التقارب المصري الإيراني.. هذا تأثيره على المنطقة

في السادس من تشرين الأول 1981، كان المصريون يحتفلون بالذكرى الثامنة لعملية بدر، (بداية الحرب العربية الإسرائيلية عام 1973) باستعراض نصر في القاهرة. وبينما كانت القوات تسير عبر المنصة، هاجمت خلية في الجيش بقيادة الملازم خالد الإسلامبولي الرئيس المصري أنور السادات واغتالته في احتجاج قاتل على اتفاقيات كامب ديفيد عام 1978.

وبحسب موقع 'ريسبونسيبل ستايتكرافت' الأميركية، 'كان صنع السلام مع الدولة اليهودية، كما فعل السادات ، خطوة مثيرة للجدل أخرجت مصر بشكل أساسي من الصراع العربي الإسرائيلي وأثارت غضب مجموعة كبيرة من سكان البلاد والعالمين العربي والإسلامي الأوسع. وأُعدم إسلامبولي في العام التالي. في ذلك الوقت، أعلنت الحكومة الثورية الإيرانية الجديدة، بقيادة آية الله روح الله الخميني، إسلامبولي شهيدًا، وسمت أحد شوارع طهران باسمه. إن علاقة السادات الوثيقة بشاه إيران، فضلاً عن دعم القاهرة لبغداد في الحرب الإيرانية العراقية، ومعاهدة السلام المصرية مع إسرائيل، أعطت قيادة الجمهورية الإسلامية سببًا لتمجيد الإسلامبولي. منذ اغتيال السادات، كانت العلاقة بين القاهرة وطهران مضطربة وإن تخللتها فترات انفراج بين الحين والآخر'.

وأضاف الموقع، 'لكن يبدو أن مصر وإيران تدخلان فصلًا جديدًا في علاقاتهما اليوم. في الشهر الماضي، انتشرت أنباء عن خطط القاهرة وطهران المزعومة لتبادل السفراء في وقت لاحق من هذا العام إلى جانب ترتيب لقاء بين رئيسيهما. على الرغم من أن عدم الثقة والشك سيستمران على الأرجح في تشكيل العلاقات الثنائية، إلا أن الديناميكيات الإقليمية، جنبًا إلى جنب مع مصالحها الوطنية الخاصة، تشير إلى أن التقارب بين القاهرة وطهران قد يكون قاب قوسين أو أدنى. وبحسب تريتا بارسي، نائب الرئيس التنفيذي لمعهد كوينسي والخبير في الدبلوماسية الإيرانية، 'كانت هناك العديد من الجهود في الماضي لتطبيع العلاقات بين القاهرة وطهران، لكنها فشلت لأسباب متنوعة'. وأضاف: 'ولكن هذه المرة، بسبب التحولات الجيوسياسية في المنطقة، فإن تكلفة الحفاظ على حالة عدم التطبيع أعلى بكثير لكلا الجانبين، في حين أن الفوائد أكبر'.'

وتابع الموقع، 'إن تقليل الاحتكاك بين السعودية والإمارات من جهة وإيران من جهة أخرى يجعل التقارب المصري الإيراني أكثر احتمالية. وأوضح كينيث كاتزمان، زميل أول في مركز صوفان، أنه 'من الواضح أن مصر متحالفة إلى حد كبير مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. إن حقيقة أن دول الخليج تتواصل مع إيران تجعل من السهل على الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن يسير في نفس الاتجاه'. وأكد خليل العناني، الزميل الأول في المركز العربي بواشنطن، أن الانفراج السعودي الإيراني 'انعكس صدى في كل أنحاء المنطقة وخلق جوًا من التفاؤل لوقف تصعيد الصراعات في المنطقة لم يسبق له مثيل في العقد الماضي'. إذا تمكنت الرياض من تطبيع العلاقات مع طهران، فلا يوجد سبب يدعو الدول العربية الأخرى، بما في ذلك مصر، إلى أن تحذو حذوها. كما أن الانفراج المحتمل عززته عوامل جيوسياسية أخرى، مثل الحرب في أوكرانيا، فضلاً عن نفوذ موسكو وبكين المتزايد في الشرق الأوسط'.

الطاقة الدبلوماسية العمانية

وبحسب الموقع، 'انضمت عُمان، العضو الأكثر توازناً من الناحية الجيوسياسية في مجلس التعاون الخليجي، إلى العراق في الجهود الدبلوماسية لتسهيل التقارب المصري الإيراني. في الواقع، هذه ليست المرة الأولى التي يلعب فيها العمانيون دور الجسر هذا بين مصر وإيران. فقد سبق أن فعلت مسقط ذلك في عام 1991. وسلطت زيارات السلطان هيثم الشهر الماضي لكل من مصر وإيران الضوء على الأهمية التي توليها القيادة العمانية للتقارب بين البلدين. وخلال زيارة السلطان لإيران، نُقل عن المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي قوله إنه يرحب باستعادة العلاقات الدبلوماسية مع مصر'.

وتابع الموقع، 'طوال عام 2023، كانت عمان مشغولة بالعمل كجسر دبلوماسي بين مختلف الجهات الحكومية وغير الحكومية في المنطقة. وأحرزت مسقط تقدما كبيرا من حيث مساعدة المملكة العربية السعودية على الاقتراب أكثر من السلام مع تمرد الحوثيين في اليمن، كما وساهمت في الاتفاقية الدبلوماسية السعودية الإيرانية. ونشطت أيضًا في جهود الوساطة بين الخصمين منذ فترة طويلة البحرين وإيران'.

المصالح الوطنية لمصر وإيران

بحسب الموقع، 'من خلال تطبيع العلاقات، تأمل مصر أن تلعب إيران دور الوسيط في التأثير على حماس والجهاد الإسلامي في غزة. أما إيران، من جانبها، تريد تحسين علاقاتها مع المزيد من الدول في الشرق الأوسط. إن تحسين العلاقات مع القاهرة يمكن أن يساعد إيران على تقليل عزلتها النسبية في المنطقة، لا سيما في ضوء التقارب مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. إن العلاقات الودية مع مصر يمكن أن تساعد الإيرانيين في مواجهة الجهود الأميركية والإسرائيلية لحشد الدول العربية ضد الجمهورية الإسلامية، بينما تسهل أيضًا على طهران القول بأنه لا ينبغي معاملتها على أنها جهة فاعلة 'مارقة'.'

وتابع الموقع، 'وقال بارسي إنه 'منذ أن أدركت دول الشرق الأوسط تمامًا أن الولايات المتحدة لم تعد في وضع يمكنها من الحفاظ على هيمنتها العسكرية على المنطقة، شهدنا ازدهاراً في الدبلوماسية داخل المنطقة منذ أن أصبح استمرار النزاعات مكلفًا للغاية بينما ظهر حل التوترات من خلال الدبلوماسية كسياسة مثالية لمعظم الدول'.

وختم بالقول: 'تشهد المنطقة شعورًا جديدًا بالثقة حيث تعيد اكتشاف وكالتها الخاصة. وقد يتم تسوية توازن جديد للمنطقة في الأشهر المقبلة، وتستفيد كل من مصر وإيران من تعظيم قدرتهما على المناورة من خلال اتباع شروط الحوار'.