر
ما حدث في العباسية لم يكن مجرد تجاوز جماهيري، بل حادثة عنف مروعة كادت تودي بحياة لاعب داخل أرض الملعب، وهو أمر يستوجب الوقوف عنده بجدية. وفيما كانت الكلمات والبيانات حاضرة، فإن الوقائع المؤلمة على الأرض تتطلب تحركاً فعلياً لإعادة الاعتبار للعبة التي يُفترض أن تجمع، لا أن تفرّق. بعيداً عن الاتهامات، تبدو الحاجة اليوم ملحة لمراجعة آليات التنظيم والتأمين في المباريات، وتطبيق الأنظمة من دون استثناء، لحماية اللعبة من الانزلاق نحو مشاهد لا تليق بملاعبنا.