لبنان يطلب من سوريا معلومات عن الاغتيالات السياسية
klyoum.com
كتب يوسف دياب في "الشرق الأوسط":
استكملت اللجنة القضائية اللبنانية – السورية، بحث الملفات العالقة بين البلدين، وعقدت اجتماعها الثاني في بيروت، الأربعاء، وخُصص للقضايا القانونية، أهمها ملف السجناء السوريين في لبنان، وقضية المفقودين اللبنانيين في السجون السورية، وإعادة النازحين إلى بلادهم.
لكنّ الجانب الأهم وغير المسبوق في النقاشات هو ما كشف عنه مسؤول لبناني لـ«الشرق الأوسط»، وهو أن الجانب اللبناني طلب من دمشق «تقديم معلومات حول الاغتيالات التي طالت قيادات سياسية ودينية وعسكرية وأمنية وإعلامية لبنانية، ويُشتبه بتورط النظام السوري السابق في ارتكابها». وأشار إلى أن الوفد اللبناني «سلّم نظيره السوري قائمة بالشخصيات التي جرى اغتيالها في ظلّ هيمنة نظام آل الأسد ولم تصل التحقيقات فيها إلى الكشف عن مرتكبيها».
وشهد لبنان في ظلّ الوصاية السورية اغتيالات طالت شخصيات كبيرة، وحامت الشبهات عن مسؤولية الأمن السوري عنها، ومنهم رؤساء للجمهورية مثل بشير الجميل ورينيه معوض، ورؤساء حكومات منهم رفيق الحريري، ورجال دين أبرزهم مفتي الجمهورية الشيخ حسن خالد والشيخ صبحي الصالح، وشخصيات عسكرية وأمنية تم اغتيالها خلال فترة الوصاية السورية وبعدها، بحكم أن النظام السابق كان له نفوذ في لبنان، واستهدفت تلك الاغتيالات رئيس العمليات في الجيش اللبناني العميد فرنسوا الحاج، ورئيس شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي اللواء وسام الحسن وغيرهم.
وقال المسؤول اللبناني الذي رفض ذكر اسمه: «طلبنا تزويدنا بكلّ ما تمتلكه الدولة السورية الجديدة برئاسة الرئيس أحمد الشرع من وثائق ومعلومات وأدلة عن هذه الاغتيالات التي شهدها لبنان، بدءاً من الزعيم الدرزي كمال جنبلاط، وصولاً إلى حادثة اغتيال الباحث لقمان سليم، وقد أبدى الجانب السوري تجاوبه بهذا الخصوص».
مسودة أولى
وتابعت اللجنة القانونية-القضائية المشتركة بين لبنان وسوريا عملها، وأفاد مكتب نائب رئيس الحكومة طارق متري بأن اللجنة «ناقشت مسودة أولى لاتفاقية التعاون القضائي بين البلدين»، كما «تم تبادل لوائح الموقوفين السوريين في لبنان، لا سيما الذين أُوقفوا بتهمة الانتماء إلى فصائل معارضة للنظام السابق والذين لم يرتكبوا جرائم في لبنان».
وحسب البيان، «أكد المجتمعون أهمية معالجة سريعة لعدد من الحالات والإسراع في إنجاز مشروع الاتفاقية الذي يضع الأسس القانونية لمعالجة شاملة لقضية السجناء والموقوفين السوريين في لبنان».
كما اجتمع وفدا الهيئتين الوطنيتين للمفقودين والمخفيين قسراً، وتبادلا المعلومات الأولية، واتفقا على وضع مذكرة تفاهم بينهما حول التشارك في جمع المعلومات المتوفرة لدى الدولتين والهيئتين والجمعيات المعنية والتعاون على صعيدي البحث عن المفقودين والمخفيين الأحياء وكشف الحقائق عن مصائر الآخرين.
لقاء وزارة العدل
ويشكّل اللقاء الذي عُقد في وزارة العدل اللبنانية في بيروت، نقطة تحوّل في العلاقات اللبنانية، لجهة مصارحة الجانبين بالملفات المعقدة التي كانت ممنوعة من البحث في ظلّ نظام الأسد، وأشار المسؤول اللبناني إلى أن الحوار الجديد «مبنيٌّ على الشفافية والثقة المتبادلة بين بيروت ودمشق، في ظلّ وضوح المطالب السورية، واستعداد القيادة الجديدة في دمشق للتعاون مع لبنان في الملفات التي تعنيه، وهو ما يسهم في إعادة ترتيب العلاقة مع الدولة السورية بما يراعي مصالح البلدين الشقيقين».
وحسب المعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط»، فإن الوفد السوري ضم ثلاثة قضاة عُرف منهم القاضيان خالد حمود ونمر النمير وقاضية شاركت لأول مرّة في اللقاءات، بالإضافة إلى ضابط برتبة عميد يمثل وزارة الداخلية السورية»، لافتاً إلى أن الوفد اللبناني «تمثّل بكلٍّ من مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي كلود غانم، ومسؤول ملفّ السجون في وزارة العدل اللبنانية القاضي رجا أبي نادر، والقاضية منى حنقير».
وأكدت مصادر مواكبة للاجتماع أنها «المرة الأولى التي يلمس لبنان جدّية من دمشق، وأن الوفد السوري بدا ممسكاً بالملفات التي يناقشها، ويناقشها بشكل علمي مع لبنان».
ملف المفقودين
ولا يزال ملف المفقودين اللبنانيين في السجون السورية القضية الأكثر تعقيداً في ظلّ المعلومات المتضاربة عن مصيرهم، والتي كانت سبباً في توتير العلاقة بين البلدين بعد انسحاب الجيش السوري من لبنان في ربيع عام 2005، حيث رفضت السلطات السورية الإفصاح عن معلومات كاملة أو تقديم إحصائيات دقيقة حول عدد المعتقلين اللبنانيين. وأوضحت المصادر المواكبة للاجتماع أن اللجنة اللبنانية أعادت طرح هذه المسألة بقوّة، مشيرةً إلى أن الجانب السوري «طلب تزويده بلائحة مفصلة بأسماء جميع المفقودين اللبنانيين، وما المعلومات التي كانت متوفرة للدولة اللبنانية أو لذوي المفقودين عن السجون السورية التي كانوا فيها؛ لتتبّع أثرهم والكشف عن مصيرهم»، لافتةً في الوقت نفسه إلى أن ملف السجناء السوريين «استأثر بجانب واسع من المحادثات، وتطرق الطرفان إلى إيجاد الآلية القانونية التي تسمح بترحيل سجناء إلى بلادهم، ومراجعة الاتفاقية القضائية المبرمة بين البلدين».
وعلى أهمية الملفات القضائية والقانونية، يولي الجانبان اهتماماً كبيراً للقضايا الأمنية، وهذا الأمر كان موضع نقاش في أول زيارة قام بها وفد سوري لبيروت، والتقى نائب رئيس الحكومة طارق متري، وجرى خلالها إعطاء الأولوية لضبط الحدود، لا سيما محاربة تهريب الكبتاغون من سوريا إلى لبنان، وأحياناً من لبنان إلى سوريا.