اخبار لبنان
موقع كل يوم -النشرة
نشر بتاريخ: ١٢ تشرين الثاني ٢٠٢٥
أشار رئيس جمعية 'عدل ورحمة' الاختصاصي في راعوية الزواج والعائلة الأب الدكتور نجيب بعقليني في بيان، الى ان 'العائلةُ اللبنانيَّة تستعد لاستقبال حدث وطني وكنسي وروحي ضخم، هو زيارة قداسة البابا لاون الرابع عشر إلى لبنان، زيارة تعيد الرجاء والأمل إلى بلدٍ أنهكته الحُروب والأزمات والصِّراعات، وتفتحُ أمام المؤمنين بالخالق نافذةَ رجاءٍ في زمنٍ يشتدُّ فيه العُنف والشرّ والظلام. إنها لحظةٌ تصِلُ إلى عُمق الواقِع الإنساني والعائلي الذي يعيشُه اللبنانيُّون منذ سنوات طويلة'.
واوضح بان 'الواقع يُظهر معاناة بعض العائلات من جراح من بينها الشرذمة والانقساماتٌ: ماديَّة، نفسيَّة، سياسيَّة، دينيَّة، وحتى رقميَّة، إذ باتت الشاشات ووسائل التواصل الاجتماعي تفصل بين القلوب أكثر مما تجمع بينها. في ظلّ هذا التفكُّك، تأتي زيارة البابا بمثابة نِداء عاجل إلى لمّ الشَّمل وإعادة بناء جُسور التواصُل داخِل العائلة. بالطبع، الأملُ لا يغيبُ، رُغم سيطرة التوتُّر الذي يُثقل القلوب ويُربك العلاقات، ما دامت هناك إرادة للبحث عن حُلول تُعيد التوازن إلى العائلة والمُجتمع. لا بدّ من الغوص في عُمق الأزمة ومعالجتها، لا التعامُل معها بسطحيَّة، للخُروج من دوّامة التملمُل والدونيَّة والانزواء والتغرُّب، وإحياء روح المُشاركة والتضامُن والاحترام المُتبادل بين أفراد العائلة والمُجتمع على حدّ سواء'.
واضاف: 'تعتبر الكنيسة أن العائلة، هي 'كنيسة بيتيَّة'، أي المكان الأول الذي يُعلِّم الإيمان ويزرع بذور المحبَّة والرَّجاء. لكن عندما تضعف روابط الحِوار، يتصدَّع هذا البيت الروحي. من هنا، تبرز أهميّة تفعيل الوساطة الراعويّة، التي تقوم على مرافقة الأشخاص أو الأزواج أو العائلات في حالات الخلاف أو الأزمات، بهدف تحقيق المصالحة وتعزيز الحوار واستعادة التواصل، بعيدًا عن العنف والقطيعة واللجوء السريع إلى القضاء. تعتبر الوساطة العائلية كأداة إنقاذ لا إلغاء الخلافات، بل إدارتها بروح المحبَّة والاحترام. من شأن الحوار الصَّادق والوساطة البنّاءة التخفيف من حدَّة الصِّراعات ومنع تراكُم الجراح والآلام التي تترُك آثارًا سلبيَّة على صورة العائلة اللبنانيَّة، خُصوصًا الأولاد الذين يتحمَّلون عبء الخِلافات بصمتٍ وألم'.
وتابع : 'زيارة البابا، إذاً، ليست مُناسبة احتفاليَّة فحسب، بل محطّة مُساءلة ضميريَّة لكلّ عائلة: أين نحن من القِيم الإنسانيَّة النابعة من قِيم الإنجيل القائمة على الغُفران والمُصالحة؟ هل ما زال بيتنا مُنفتحًا على عطايا الخالق ونِعمِه أم أصبح أسير الجُدران الباردة والوجوه المُتعبة؟ لا يأتي البابا ليبارك الأرض والناس فحسب، بل ليوقظ فينا الوعي الروحي والإنساني، وليذكّرنا بأنّ نموَّ العائلة وتطوُّرَها يبدآن من داخِلها، من الكلمة الطيِّبة، والمُعاملة الحسنة، والنَّظرة الرحيمة، والقُدرة على الإصغاء المُتبادل. أوليس التحضير الفعَّال للِقاء الحبر الأعظم يبدأ من البيت، من جَلسة مُصالحة، من صلاة مُشتركة تجمَعُ أفراد الأُسرة، من قرار بسيط بمنحُ الآخر فُرصةً جديدةً؟'.
وختم: 'يحملُ البابا معه رسالة محبَّة وسلام، لكنّ تطبيقها يبدأ منّا نحن، من وعينا الجماعي بأنّ العائلة ليست مسرحَ صِراع بل مدرسة عطاء، ومكان حياة مُشتركة مجبولة بالمحبَّة. فلنجعل من زيارة البابا بداية مسيرة شِفاء عائليَّة ووطنيَّة، ولنسمَح للمبادئ المُنبثقة من الإنجيل أن تُعيد إلينا الفرح الضائع بين الهُموم والإحباط والخوف والانقسامات. لبنان المُتميّز بتعدُّد طوائفه و'تعايشها' ( العيش معًا) مع بعضها البعض ودفاعها عن أرضه، مدعوّ اليوم إلى أن يُعيدَ للعائلة مكانتَها، وأن يقدّم للعالم شَهادة رجاءٍ بأنّ المُصالحة مُمكنة، والمحبَّة أقوى من كلّ ألم'.











































































